سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الوطن» ترصد من «واشنطن»: «شطرنج الدم» بين «أوباما» و«بوتين» فى أوكرانيا ومصر وسوريا الإعلام الأمريكى ينحاز ضد الرئيس الروسى.. و«سى إن إن»: «بوتين» أفسد سيناريو «أوباما» ودعم ترشح «السيسى» للرئاسة
سيطر ملف الأزمة الأوكرانية الراهنة وما يحمله من مواجهة مرتقبة مع روسيا الاتحادية على كل المجريات السياسية والإعلامية والبحثية فى الولاياتالمتحدة، على نحو ما رصدته «الوطن»، فضلاً عن التحركات السياسية الحالية فى الأممالمتحدة، فقد نشرت «سى إن إن» تحليلاً بعنوان «أمريكاوروسيا ولعبة الشطرنج والدم فى مصر وسورياوأوكرانيا»، جاء فيه أن «رغبة بوتين فى الحفاظ على نفوذه بمنطقة الشرق الأوسط لا تنحصر على سوريا فحسب، فقد التقى وزير الدفاع المصرى المشير عبدالفتاح السيسى، وأيّد ترشحه لرئاسة مصر، فيما علقت أمريكا جانباً من المساعدات العسكرية لمصر». وعلى المستوى الرئاسى أعلن البيت الأبيض عن اتصال هاتفى استمر نحو الساعة ونصف الساعة بين الرئيس الأمريكى باراك أوباما ونظيره الروسى فلاديمر بوتين، أعرب خلاله الرئيس الأمريكى عن قلقه العميق إزاء ما سماه انتهاك روسيا للسيادة الأوكرانية بما يعد خرقاً للقانون الدولى والمواثيق الدولية، بما فيها التزامات روسيا تجاه ميثاق الأممالمتحدة، مؤكداً إدانة الولاياتالمتحدة للتدخل العسكرى الروسى فى أوكرانيا. وطالب أوباما بسحب القوات الروسية إلى قواعدها فى شبه جزيرة القرم، ونزع فتيل التوتر وعدم التدخل فى أى بقعة أخرى من الأراضى الأوكرانية، وأعرب أوباما عن تفهمه واعترافه بعمق العلاقات الثقافية والتاريخية التى تجمع بين روسياوأوكرانيا وأن الجميع يطالبون بحماية حقوق الأقليات داخل أوكرانيا بما فيها الأقليات الروسية، وتم التأكيد على الحكومة الأوكرانية بالالتزام بهذا الأمر من باب مسئولياتها تجاه جميع المواطنين الأوكرانيين وأن واشنطن ستستمر فى حث الحكومة الأوكرانية على ذلك. وحسب بيان البيت الأبيض، فإن أوباما اقترح على الرئيس الروسى معالجة الأزمة سلمياً من خلال إيفاد مراقبين من روسيا ضمن بعثة مراقبين دولية إلى أوكرانيا تحت رعاية مجلس الأمن الدولى ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبى، وبدء حوار فورى بين روسيا والحكومة الأوكرانية، موضحاً أن روسيا من خلال مشاركتها مع فريق المراقبين الدوليين قد تبدد مخاوفها بشأن معاملة الأقليات الروسية فى أوكرانيا. ووفقاً للبيان، فإن أوباما وجّه تحذيراً إلى نظيره الروسى بأنه فى حال استمرار انتهاك روسيا للسيادة الأوكرانية فإن موسكو قد تواجه عزلة دولية واقتصادية، وأن واشنطن مستمرة فى دعمها للحكومة الأوكرانية وتواصل العمل مع الشركاء فى المجتمع الدولى وحلف شمال الأطلسى ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية لضمان حق الشعب الأوكرانى فى تحديد مستقبله، منوهاً إلى أن صندوق النقد الدولى سيوفر الاستقرار المالى المطلوب لمساعدة أوكرانيا على إجراء الانتخابات الديمقراطية. وفى المقابل، وحسب نص البيان الصادر عن الكرملين، فإن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين شدد على حق بلاده فى الدفاع عن مصالحها، وأنه إذا استمر انتشار العنف فى منطقة القرم والمناطق الشرقية، فإن لموسكو الحق فى التدخل للدفاع عن المواطنين الناطقين باللغة الروسية. وفيما يتعلق بمجلس الأمن، تلقت «الوطن» نسخة من خطاب مندوب أوكرانيا لدى الأممالمتحدة، الذى طالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث التطورات الراهنة، وهى الجلسة التى انتهت بتأكيد أعضاء مجلس الأمن على سيادة أوكرانيا، وامتنع خلالها كل من مندوبى الصينوروسيا من إلقاء أى كلمات. ومن جانبها، توقعت مصادر دبلوماسية فى تصريحات ل«الوطن» أنه فى حال لم تسفر جهود الوساطة التى يقوم بها مستشار السكرتير العام للأمم المتحدة «روبرت سرى» بنتائج ملموسة، فإن باب التصعيد داخل الأممالمتحدة والمجتمع الدولى فى مواجهة روسيا سيكون مفتوحاً على مصراعيه. وعلى الصعيد الإعلامى، انحاز الإعلام الأمريكى بكل اتجاهاته إلى الحكومة الأوكرانية وتعرّض الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى انتقادات إعلامية عنيفة، واستضافت فضائية «إن بى سى» الأمريكية وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، الذى أكد أن الشركات الروسية قد تجمد أرصدتها، فضلاً عن فقدان روسيا عضويتها فى مجموعة الثمانى، محذراً من فرض عقوبات دولية وعزلة اقتصادية على موسكو فى حال عدم تراجعها عن التدخل فى أوكرانيا. وقالت الصحفية الأمريكية فيريدا جيتس المتخصصة فى الشئون الدولية بصحيفة «ميامى هيرالد» ومؤلفة كتاب «نهاية الثورة» إن المخاطر جسيمة، لأن القرم نقطة اشتعال، فإن انفرطت أوكرانيا فستكون البداية من هناك، فى شبه الجزيرة الصغيرة التى لعبت على الدوام دوراً يتجاوز حجمها عبر التاريخ، فإذا قررت روسيا التدخل العسكرى، فمبرراتها وأهدافها ستكون القرم، وعلى الحكومة الأوكرانية الجديدة الانتباه حيال كيفية التعامل مع مخاوف الشعب القرمى ووضع هذه المنطقة من البلاد، وفى الوقت نفسه، على أمريكا وأوروبا لعب دور بناء، بضمان تفهم روسيا أن الوضع يمكن حله دون أى تدخل عسكرى، وأن وحدة أوكرانيا لن تنفرط. وتابعت: «أوكرانيا بأكملها يجمعها تاريخ مع روسيا، فهى دولة يتحدث الملايين من مواطنيها اللغة الروسية، ولكن فى إقليم القرم، موطن العديد من النزاعات المحلية، وتحديداً توزيعها فيما يتعلق بروسيا، هناك تضخيم، فأغلبية السكان من أصول روسية والبقية من عرقيات أوكرانية وتتار، والكثير من ذوى الأصول الروسية يرتبطون بتحالف قوى مع موسكو، فيما ترى فئة أخرى أنه على الإقليم الاستقلال عن كل من كييف وموسكو، ويدعم فريق آخر الانضواء تحت الجمهورية الروسية. وأضافت الكاتبة الأمريكية أن «الخطر يكمن فى أن روسيا ستستخدم الأوكرانيين الناطقين بالروسية كذريعة لتحقيق أهدافها الأخرى، وسبق أن فعلت ذلك بغزوها جمهورية جورجيا فى 2008، وقامت بالاعتراف رسمياً بالمناطق المنفصلة كدول مستقلة». وتتابع: «وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، أكد أن موسكو ستدافع وب(تصلب) عن الأوكرانيين الروس، وفى ذات الوقت أمر الرئيس فلاديمير بوتين، بإجراء تدريبات عسكرية على الحدود الأوكرانية واستنفار 150 ألف جندى، ونقلت وكالة (إنترفاكس) الرسمية عن وزارة الدفاع أن هناك دوريات جوية يجرى القيام بها على الحدود، ويعتقد بوجود قرابة 26 ألف جندى روسى فى سيفاستوبول، وحذرت الحكومة الأوكرانية الجديدة موسكو بأن مغادرة تلك القوات لقواعدها سينظر إليها باعتبارها عدواناً عسكرياً». وأكدت الصحفية الأمريكية أن «الدراما ما زالت فصولها تتكشف، من الاستيلاء على مقار حكومية واستنفار القوات العسكرية، والتصريحات المتصلبة، أثارت مخاوف دول الجوار، ووزير الخارجية البولندى، رادوسلو سيكورسكى، وصف الوضع بأنه (لعبة خطرة للغاية)، محذراً بأنها على غرار الكيفية التى بدأت بها النزاعات الإقليمية، مضيفاً أن من الصعوبة تخيل أن لبوتين أى مصلحة ببدء حرب حول أوكرانيا، لكن أيضاً على الحكومة الجديدة فى كييف، تبنى خطوات تحول دون تقديم ذريعة لموسكو. فمن أجل مستقبل أوكرانيا، ينبغى أن تتضمن الحكومة الأوكرانية الجديدة العرقية الروسية ومنحهم حقوقاً متساوية، كما أن على أوكرانيا تقديم ضمانات لروسيا بأن عقد تأجير سيفاستوبول سيظل كما هو، ولن يتأثر بتغير الحكومة فى كييف، وهذه خطوات ينبغى دعمها بالكامل من الغرب. وعلى واشنطن والاتحاد الأوروبى التهدئة خلال محاولة إيضاح أن تفتيت أوكرانيا أمر غير مقبول، وسبق أن اتفقت أمريكاوروسيا على ذلك فى 1994، مقابل تخلى أوكرانيا عن أسلحتها النووية». وتابعت «جيتس» أن «الأزمة فى أوكرانيا والخلافات حولها معقدة، لكنها قابلة للحل، وإذا ما كانت هناك مساحة لدبلوماسية حكيمة وحاسمة وقوية، فالآن وقتها، فالمحتجون فى القرم، وكل من يدعمهم فى موسكو، عليهم فهم رسالة بأن القرم ستظل جزءاً من أوكرانيا». وفى السياق نفسه، نشرت «سى إن إن» تحليلاً تحت عنوان «أمريكاوروسيا لعبة الشطرنج والدم فى مصر وسورياوأوكرانيا»، جاء فيه أن الرئيسين الأمريكى والروسى، حاولا فى محادثة هاتفية الجمعة، إظهار أنهما يعملان معاً لأجل فرض الاستقرار فى أوكرانيا، كما غابت عن المكالمة الاتهامات التى تبادلها الطرفان، قبل نحو شهرين، بشأن مستقبل الدولة التى كانت ضمن دول الاتحاد السوفيتى سابقاً. وفى الوقت نفسه، تواصل إدارة الرئيس الأمريكى تفنيد تكهنات بشأن حرب باردة جديدة مع روسيا، غير أن ذلك يتضح أكثر وأكثر بالاحتجاجات من جانبهم، وبدا ذلك جلياً، من خلال مكالمة هاتفية، بين وزيرى الخارجية الأمريكى، جون كيرى، ونظيره الروسى، سيرجى لافروف، جرت يوم السبت بعد أنباء عن مغادرة الرئيس الأوكرانى، فيكتور يانوكوفيتش، العاصمة كييف، بُعيد ما وصف ب«الانقلاب». وقال «كيرى»، وحسبما نقلت وزارة الخارجية، إنهما اتفقا على ضرورة حل الأزمة السياسية الأوكرانية دون عنف، وشدد لنظيره الروسى، على ضرورة أن تعمل الدولتان على تشجيع أوكرانيا على التحرك صوب تغييرات دستورية. وبالمقابل، قال لافروف، إنه أعرب عن قلقه إزاء «جماعات متشددة خارجة عن القانون» ترفض إلقاء السلاح، وذكّر بمكالمة هاتفية جرت بين أوباما وبوتين، ودعا فيها الأخير أوباما لاستخدام كل السبل المتاحة لكبح التحركات الراديكالية غير المشروعة وتسوية الوضع على نحو سلمى، وفق ما نقلته وكالة «إيتار تاس» الروسية عن تغريدة أصدرتها وزارة الخارجية بموسكو. وأضاف التحليل، أنه فى ديسمبر الماضى انتقد «كيرى» أوكرانيا بحدة لرفضها اتفاقاً بزيادة حجم التبادل التجارى مع أوروبا. وشدد وزير الخارجية الأمريكى على أن بلاده غير منشغلة بمزايدة حول حرب باردة مع روسيا بشأن أوكرانيا أو أى من دول الاتحاد السوفيتى السابقة، وهى تصريحات تحمل ذات النبرة، صدرت عن واشنطن خلال الأشهر الأخيرة، آخرها من البيت الأبيض ذكّر فيه بأن الأزمة فى أوكرانيا ليست تذكيراً بالنزاعات بالوكالة إبان حقبة الحرب الباردة. وجاء آخر المواقف الأمريكية بشأن الأحداث فى كييف هذا الأسبوع على لسان أوباما، بالتأكيد على رؤيته للاختلافات بين واشنطنوموسكو حيال أوكرانياوسوريا قائلاً: «موقفنا هو ألا ننظر إلى هذه كلعبة شطرنج بالحرب الباردة فى منافسة مع روسيا، هدفنا هو ضمان بأن يتخذ الشعب الأوكرانى قراراته لتحديد مستقبله، وقدرة الشعب السورى على اتخاذ قرارات دون قنابل تقتل النساء والأطفال، أو الأسلحة الكيماوية، أو تجويع بلدات، لأن مخلوعاً يريد التشبث بالسلطة». وأكد التحليل أن أوباما محق، إنها ليست حرباً باردة، فللولايات المتحدة اليوم اليد العليا، اقتصادياً، وعسكرياً ودبلوماسياً، لكنها تواجه استعادة روسيا لقوتها وتحديها وتزايد تسلطها، لكن بالنظر إلى جوهر الأشياء، إنها لوح شطرنج، وأزمة أوكرانيا تمثل الحركة الأخيرة فى الصراع حول النفوذ العالمى بين واشنطنوموسكو. فهناك أوجه تشابه مع سوريا حول اختلافات القوتين بشأن أوكرانيا، فحتى مؤخراً تحدى الرئيس الأوكرانى معارضيه الموالين للغرب، بدعم سياسى ومادى روسى، كما هو الحال مع الرئيس السورى، بشار الأسد، الذى تمكن من الصمود بوجه حرب أهلية ثلاث سنوات، وتهديدات أمريكية بضربات عسكرية، أيضاً كذلك بدعم عسكرى ومادى ودبلوماسى روسى. وفى كلتا الحالتين، قابل الرئيس الأمريكى تحركات نظيره الروسى، بأخرى مشابهة، فقد منعت واشنطن 20 مسئولاً أوكرانياً من دخول أراضيها، وهدّدت بالمزيد من الإجراءات إذا ما واصلت القوات النظامية حملة القمع الدموية ضد المتظاهرين. ونظراً لسخطها إزاء إخفاق موسكو فى إقناع النظام السورى بأى تسوية أثناء مباحثات جنيف برعاية أمريكاوروسيا، تبعث الولاياتالمتحدة الآن بإشارات، لكونها تنظر فى خياراتها بشأن سوريا، حيث تكاثفت هجمات قوات الأسد على المدنيين. ورغبة بوتين فى الحفاظ على نفوذه بمنطقة الشرق الأوسط لا تنحصر على سوريا فحسب، فقد التقى وزير الدفاع المصرى المشير عبدالفتاح السيسى، خلال زيارته إلى موسكو هذا الشهر، وأيد ترشحه لرئاسة مصر، حتى قبل إعلان الأخير عن دخوله السباق الرئاسى، وتناولت الزيارة مباحثات حول صفقة عسكرية بقيمة مليارى دولار، فى الوقت الذى علقت فيه أمريكا جانباً من المساعدات العسكرية إلى مصر. روسيا تراهن على الزيارة لإحياء علاقات انفصمت منذ عهد الرئيس المصرى الأسبق أنور السادات، وظلت باردة إبان حقبة خلفه حسنى مبارك، طيلة ثلاثة عقود، والاستقبال الحميم للسيسى ووزير الخارجية، نبيل فهمى، يبدو أنه صمم لبعث إشارة إلى أمريكا مفادها أنه ما زال لروسيا نفوذ لدى أكبر دول المنطقة، من حيث النفوذ وعدد السكان، وأنها على استعداد لتوطيد علاقتها العسكرية.