عمرو درويش: موازنة 2025 الأضخم في تاريخ الدولة المصرية    تأييد حبس مدير حملة أحمد طنطاوي سنة في قضية تزوير توكيلات الانتخابات الرئاسية    صور.. وكيل "أوقاف الفيوم" يستقبل وفد الكنيسة الأرثوذكسية للتهنئة بعيد الأضحى    جامعة بني سويف في المركز 944 عالمياً والعاشر محلياً طبقاً لتصنيف RUR    وزير التعليم العالي: الجامعات الأهلية تمتلك زخمًا من الخبرات الأكاديمية    رئيس جامعة طنطا يتفقد الامتحانات بمركز الاختبارات الإلكترونية بالمجمع الطبي    مركز طبي ومزرعة بحثية.. رئيس جامعة الإسكندرية يتفقد المنشآت الجديدة بفرع تشاد (صور)    استقرار أسعار الذهب في مصر اليوم وتراجع عيار 21 بمقدار 5 جنيهات    «الإحصاء»: توفير 294 ألف وظيفة في القطاعين العام والخاص خلال 2022    الحكومة: مهلة 12 شهرا لمقاولي «الاسكان الاجتماعي» لتسليم المشروعات    البورصة تربح 5 مليارات جنيه في منتصف تعاملات اليوم الإثنين    بقيمة 7 مليارات جنيه.. صرف مستحقات المصدرين المستفيدين من الشريحة الأولى    لليوم الثالث.. التموين تواصل صرف مقررات يونيو والسكر ب 12.60 جنيه    شكري: تشغيل معبر رفح في وجود إدارة إسرائيلية على الجانب الفلسطيني أمر صعب    قانونية مستقبل وطن: مصر تلعب دورا أساسيا لنشر السلام من خلال سياسة رشيدة    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    ألمانيا تستضيف تدريبات جوية لقوات الناتو    فرق الإنقاذ الألمانية تواصل البحث عن رجل إطفاء في عداد المفقودين في الفيضانات    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    الرئيس الأوكراني يوجه الشكر للفلبين لدعم قمة سلام مقبلة في سويسرا    عاجل..مستقبل خوسيلو مع ريال مدريد الموسم المقبل    شوبير: محمد عبد المنعم رفض مد تعاقده مع الأهلي    "أبيض من جوا".. تركي آل الشيخ يوجه رسالة ل أفشة    "ما حدث مصيبة".. تعليق ناري من ميدو على استدعائه للتحقيق لهذا السبب    التشكيل المتوقع لودية ألمانيا وأوكرانيا ضمن استعدادات يورو 2024    حالة الطقس الآن.. ارتفاع الحرارة والعظمى تصل إلى 44 درجة    وظائف للمعلمين في المدارس اليابانية.. اعرف إجراءات التعاقد للمتقدمين    تحرير 111 محضرا في حملات تموينية على الأسواق والمخابز بالمنيا    رئيس بعثة الحج الرسمية: لم تظهر أية أمراض وبائية لجميع الحجاج المصريين    لطلاب الثانوية العامة 2024.. شاهد المراجعة النهائية للجيولوجيا والعلوم البيئية    الحماية المدنية تنقذ مركز شباب المنيب من حريق ضخم    شقيق الفنانة سمية الألفي يكشف تطورات حالتها الصحية بعد حريق منزلها    لماذا رفض الروائى العالمى ماركيز تقديم انتوني كوين لشخصية الكولونيل أورليانو في رواية "100 عام من العزلة"؟ اعرف القصة    صديق سمير صبري: سميرة أحمد كانت تزوره يوميا والراحل كان كريماً للغاية ويفعل الخير بشكل مستمر    بسبب وفاة والدة محمود الليثي.. مطربون أجلوا طرح أغانيهم    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    ما عدد تكبيرات عيد الأضحى؟.. 3 أقوال عند الفقهاء اعرفها    وزير الصحة يناقش مع مدير المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض تعزيز التعاون في القطاع الصحي    نقابة الصيادلة بالإسكندرية: توزيع 4 آلاف و853 عبوة دواء خلال 5 قوافل طبية بأحياء المحافظة    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    رئيس جهاز القاهرة الجديدة يتفقد مشروعات «سكن مصر ودار مصر وجنة»    شوبير يكشف مصير ديانج وكريستو فى الانتقالات الصيفية    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    النقل تناشد المواطنين المشاركة في التوعية من مخاطر ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    المكتب الإعلامى الحكومى بغزة: أكثر من 3500 طفل معرضون للموت بسبب سياسات التجويع    فيلم «التابعي.. أمير الصحافة» على شاشة قناة الوثائقية قريبًا    وزير الصحة: نفذنا 1214 مشروعا قوميا بتكلفة تقترب من 145 مليار جنيه    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    أفشة: كولر خالف وعده لي.. وفايلر أفضل مدرب رأيته في الأهلي    مقتل شخص وإصابة 24 فى إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوة الاقتصادية للمؤسسات العسكرية
باكستان: الجيش اللاعب الاقتصادي الأقوى!
نشر في الوطن يوم 28 - 08 - 2012

شهدت باكستان العديد من الانقلابات العسكرية كان أولها في عام 1958 حيث تم فرض الأحكام العرفية لأول مرة. ومنذ ذلك الحين، تم تهميش الطبقة السياسية الهشة وفُرضت سيطرة المؤسسة العسكرية على الحكم. وقد عزز الجيش هيمنته على الساحة السياسية من خلال الظهير الاقتصادي القوي الذي أنشأه.
على الرغم من أن الأعمال الاقتصادية للقوات المسلحة تؤدي إلى تحسين قاعدة الموارد التي يعتمد عليها الضباط والقوات المسلحة إلا أنها تؤثر على علاقاتها بالمجتمع المدني والسياسي، فتقدم دافعا لتحقيق الربح والمنافسة مما يطعن في النزاهة المهنية والتماسك المؤسسي للقوات المسلحة. وهو ما يجعلها أقل اعتمادا على المجتمع المدني والسياسي وبالتالي أقل خضوعا للمساءلة.
ولكن ما الذي يدفع القوات المسلحة لإقامة المشاريع الاقتصادية بشكل مكثف؟
1) عدم قدرة الدولة على تقديم الخدمات وعدم كفاية ما تقدمه للمواطنين على الرغم من توفر الموارد
2) قدرة القوات المسلحة، ذات درجة عالية من الكفاءة والتنظيم، على توفير ما عجزت الدولة عن تقديمه
3) وجود تهديد حقيقي للنظام القائم سواء من خلال خصم أجنبي أو إمكانية حدوث حرب أهلية
وإذا نظرنا إلى حالة باكستان، نجد أن كل هذه العوامل كانت متوفرة. بالإضافة إلى ذلك ساهم الفساد المستشري للإدارة المدنية إلى زيادة سخط المواطن الباكستاني تجاه الحكومة وهو ما هيئ المناخ للجيش، باعتباره الجهة الوحيدة المنظمة في باكستان، للتدخل والسيطرة والانقلاب على حكومات مدنية فاسدة وغير فاعلة. ولم يكن من المتوقع حدوث ذلك إذا لم يكن للسلطة العسكرية استقلال مالي يدعم موقفها في الحياة السياسية ويزيد من نفوذها في عملية صنع القرار. كما مثل الدعم الأجنبي عاملا مساعدً حيث فضلت الولايات المتحدة الأمريكية الجيش على السياسيين في بحثها عن زعيم واحد قوي قادر على تقديم ما تحتاجه من باكستان. فمنذ عام 2003، منحت الحكومة الأمريكية 2 مليار دولار سنويا للحكومة الباكستانية في مقابل الحصول على دعمها في الحرب الافغانية. ولكن ليس هناك شفافية حول كيفية انفاق هذه الأموال فعليا.
وبالتالي تحولت القوات المسلحة إلى واحد من اللاعبين الاقتصاديين المهيمنين وساعد على ذلك قدرتها على استغلال الموارد المحلية من خلال وزارة الدفاع. ويتميز الأداء الاقتصادي للمؤسسة العسكرية بباكستان باللامركزية ويعمل في ثلاث قطاعات وهي الزراعة والصناعة التحويلية وقطاع الخدمات وتتراوح الأنشطة من مشاريع صغيرة مثل المخابز إلى بنوك تجارية ومصانع. ووفقا للبيانات المتاحة، تقدر قيمة النشاط الاقتصادي للقوات المسلحة بحوالي 10 مليار دولار تقريبا ويسيطر الجيش على ما يقدر بثلث الصناعات الثقيلة. وأصبحت بعض الأعمال التجارية والصناعية للقوات المسلحة من القوة فاحتكرت صناعات بأكملها وهمشت المنافسين بها. كما شاركوا في برنامج الخصخصة للدولة ونجحوا في شراء شركات عامة من خلال المناقصات.
وفي الفترات التي حكمت فيها الأنظمة العسكرية تم تحقيق معدلات نمو مرتفعة بالمقارنة بالمستويات المتدنية التي حققتها نظيرتها المدنية. ويرجع ذلك إلى السياسات الواضحة التي اتبعوها والالتزام بتحقيقها وانخفاض مستوى الفساد في فترة الحكم العسكري، وتدفق المساعدات الخارجية نظرا للثقة في أداء المؤسسة العسكرية في الحكم والاعتماد على إدارة تكنوقراطية بالإضافة إلى السياسات الرامية إلى تعزيز ثقة المستثمرين من القطاع الخاص مما ساهم بشكل رئيسي في تحسين الأداء الاقتصادي خلال فترات الحكم العسكري.
كان أداء الحكومات العسكرية التي جاءت إلى السلطة من وقت لآخر أفضل بكثير من الحكومات المدنية حيث سعت إلى الاهتمام بتوفير خدمات التعليم والرعاية الصحية، والتعامل مع المشاكل الاجتماعية كارتفاع معدلات البطالة والفقر والتي قد أهملت من قبل. وأعلنت عن خطط لإجراء تغييرات عميقة في الحكومة، بما في ذلك خصخصة بعض الشركات والمصانع، وإصلاح شامل لقطاع الزراعة. فقد كان أحد الأخطاء الرئيسية للحكومات المدنية التخلي عن القطاع الزراعي لصالح تطوير الصناعة ولكن نقص الامكانات والخبرات اللازمة وعدم توفر القوى العاملة الماهرة أو التمويل اللازم أدى إلى فشل خطة النهوض بالصناعة، وفي نفس الوقت أدى إهمال القطاع الزراعي إلى حدوث أزمة غذاء.
وعلى الرغم من أن الشركات المملوكة للمؤسسة العسكرية تعمل في كثير من الأحيان من خلال الامتيازات كالإعانات والعقود الحكومية التفضيلية إلا إنها تلعب دورا مهما في التنمية الوطنية وعامل إنقاذ في الأزمات، فتأخذ المؤسسات الاقتصادية للجيش على عاتقها مسؤولية إعادة الأعمار والتأهيل وتوفير الإغاثات وعمليات الإنقاذ خلال الكوارث الطبيعية. ففي ظل عدم قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمات المتتالية، تدخلت المؤسسة العسكرية لتوفير السلع العامة. فنجد أن باكستان واجهت أزمتين في أواخر 1970، الأولى هي احتمالية وقوع مجاعة في عام 1978 أما الثانية فكانت بداية الحرب الأفغانية في عام 1979. ولم تكن البنية التحتية مناسبة للتعامل مع هذه الأزمات، مما دفع الجيش إلى توفير وسائل نقل عامة، وتوزيع الأغذية، والقيام بمشاريع بناء.
ولكن القوة الاقتصادية للجيش في باكستان تعتبر مكلفة سياسيا واجتماعيا. فسياسيا، تزيد طموحات القوة العسكرية في السيطرة على الساحة السياسية وهو ما يوضحه طول استحواذهم على الحكم عن طريق انقلابات عسكرية. وهو ما يعقد عملية ابعاد العسكريين عن السلطة إلا في ظل تغييرات كبيرة في البلاد التي تجبر القوات المسلحة على الانفصال عن السلطة السياسية. أما اجتماعيا، تضفي هذه المصالح الاقتصادية طابع مؤسسي على الاستغلال الاقتصادي للموارد. فيتحول الجيش الى مؤسسة تستخدم سلطتها من أجل الحصول على العديد من المزايا الاقتصادية فتم تخصيص العديد من المناصب في القطاع العام للضباط المتقاعدين ولجأت شركات القطاع الخاص لتحقيق مكاسب اقتصادية من خلال كسب ود المؤسسة العسكرية وتعيين ضباط في مجالس إدارة الشركات للمساعدة في التفاوض على الضوابط والقوانين التي تخضع لها الشركات. وقد كان لهذه العلاقات بين القطاع الخاص والمؤسسة العسكرية أثر كبير حيث استفاد منها المستثمرين والضباط على حد سواء.
ولذلك وحتى لا تخلط مهمة المؤسسة العسكرية الرئيسية وهي الدفاع بأعمال سياسية واقتصادية ليست من اختصاصها، يجب وجود كيان اقتصادي كفء يعمل كبديل عن الجيش في تقديم مثل هذه الخدمات والسلع وادارة مدنية فعالة تتميز بالنزاهة. ولكن يبقى السؤال المطروح هل ستقبل القوات المسلحة الباكستانية التخلي عن استقلاليتها المالية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.