وفقًا للاستطلاعات الأمريكية فإن المناظرات السياسية في الغالب تؤدي إلى توسيع الفارق بين الرئيسين المتنافسين، وهدفها كشف الصادق والكاذب، فالكاميرا تخدع المتنافس وتضعه على كرسي الاعتراف دون إحساس بالمؤامرة، نظرة التململ والضجر، التي ظهرت على وجه "آل جور"، في مناظرته أمام الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش الابن أطاحت به، وجعلت الصورة النمطية عنه "الضيق من الجمهور". سؤال واحد قادر على الإطاحة بالمتنافس من السباق الرئاسي، فالجمهور حينها ينتظر ويراقب ليحكم قبل الإدلاء بصوته والنزول للانتخاب، استطاع ريجان استغلال هذا الأمر حينما وجه سؤاله لكارتر "هل أنت اليوم أحسن حالًا مما كنت عليه منذ أربع سنوات؟"، وكان هذا في ختام المناظرة، ما ترك الجمهور في حيرة من هذا السؤال وتلح عليهم الرغبة في الإجابة عنه واسترجاع فترة انتخاب كارتر، وهل كانت رغدة وتحسنت أوضاعهم أم لا. يقول الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، هدف المناظرات الرئايسة،: "المناظرات ليست ملزمة لأي طرف، إلا إذا اتفق المرشحان على إظهار المنطق والحجة القوية، والدفاع عن وجهة نظره في وجه الآخر". ولعل المناظرة الوحيدة التي حدثت في مصر بين المرشحين للرئاسة عمرو موسى، وعبدالمنعم أبو الفتوح، هي الأفقر في تاريخ المناظرات، فبرغم المهاترات التي حدثت بينهما إلا أنها قد خسرتهما الكثير من الجمهور، وجعلتهما في ذيل السباق الرئاسي للجمهورية في انتخابات مصر 2012، فقد كانا في المركزين الرابع والخامس، بعد أن كانا في قمة استطلاعات الرأي التي عقدتها المؤسسات الإعلامية، فلم يكن أحد يتخيل أن جولة الإعادة ستكون بين محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين، وأحمد شفيق رئيس وزارء مبارك. الملفت للانتباه، رغبة حمدين صباحي، مؤسس التيار الشعبي، في إقامة مناظرة مع منافسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، فهل ينجح صباحي في حسم الانتخابات لصالحه في تلك المناظرة وهل يقبل غريمه المدفوع بقوة شعبية خوض مثل تلك التجربة بعدما رأى بعينيه ما حدث لأسلافه، سؤال ينتظر إجابة تهددها ما انتهت إليه المناظرة بين المرشحين السابقين، عمرو موسى وعبد المنعم أبوالفتوح، حيث كانت النتيجة "لم ينجح كلاهما". ويضيف أستاذ العلوم السياسية، أن المشير السيسي لم يحسم أمر ترشحه بعد، ويوضح أن حمدين صباحي دعا لتلك المناظرة لأنه يمتلك لباقة في الحديث، وله باع طويل مع السياسية ما يضعه في الصدارة، عند الأحاديث السياسية، ويؤكد أنه في حالة أقيمت تلك المناظرة، ستكون الغلبة لصباحي، لقلة خبرة المشير مع الأحاديث السياسية، فصباحي أكثر قدرة على طرح أفكاره السياسية والحديث بالحجة حتى وإن كانت غير منطقية، لذا يتصور أنه سيتفوق عليه، خاصة في العبارات والصياغة. "المناظرات بها ضرب تحت الحزام، لا أحد يمكن أن يتنبأ بنتائجها"، بحسب د.حازم، فتوجد احتمالية أن تخسف بهما الأرض إذا أخطأ أحدهما، ويرجح حسني، عدم خوض السيسي لتلك المناظرة، وسينتهي الأمر بإعلان كلًا منهما لبرنامجه الخاص مستقلًا عن الآخر.