قضت المحكمة الدستورية العليا، خلال جلستها اليوم برئاسة المستشار الدكتور حنفي علي جبالي، برفض الدعوى رقم 55 لسنة 36 قضائية "دستورية"، التي أقيمت طلبًا للحكم في دستورية نص البند 2 من الفقرة الأولى من المادة 67 من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971. وأيدت المحكمة الدستورية العليا، نص المادة المطعون عليها، والتي تنص على أنه "لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضباط -عدا المعينين في وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية- إلى الاحتياط، وذلك بناء على طلب الضابط أو الوزارة لأسباب صحية تقرها الهيئة الطبية المختصة، وإذا ثبتت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام، ولا يسري ذلك على الضباط من رتبة لواء". وكانت المحكمة الإدارية العليا، أحالت بحكمها الصادر بجلسة 23 مارس 2014 ملف الدعوى رقم 41410 لسنة 56 قضائية عليا، ذلك النص للفصل في دستوريته، لما ترائى للمحكمة من مخالفته لأحكام المواد 12، 14، 53، 92 من الدستور القائم، لتضمن سلطة الإحالة إلى الاحتياط عبارة مبهمة هي: "أسباب جدية تتعلق بالصالح العام"، وإهدار مبدأ خضوع الدولة للقانون، لعدم تطلب التحقيق وتمكين المحال للاحتياط من الدفاع عن نفسه قبل إيقاع هذا الجزاء، وهو ما يعد مساسا بحقه في العمل، والإخلال بالحق في المساواة لقصره تلك المكنة دون من يشغلون درجة اللواء. وأقامت المحكمة حكمها على سند من أن القرار الصادر بالإحالة إلى الاحتياط هو قرار إداري يصدره وزير الداخلية لأسباب جدية يقدرها، بهدف تحقيق أغراض مشروعة تتعلق بالصالح العام، وهو -بحسب الأصل- إجراء وقائي القصد منه مواجهة حالة عدم قدرة ضابط الشرطة على أداء مهامه الوظيفية، بقصد تمكين هيئة الشرطة من القيام على واجباتها، التي أوكلها لها الدستور بمقتضى نص المادة 206 منه. وأفادت المحكمة الدستورية العليا، في حيثياتها، بأنه لما كان ذلك، وكان رائد المشرع في سن المكنة المشار إليها، ما راعاه من خطورة الدور الذى تقوم به هيئة الشرطة، والذي يرتبط باستقرار المجتمع وازدهاره، ومن ثم فهو يقوم على دوام تلك الهيئة على السهر عليه واضطراد أدائها بغير تراخ أو انقطاع، ومن ثم كان مسوغ المشرع في تمكين وزير الداخلية من اتخاذ هذا الإجراء إفساح السبيل أمامه لاستبعاد العناصر التي يعتل أداؤها عن القيام بهذا الواجب، وتمكينه من تحقيق متطلبات التنظيم الإدارى لهيئة الشرطة، فضلاً عن أن المشرع لم يترك سلطة وزير الداخلية في إصدار القرار بالإحالة إلى الاحتياط طليقًا من كل قيد، فاستلزم لذلك قيام ضرورة تبرر اتخاذ جهة الإدارة هذا الإجراء، وأن تقوم هذه الضرورة على أسباب جدية تحملها، وهو قيد موضوعي يستوجب تحقق عناصر حالة الضرورة، ومباشرة وزير الداخلية لهذه المكنة، وتقدير توافر حالة الضرورة، والأسباب الجدية المبررة له، وغايتها تحقيق الصالح العام، إنما يخضع لرقابة القضاء تحريًا لمشروعية القرار، والذى يعد اللجوء إليه أحد الضمانات التى كفلها الدستور بمقتضى نصي المادتين 94، 97 منه لحماية الحقوق والحريات، الأمر الذي يسلم معه النص المحال من قالة الإبهام وعدم التحديد، أو مصادمته لمبدأ خضوع الدولة للقانون وأحكام الدستور.