إذا كنت من مؤيدى «السيسى» فإياك أن تعلن ذلك، حتى لا يتهمك البعض بأنك من عبيد البيادة أو لاعقى أحذية العسكر! وإذا كنت من أنصار «عبدالناصر» فأنت من مؤيدى الاستبداد والديكتاتورية التى سادت مصر «فى الستين سنة الماضية»! يجب أن تكفَّ عن تأييد «السيسى» ولا تظهر حبك له، أو عرفانك له بالجميل، حتى لا تتعرض لسيل من الاتهامات بالنفاق والتملق، فضلاً عن مساهمتك فى صناعة الفرعون والترويج للاستبداد والتسلط! يجب أن يكون شعارك الذى تردده طوال الوقت هو «يسقط يسقط حكم العسكر»، لتكون بذلك من أنصار الحرية والليبرالية، ويكون ولاؤك للوطن وليس لشخص! هذا هو مضمون الحملة التى يجتهد بعضهم هذه الأيام بكل ما يملك -وبمختلف الوسائل والطرق- فى القيام بها لإبعاد «السيسى» عن الترشح للرئاسة، وإفساح الطريق لغيره ممن يختبئون خلف الستار، انتظاراً لجنى الثمار، والغريب حقاً أن هؤلاء لا يكفون عن ترديد الشعار القائل «عودة مصر إلى مكانتها».. وأن تسترد مصر دورها المفقود، فإذا سألت أحدهم: متى كان ذلك؟ سيجيبك على الفور: فى الخمسينات والستينات، متجاهلاً بطبيعة الحال أنها كانت سنوات حكم «عبدالناصر».. العسكرى.. زعيم انقلاب يوليو.. المستبد.. الديكتاتور! وإذا سألت أحدهم: من مؤسس مصر الحديثة، الذى أقام السدود وشق الترع وأرسل البعثات العلمية إلى الخارج وأدخل التعليم العالى فى مصر؟ سيقول لك: إنه محمد على، متجاهلاً أنه العسكرى المستبد الذى أقام حكمه على قاعدة التوريث لأبنائه! وحين تتعرض مصر أو شعبها لهجوم من أحد الأعداء ستجد هؤلاء وقد هبّوا للدفاع عنها، مؤكدين أن مصر صاحبة حضارة عمرها سبعة آلاف عام، وأن شعبها هو بناة الأهرام، وبناة أعظم حضارة فى التاريخ. وإذا سألت هؤلاء: من الذى بنى تلك الحضارة التى تتباهون وتتفاخرون بها؟ سيقولون لك: إنهم الفراعنة.. فرعوناً تلو الفرعون! وإذا قلت لهم: لماذا تهاجمون الفراعنة والفرعونية إذا كانوا بهذه العظمة لديكم ولدى الآخرين؟ صمتوا ولم ينطقوا!! فى مصر نجد من يهاجم «عبدالناصر» بضراوة، فإذا ذهب إلى أفريقيا أو أمريكا اللاتينية قال: «جئتكم من بلد عبدالناصر»! قالها «مرسى» فى مؤتمر «عدم الانحياز» فى طهران، وفى الصين، وقالها أيضاً فى إثيوبيا. «مرسى» هذا هو صاحب عبارة «الستينات وما أدراك ما الستينات؟»! نلعن الفراعنة ونمجدهم، ونسب العسكر ونطلب حمايتهم، ونلعن الاستبداد والديكتاتورية ولا نرى الخلاص مما نحن فيه إلا بهما.. هل هى الشيزوفرنيا؟.. ربما.. هل هى المصلحة الشخصية؟.. أكيد!!