«واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مصر تشارك بأكبر معرض في العالم متخصص بتكنولوجيا المياه والصرف الصحي بألمانيا "IFAT 2024" (صور)    تضامن الدقهلية تنظم ورشة عمل للتعريف بقانون حقوق كبار السن    إيقاف أعمال بناء مخالفة بقرية الأشراف في قنا    سعر الدولار فى البنوك المصرية صباح الجمعة 17 مايو 2024    الجزار: انتهاء القرعة العلنية لحاجزي وحدات المرحلة التكميلية ب4 مدن جديدة    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    رسميا.. تجديد تكليف مي فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحي الشامل    17 مايو 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    الانتهاء من القرعة العلنية اليدوية لحاجزي الوحدات السكنية ب4 مدن جديدة    وزيرة التخطيط تشارك بافتتاح النسخة الحادية عشر لقمة رايز أب    محكمة العدل الدولية تبدأ نظر دعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي (بث مباشر)    أمريكا: تفريغ الحمولة الأولى من المساعدات على الميناء العائم بغزة    الخارجية الروسية: لا نخطط للتدخل في الانتخابات الأمريكية    ليفربول عن رحيل نجمه: جزء من تاريخنا إلى الأبد    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    بعد تعثره أمام الخليج.. اتحاد جدة خارج دوري النخبة الآسيوي    سيد عبد الحفيظ: مواجهة نهضة بركان ليست سهلة.. وأتمنى تتويج الزمالك بالكونفدرالية    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    بدء امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 فى قنا غدا    مصرع ربة منزل ونجليها في حادث دهس أسفل سيارة بعين شمس    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق بقطعة أرض فضاء في العمرانية    ضبط زجاجات مياه غازية ولحوم مذبوحة خارج السلخانة ببني سويف    الزعيم عادل إمام يحتفل بعيد ميلاده ال84 اليوم    وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت.. موعد ومكان الجنازة    طارق الشناوي ل «معكم منى الشاذلي»: جدي شيخ الأزهر الأسبق    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    دعاء يوم الجمعة المستجاب.. «اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها» ردده الآن    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    في 5 دقائق.. طريقة تحضير ساندويتش الجبنة الرومي    مرور مفاجئ لفريق التفتيش الصيدلي على الوحدات الصحية ببني سويف    طريقة عمل الهريسة، مذاقها مميز وأحلى من الجاهزة    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    رونالدو يتحدى ميتروفيتش في التشكيل المتوقع لديربي الرياض    الشرطة السويدية تطوق منطقة تتواجد بها سفارة إسرائيل بسبب حادث إطلاق نار    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    عاجل - أخبار فلسطين.. مصادر محلية: بدء انسحاب قوات الاحتلال من بلدة بلعا بطولكرم    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كل الثورات المصرية.. «مجيدة»
نشر في الوطن يوم 26 - 01 - 2014

كنت أفكر فى هذا الشعب المصرى المحيّر.. أخذت أسترجع رد فعله على كل رئيس جديد وفصل جديد، سواء كان «ثورجى» أو «انقلابى» أو «تخريبى» أو «إخوانى».. هوجة من الترحيب والتمجيد والتعظيم.. تصل بعد الإلحاح الشديد والمكثف إلى التقديس.. وهنا يصبح النقد الموضوعى والتحليل العاقل للأهداف والنتائج كفراً وزندقة وإهانة للشعب الثائر والشهداء الأبرار والشباب الطاهر النقى.
والغريب أن هذا التقديس للزعماء سرعان ما يتحول بعد زوال الملك وفراغ العرش إلى لعنات واتهامات وسباب وقصص بذيئة تلقيها على الناس فئة دائماً ما تطفو على السطح وتصدح فى الإعلام والصحف بعد كل زعيم وبعد كل حدث مجيد بالمدح والسباب، وغالباً ما تكون هذه الفئة من أحباب الزعيم السابق الذين يسرعون بغسل السمعة مثلما تغسل الأموال.. وينتقلون فجأة من قافلة حملة المباخر إلى ميادين الثورة.. جلست أفكر فى هذه الظاهرة التى تجعل المصريين يستقبلون الرئيس الجديد بالهتاف المنافق الكاذب «بالروح بالدم» ثم يشيعونه باللعنات.. والنتيجة أن يتحول كل الزعماء على مدى عقود طويلة إلى مجموعة من الخونة الفاسدين فتتحول الأيام والسنوات إلى سواد.. قلت ربما تكون فترة الاحتلال الطويلة من تاريخ المصريين، التى بدأت قبل الميلاد بخمسمائة عام منذ دخول الفرس وحتى قيام مصر الحديثة على يد «محمد على» هى السبب.. قد تكون السبب فى ترسيب كره وبغض للحكام فى التراث المصرى، يظهر دائماً فى سلوك الاستقبال الرائع المنافق الكاذب والوداع باللعنات والاتهامات الكاذبة أيضاً.. أصبح هذا السلوك إرثاً، ومن يعارضه يصبح متجرداً من وطنيته.
ورغم انفتاح الفضاء المعلوماتى الرهيب فى العصر الحالى فإن عدم التقييم الموضوعى لكل مرحلة ولزعامتها يجعل الأمور تتداخل، فنرى الهاتفين بسقوط حكم العسكر يحملون صورة «عبدالناصر».. ونرى النخبة تصف «السادات» الذى تحررت سيناء على يديه بالخائن العميل، ونرى عصر «مبارك» عصراً لتكميم الأفواه والظلم والاستبداد، وهو الذى جرّف العقول ونشر الجهل فى الشباب، ثم نهتف للشباب الواعى محرر مصر قائد الأمة فى المستقبل.
وكذلك فى تقييم الثورات والانقلابات.. فهى كلها بلا استثناء «مجيدة» وشريفة وأبهرت العالم.. كلها.. ورغم اختلاف الدوافع والنوايا واختلاف المكاسب والخسائر والنتائج فإنها فى نظر أولى الأمر سواء، حتى لا يغضبوا أحداً.
وللأسف الشديد ينعكس هذا الخلل واختلاط الرؤية والتقييم على مناهج التاريخ للنشء والشباب، فقد تحولت المناهج إلى دعايات سياسية حسب الأهواء.. يبرر فيها الحدث والتغيير طبقاً للنوايا ورغبة فى التمجيد والتعظيم.. ويتحول القديم فوراً إلى الفاسد المستعبد والجديد هو الشريف المحرر الذى علمنا العزة والكرامة.. ويتردد الحديث الإعلامى والصحفى على نمط أغنية «محمد قنديل» التى كنا نرددها كالببغاوات ونحن صغار.. «كنا عبيد وبقينا أحرار».. ومثلما يحدثنا الشباب الطاهر النقى «إنتو عبيد واحنا اللى حررناكم».
تحولت المناهج إلى صحيفة يومية تقيّم الحدث بعد أيام ليوضع فى كتاب التاريخ قبل أن يتحول الحدث إلى تاريخ.. وتذكروا معى فى نصف العام الأول من 2011 درس الأطفال والشباب إنجازات «مبارك» والضربة الجوية وإنجازات سوزان مبارك الكثيرة، ثم فى النصف الثانى من نفس العام تم حذف كل هذا واستبدل بالسباب، والتمجيد فى الثورة المجيدة التى قامت ضد «المخلوع».
وبعد فوز «مرسى» فى منتصف 2012 جاء النصف الأول من 2013 بالمناهج، وهى متوجة بحسن البنا مؤسس الجماعة.. وفكر الجماعة الذى سوف ينهض بالبلاد وينشر فيها الإسلام.. وفى النصف الأول من عام 2014 تحولت الجماعة إلى «إرهابية» وتحول الرئيس المسلم المنتخب إلى «معزول».
ولن أتساءل عن مدى استفادة القارئ، سواء كان طفلاً أو صبياً أو شاباً من هذا العبث، لأن الإجابة واضحة. وهذه السياسة الموجهة البغيضة المغرضة لن تنتج إلا كفراً بالتعليم والتاريخ والهوية والوطن. ومنذ أسابيع ونحن فى موجة واضحة من المغازلة والطبطبة على ثورة يناير المجيدة والشباب الطاهر، فهى الثورة التى قضت على دولة الظلم والاستبداد وجاءت لنا بالحرية والكرامة الإنسانية وكذلك معها فى نفس الجملة والسطر أختها فى الرضاعة ثورة 30 يونيو المكملة لها.. والمجيدة طبعاً، والتى قضت على دولة الظلام والاستبداد، والاثنتان مجيدتان والاثنتان ثورة شعب حر، وأضيفت مؤخراً إليهما ثورة يوليو 1952.. المجيدة برضه، والتى حررت الشعب من الاستعباد.
لم يسأل أحد نفسه لماذا بعد كل ثورة مجيدة تحررنا من العبودية تأخذنا هى نفسها إلى العبودية مرة أخرى حتى تأتى الثورة التى بعدها فتجدنا شعباً مستعبداً فتحررنا ثم تسير بنا إلى الظلم والعبودية، وهكذا تتحول الثورات المصرية إلى شىء يشبه الصابون عند العرب.. كله سواء.. والسبب عبودية، والنتيجة النهائية أيضاً عبودية.
والنتيجة النهائية لكل هذا الآن وأنا أسطر هذه الكلمات أن الاحتفالات بالذكرى الثالثة لثورة يناير المجيدة التى تم خطفها والاستيلاء عليها رغم أنها «مجيدة» قُوبلت من الإخوان باحتفال مماثل بثورتهم المجيدة أيضاً فوزّعوا القنابل والعبوات والتدمير والرصاص والتفجير والخراب والخوف والتهديد والوعيد بدماء غزيرة وقضاء على الأخضر واليابس توزيعاً عادلاً ومتساوياً فى أنحاء مصر المحروسة.
ربما أفتقر إلى الفكر السياسى والحوار الدبلوماسى والليونة والمواراة، ولكنى أرى أن ما يحدث هو ما يصيبنا بانعدام الرؤية وخلط المفاهيم وفوضى المصطلحات والعمى والغفلة، مما يبشر بأيام ليست بالرائعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.