شاءت الصدف والأقدار على مدى أزمنة عديدة أن تتنوع العلاقة بين الجالسيْن على كرسى الرئاسة والكرسى البابوى، ما بين الصدام والوفاق. مع انتخاب المصريين أول رئيس مدنى للدولة، انتخب الأقباط تواضروس ليكون البابا ال118 للكنيسة. تنوعت العلاقة بين رؤساء مصر والبابوات على مر التاريخ، ليصنع عبدالناصر صورة طيبة مع كيرلس باعتباره أول رئيس يبنى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ويزورها، إلا أنها لم تدم طويلاً. مع تولى السادات الرئاسة وشنودة الكرسى البابوى بدأ الصدام ليُصدر الرئيس قراراً بعزل البابا عن منصبه وتحديد إقامته فى دير الأنبا بيشوى، ليأتى مبارك ويرسم علاقته مع المقر البابوى بأسلوب متنوع ما بين شدة السادات وسماحة عبدالناصر، ويأتى مرسى لحكم مصر، ويدبر القدر له بعد أيام قليلة صعود تواضروس لإدارة الكاتدرائية، لتبدأ العلاقة بينهما بانسحاب الكنيسة من الجمعية التأسيسية للدستور فى 2012، وتنتهى بمشهد مشاركة البابا فى عزل الرئيس. كانت العلاقة بين تواضروس ومرسى، التى استمرت 8 شهور، وتقابلا خلالها 3 مرات فقط، علاقة صادمة وصفها الرئيس الإخوانى فى أحد خطاباته بالفاترة، ولتصل العلاقة بين كرسى الرئاسة وكرسى البابوية إلى ذروة احتقانها حينما شهدت الكاتدرائية لأول مرة فى تاريخها الاعتداء على المقر البابوى فى ظل تواطؤ من الرئيس، وبدأ تواضروس رئاسته للكنيسة بزيارة مرسى ليذكّره بأن الأقباط ينتظرون أن يثبت مرسى أنه رئيس لكل المصريين، واختتم اللقاء بالتحذير من الثلاثين من يونيو. ويصف البابا فترة حكم مرسى لمصر بأنها أكبر فترة إحباط للأقباط، وأن إدارة الإخوان ليست جيدة لحكم بلد عظيم كمصر، ولكن لم يهتم الرئيس بالبابا والأقباط، فتصدّر تواضروس مشهد عزل الرئيس فى الثالث من يوليو. وحكم القدر علاقة البابا والرئيس المؤقت، فقد شارك تواضروس فى طرح اسم المستشار عدلى منصور لتولى الحكم بشكل مؤقت، ويثبت منصور أنه رئيس لكل المصريين كما تمناه الأقباط، بزيارته للمقر البابوى فى مشهد تاريخى يحدث لأول مرة لتهنئة البابا بالعيد، رداً لجميل الأقباط فى الوقوف إلى جانبه فى المرحلة الانتقالية وتأييدهم لثورة 30 يونيو، رغم ما تعرضوا له بعدها، وخاصة فى الرابع عشر من أغسطس الماضى، حيث تم حرق الكنائس فى كل مكان فى محافظات مصر، وهو ما دفع الكنيسة لتقف بكل قوتها خلف دستور لجنة الخمسين، فيخرج البابا عن وعده بعدم التدخل فى السياسة ويروّج للدستور بفيديوهات ومقالات بالصحف عنوانها «نَعم تزيد النِّعم».