ما هي أكلات الجمعة العظيمة عند الأقباط؟    الوزراء يتلقي شكوى في مجال الاتصالات والنقل والقطاع المصرفي    وزير التنمية المحلية يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد القيامة المجيد    رواتب تصل ل 12 ألف جنيه.. 3408 وظيفة ب16 مُحافظة - الشروط والأوراق المطلوبة    اليوم.. وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يفتتحان مسجد محمد فريد خميس بالعاشر من رمضان    وأنت في مكانك، خطوات تجديد بطاقة الرقم القومي أونلاين    اعرف سعر الدولار اليوم الجمعة 3-5-2024 فى البنوك المصرية    رغم المقاطعة.. كوكاكولا ترفع أسعار شويبس جولد (صورة)    تحرير 38 محضر إشغال طريق وتنفيذ 21 إزالة فورية بالمنوفية    الرئاسة في أسبوع.. قرارات جمهورية هامة وتوجيهات قوية للحكومة    أسعار البيض اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    تسلا تعرض شاحنتها المستقبلية سايبرتراك في ألمانيا    طريقة تشكيل لجان نظر التظلمات على قرارات رفض التصالح في مخالفات البناء    بعد استهدافها إيلات الإسرائيلية.. البحرين : سرايا الأشتر منظمة إرهابية خارج حدودنا    حرب غزة.. رسائل مصرية قوية للعالم لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى    السنوار يعارض منح إسرائيل الحق في منع المعتقلين الفلسطنيين من العيش بالضفة    أكسيوس: اجتماع أعضاء من «الشيوخ» الأميركي و«الجنائية الدولية» في محاولة لإنقاذ قادة الاحتلال    الزوارق الحربية الإسرائيلية تكثف نيرانها تجاه المناطق الغربية في رفح الفلسطينية    حماس تثمن قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرائيل    وزير الدفاع الأمريكي: القوات الروسية لا تستطيع الوصول لقواتنا في النيجر    تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام أبها| حمد الله يقود الهجوم    عبد المنصف: عرض سعودي ل مصطفى شوبير.. وأنصح الأهلي يبيع ب 4 مليون دولار    كلوب عن أزمته مع محمد صلاح: تم حل الأمر ونحن بخير    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    «الأرصاد» تحذر من طقس الأيام المقبلة: انخفاض درجات الحرارة وارتفاع الأمواج    خلافات سابقة.. ممرضة وميكانيكي يتخلصان من عامل بالمقطم    ننشر استعدادات صحة القليوبية لاحتفالات عيد القيامة واعياد الربيع .. تفاصيل    محظورات امتحانات نهاية العام لطلاب الأول والثاني الثانوي    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق مخزن ملابس بالعمرانية    استعدادات غير مسبوقة في الشرقية للاحتفال بأعياد الربيع وشم النسيم    حكم تلوين البيض وتناول وجبات شم النسيم.. الأزهر العالمي للفتوى يوضح    ذكرى وفاة زوزو نبيل.. عاشت مع ضرتها بشقة واحدة.. واستشهد ابنها    "مانشيت" يعرض تقريرا من داخل معرض أبوظبى الدولى للكتاب اليوم    بول والتر هاوزر ينضم ل طاقم عمل فيلم FANTASTIC FOUR    واعظ بالأزهر ل«صباح الخير يا مصر»: علينا استلهام قيم التربية لأطفالنا من السيرة النبوية    هل مسموح للأطفال تناول الرنجة والفسيخ؟ استشاري تغذية علاجية تجيب    ألونسو: قاتلنا أمام روما..وراضون عن النتيجة    الشارقة القرائي للطفل.. تقنيات تخفيف التوتر والتعبير عن المشاعر بالعلاج بالفن    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    تشاهدون اليوم.. زد يستضيف المقاولون العرب وخيتافي يواجه أتلتيك بيلباو    إشادة حزبية وبرلمانية بتأسيس اتحاد القبائل العربية.. سياسيون : خطوة لتوحيدهم خلف الرئيس.. وسيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    حكم وصف الدواء للناس من غير الأطباء.. دار الإفتاء تحذر    الهلال المنتشي يلتقي التعاون للاقتراب من حسم الدوري السعودي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    خريطة التحويلات المرورية بعد غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان مسلسلات بابا جه وكامل العدد    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوطن" تنشر نص خطبة الجمعة المعممة من الأوقاف على الأئمة قبل 25 يناير: الأمن أساس الحكم
نشر في الوطن يوم 22 - 01 - 2014

حصلت "الوطن" على نص خطبة الجمعة التي عممتها وزارة الأوقاف على أئمة المساجد قبل ذكرى 25 يناير.
وذكر نص الخطبة "بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، أحمدُهُ سبحانَهُ حمدًا يليقُ بِجلالِ وجهِهِ وعظيمِ سلطانِهِ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، سيد الأنبياء والمرسلين، صَلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ وعلَى مَنْ تبعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ".
وأضاف أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق بقدرته، ورباهم بحكمته، وأنعم عليهم بنعم كثيرة وعظيمة لا تعد ولا تحصى، فقال تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}[النحل:18]. وقد أمر الله تعالى عباده جميعا أن يذكروا نِعمَهُ عليهم، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المائدة: 11]، وقال تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر: 3].
وتابع "من أعظم نعمِ الله تعالى التي يجب أن نذكُرَها ونُذكِّرَ بها: نعمةَ الأمن والاستقرار، فهي من أجلِّ نعم الله تعالى على الإنسان؛ فبدونها لا يهدأ بال، ولا تطمئن نفسٌ، ولا يهنأ إنسان بالحياة حتى لو أوتى الدنيا بحذافيرها. فالأمن للإنسان أهم من طعامه وشرابه، فقد يجوع ويعطش فيصبر، ولكنه يخاف فلا يكاد يهنأ براحة بال ولا يهدأ له حال. ومن ثمَّ فإن الأمن نعمةٌ عظيمة، لا يعرف قدرها إلا من فقدها، وهو مطلب الناس أجمعين، تلك النعمة طلبها إبراهيمُ عليه السلام لأهلِهِ وقومِهِ، قالَ اللهُ تعالَى حكايةً عنْهُ: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}[البقرة: 126]".
واستطرد "فإبراهيمُ عليه السلام سأل الله -عز وجل- أن يمُنَّ على مكة بالأمن والرزق، وقدَّم الأمن على الرزق، لأن الرزق لا يكون له طعم ولا يستطيع المرء البحث عنه إذا فُقد الأمن ، فبالأمن يهنأ الإنسان ويشعر بلذة الطعام والشراب ، فاستجاب الله لدعاء نبيه وخليله، وجعل من مكة مستقراً وبلداً آمناً بإرادته ومشيئته، وجعلها وطناً للإسلام بعد اختياره للمصطفى – صلى الله عليه وسلم- نبياً عربياً، وذلك ببركة دعاء إبراهيم عليه السلام. وموسى عليه السلام لما ألقى العصا – كما أمرَه ربُه جل وعلا – ورأى أنها قد انقلبتْ إلى حيةٍ تسعى، ولَّى مدبراً ولم يلتفتْ من شدة الخوف، فهو أحوج ما يكون في مثل هذه الحالة إلى الأمن، فأعلمه ربه أنه من الآمنين ليهدأ رَوْعه ، وتسكن نفسه ، ناداه ربُه قائلاً:{ {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ }[ القصص:31]".
وأكد "امتَنَّ اللهُ جلَّ جلالُهُ علَى أهْلِ قُريشٍ، فحبَاهُمْ برَغَدِ العيشِ فِي الحياةِ، والأمْنِ فِي الأوطانِ، قالَ تعالَى عنْهُمْ:( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش:3،4]. ومما يدل على أهمية هذه النعمة ما رواه الترمذي وغيره من حديث ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما-: أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ :( اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وترضى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ). (رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه)".
وأضاف "الأمن نعمةٌ، واختلاله شرٌ ونقمة، بل إن اختلاله يؤثر حتى في العبادات – وهي الهدف الأول من خلق الإنسان – ولهذا كانت صلاة الخوف مختلفة عن صلاة الأمن في صفتها وهيئتها، والحج كذلك يشترط في وجوبه على الإنسان أمن الطريق؛ فإذا كان الطريق غير آمن فلا يجب عليه الحج ، فالعبادات لا يتأتى الإتيان بها على أكمل صورها إلا بنعمة الأمن والاستقرار. ولا يُغيِّر الله على قومٍ أمنَهم ورخاءَهم إلا حين يكفُرون بنعم الله،{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[النحل: 112]".
وقال إن المتأمل في جوهر الشريعة الإسلامية ليلحظ بوضوح أنها قد جاءت لتحقيق مصالح العباد بالأمن والاستقرار، فحفظت للناس- كافة – حقوقهم في دينهم ، وأنفسهم ، وعقولهم، وأموالهم ، وأعراضهم ، وجعلت الحفاظ على هذه الضروريات من أهم مقاصدها التي لا تستقيم الحياة إلا بها، لأن الإنسان يحتاج في حياته إلى الأمن على نفسه ودينه وعرضه وماله. ومن ثمَّ فقد حرم الإسلام الاعتداء على الكليات الخمس ، واعتبر مرتكبها فاسقاً ما لم يحدث توبة ، ومنها: حرمة النفس: فقد نهى الشارع الحكيم عن قتل النفس لما لها من حرمة عند الله عز وجل ، فقال تعالى: { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الإسراء:33 ] ، ثم جعل عز وجل قتل نفس واحدة بمثابة قتل للناس جميعاً ، فقال تعالى : { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } [المائدة :32 ]".
وتابع "الأمر لا يقف – هنا- عند حد القتل المادي فقط، بل يشمل أيضًا القتل المعنوي في شتَّى صوره وأشكاله، سواء كان ذلك بالإذلال أو القهر أو التعذيب أو سلب الحرية ، أو بغير ذلك من الصور، فحرمة النفس المؤمنة أعظم عند الله من حرمة الكعبة؛ كما جاء في قول النَّبِي – صلى الله عليه وسلم- مخاطبًا الكعبة: (مَا أَطْيَبَكِ! وَأَطْيَبَ رِيحَكِ! مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلا خَيْرًا)(رواه ابن ماجة)".
وأوضح أن الشارع نهى عن أكل أموال الناس بالباطل لحرمتها ، فقد أمَّنَ الإسلام مال المسلم، فمنع المسلم من أكل الحرام, ومنعه من المكاسب الخبيثة المحرمة التي لا تتفق مع الشرع ، وأمَّنَهُ من التعدي عليه فأوجب قطع يد السارق؛ حفاظًا على المال من الضياع ، وحذر الأمة من أن يأكل بعضهم مال بعض، قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}[النساء:29] وحرم التعدي عليه ظلمًا وعدونًا، قال – صلى الله عليه وسلم-: (لا يَحْلُ مَالُ امرئ مُسْلِمٍ إلا بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ)(صحيح الجامع).
وأكد أن الشارع حفظ للعرض حرمته فأوجب صيانته ، وتوعد المخالف باللعنة ، فقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [سورة النور:23]، كذلك نهى الشارع عن الاقتراب من الفاحشة فقال تعالى : { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [الإسراء :32] ، وعلى ذلك فإن وقعت هذه الجريمة النكراء كان الحدّ ، وكانت العقوبة كما يصورها قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور:2].
وقال "بعد أن أمر الإسلام بحفظ الحرمات من النفس والمال والعرض أكد كذلك على الأمن الاجتماعي ، فأمَّنَ الإسلام المجتمع من الفوضى والاضطرابات والنزاعات والشقاق ، فأوجب طاعة ولاة الأمور في طاعة الله فقال وهو أصدق القائلين: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء59] ، فبالولاة يقيم الله العدل في الأرض، وبالولاة ينتصف للمظلوم من ظالمه، وبالولاة تحقن الدماء، وتُصان الأعراض ويُقام شرع الله. وأمَّنَ الأعراض فحَرَّمَ على المسلم أن يغتاب أخاه أو يسعى بالنميمة أو يسخر من أخيه أو يستهزئ به أو يلمزه، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات11]".
وأضاف "أمَّنَ المجتمع من إشاعة الفاحشة، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور:19] وقال تعالى:{لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب60]".
وأوضح أن الله - تعالى - شرع الله القصاص والحدود والعقوبات الشرعية زواجر ليُؤَمِّنَ الناسَ على دمائهم وأعرضهم وأموالهم ، وإلا سُلبت نعمة الأمن – والعياذُ بالله- وفشا الجهل، وشاع الظلم، وسُلبت الممتلكات، وأكل القوي الضعيف، وعمت الفوضى ، وتعطلت المصالح ، وكثر الهرج.
وقال إن الأمن لا يتحقق في حياة الناس بمجرد أمنهم على دمائهم وأموالهم فهذا أمن ناقص ، بل إن ذلك لن يتحقق إلا بشعور الإنسان بالأمن الداخلي في نفسه، وقلبه وتفكيره، وإحساسه بالطمأنينة والسكينة، وبعده عن أسباب الخوف والقلق والانزعاج. وهذا لا يتأتى إلا إذا أمن العبد على دينه فلم يفتن فيه، وأمن على نفسه من الظلم والاعتداء، وأمن على عرضه وعقله وماله، وكل هذا لا يطمح في الحصول عليه إلا في ظل الدين الذي أكمله الله عز وجل للأمة، ورضيه لها ديناً ، ألا وهو دين الإسلام العظيم، الذي شرع الله عز وجل فيه من العقائد والأحكام ما إذا أخذ العبد بها، فإنه يحصل على الأمن والأمان، والسكينة والاطمئنان.
وأضاف "مِنْ أهمِّ عواملِ الأمن والاستقرارِ الإيمانُ باللهِ تعالَى واجتنابُ نواهيِهِ، كما قالَ سبحانَهُ:{ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام:82] ، فمَنْ حقَّقَ الإيمانَ، واجتنَبَ العِصيانَ، وهبَهُ اللهُ تعالَى الأمنَ ورزقَهُ الأمانَ ، بل إن سعادة الدنيا ونعيمها في تحقيق الأمن ، قال: – صلى الله عليه وسلم- ( مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً في سربِهِ ، مُعَافَىً في جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا) (رواه الترمذي)".
وأكد أن الأمن والاستقرار ليس مسئولية الحاكم وحده ، ولا مسئولية العالِمِ وحده، بل مسئولية الجميع، فعلى كل إنسان القيامُ بمسؤوليَّته وواجبه في المحافظة على هذه النِّعمة ؛ فالأمنُ نعمةٌ للجميع، تاجرًا، ومُعلِّمًا، ومُفكِّرًا، وإعلاميًّا، وغيرهم من جميع أطياف الوطن. وحري بالمسلم أن يحافظ على هذه النعمة ، ويشكر الله تعالى عليها ؛ لأن الحياة لا تُطاق بدونها ، فالنعم تثبت بالشكر وتذهب بالجحود ، قال تعالى في ذلك: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }[إبراهيم: 7].
واختتم بذكر أنه إذا شاع الأمن في أمة، واطمأن كل فرد فيها على نفسه وماله وعرضه نَعِمَ المجتمع بحياة هادئة مستقرة ، لا رعب فيها ، ولا اضطراب ، ولا قلق ، ونَعِمَ المجتمع كذلك بالتقدم والازدهار حيث إنه لا تروج تجارة ، ولا تنتج صناعة ، ولا تربو زراعة إلا في مثل هذا الجو الآمن الصافي ، بل ونَعِمَ المجتمع بعلاقات طيبة مع جيرانه من الدول الأخرى إذ لا اعتداء ، ولا خيانة ، ولا نقض لعهد.
هذا هو دين الإسلام الداعي لكل أمن وأمان واستقرار ، النابذ لكل عدوان وإرهاب ، ففي الحديث الشريف يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :(لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له )( رواه الإمام أحمد) فالإيمان مصدر الأمان ، وصدق الشاعر حين قال:
إِذا الإيمانُ ضاعَ فلا أمانٌ ولا دنيا لمن لم يُحيِ دينَا
ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا
نسأل الله عز وجل أن يمن علينا بنعمة الأمن والأمان والاطمئنان والاستقرار ، وأن يجعل بلدنا آمنة مطمئنة سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين ، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.