فجأة وبدون مقدمات وبالتحديد بعد ثورة 25 يناير، أصبحنا نشاهد ونسمع عن أشخاص يطلقون على أنفسهم اسم "ناشط سياسي".. لا أعرف من أين أتوا بهذا المسمى؟ ولا من الذي نصّبهم أو منحهم هذا المسمى، أو هذه الصفة أو هذا المنصب؟. هؤلاء النشطاء يتكلمون باسم المواطنين، ويمارسون البلطجة الفكرية والإرهاب الممنهج ضد كل صاحب رأي وحتى ضد الدولة نفسها، وتجارتهم هي: الصوت العالي والكلام المرسل.. وكل عملهم هو الإفتاء فى كل شىء، والتنقل بين القنوات الفضائية وبرامج "التوك شو"، التى تستضيفهم يوميًا ليصدعوا رؤوسنا بهذا الكلام المرسل، والأفكار المشوشة التي تسمم أفكار البسطاء، ويسمعونا شتائمًا وألفاظًا بذيئة يعاقب عليها القانون، وإكالة الاتهامات لمعارضيهم. هؤلاء النشطاء يتمتعون بحصانة غريبة لا حدود لها، ولا أعرف أيضًا من الذي منحها لهم؟.. ولا يجرؤ أحد أن يكلمهم أو يقترب منهم أو يوجيه النقد لهم، وإلا اعتبروه ضد الثورة "يا نهار أسود"، ويحق لهم أن يفعلوا ويقولوا ما يشاؤون، ويسبون ويشتمون من يشاؤون، ويعتدون بالضرب على من يشاؤون. فنشاهد منهم من يعتدى فؤ الشارع على ضابط شرطة "علانية" ويجذبه من ملابسه، ولا يقع تحت طائلة القانون، ومنهم من يفرض سطوته على منطقة ويحصل منها على إتاوات، وقد وصل الأمر إلى أن بعضهم أحضر متحدثًا رسميًا وناطقًا إعلاميًا باسمه "يا نهار أسود".. ليتحول هذا المسمى إلى مهنة ووظيفة وخاصة، إن هؤلاء النشطاء معظمهم لا مهنة له، فقد يكون حامل هذا المسمى ما هو إلا بلطجي أو صايع أو سائق توك توك، ليتحول الأمر إلى "سبوبة" يتربح منها حامل هذا المسمى. والحقيقة أنني لا أعرف من أين يأتيهم المال الذي يهطل عليهم كالمطر؟!.. والغريب أن هؤلاء النشطاء لهم مريدوهم ومحبوهم.. تصوروا. هذه الظاهرة في ازدياد، حيث أصبح لدينا خلال ال3 سنوات الأخيرة عدد هائل من النشطاء السياسيين في مصر، لا أعرف من أين أتوا؟!.. واعتقادي أن الذي ساعد على انتشارها، هو زيادة نسبة البطالة في مصر التي وصلت إلى 14%، وأيضًا الإعلام الذي ساهم في تعظيمها، فضلًا عن حالة الفوضى التي تعيشها البلاد، ولا أستبعد أن نشاهد، قريبًا، نشطاء اقتصاديين واجتماعيين وحقوقيين وبرلمانيين.. وغيرها. وإنني أتساءل هل أصبح هذا المسمى مهنة تمتهن؟ أم وصفًا لوظيفة؟ أم هي شهادة جامعية تؤهل صاجها لهذا المسمى؟ وهل ممتهن هذا المسمى يحق له أن يسجله في محل العمل ببطاقة الرقم القومي؟ وأين الدولة من هؤلاء النشطاء؟.. هذا دليل على حالة الفوضى التي مازال يعيشها مجتمعنا، وتعيشها البلاد حتى الآن، وربنا يعوض علينا.