قد تكون هذه المناقشة التى أجريتها مع مجموعة كبيرة من الأصدقاء مظلمة.. لكن فى النهاية كان على أحد أن يسأل، وكان هذا هو السؤال: «ماذا تفعل لو أمامك 24 ساعة فقط للحياة»؟؟؟ لقد مكثت أسبوعا كاملا أطرح هذا السؤال.. الذى أعترف أنه كان ثقيلا ومدهشا فى نفس الوقت للكثيرين.. ولا تسألنى ما الذى جعلنى أطرح هذه الفكرة أو هذا التساؤل.. لا أعرف.. ربما أردت أن أبحث ولو للحظات عن ملامح صادقة فى حياة البشر.. بهذا السؤال المفاجئ أنت تحدث حالة من الاندهاش مع حبس الأنفاس.. الأمر الذى يسبب لدى المتلقى صدمة واقعية.. منطقية بل واحتمالية.. لا تقبل المراوغة ومن هنا تحدث هذه الحالة من الصدق مع النفس. وهكذا بدأ الحوار: مع بعضهم كنت ألتقط من أعينهم هذا الشريط السريع من الأعمال المتلاحقة التى يريدون القيام بها فى وقت قصير مع شعور بالضيق لصعوبة إتمام ذلك.. وبالطبع لا أستطيع سرد كل الإجابات التى تلقيتها هنا على هذه المساحة القصيرة والتى جاء أغلبها عاطفيا مرتبطا بكلمات الحب والشكر للأهل والأبناء والأحباء، وإن تخلل ذلك رغبات فى تناول الشيكولاتة وأنواع خاصة من الكيك وأيضاً الوجبات السريعة!! قال الكثير أيضاً «الصلاة.. الصلاة.. الصلاة» والدعاء للمغفرة ومسامحة الآخرين. هناك أيضاً من سرد برنامجا ليوم كامل وكأنه يريد أن يلحق بكل شىء فى يوم واحد، أعتقد أنه «نسى» زحمة المرور، ومن الطرائف التى قالها أحد الأصدقاء أنه سيرسل e- mail بتاريخ لاحق، كنوع من الدعابة.. ربما تكون الآخرة بها أيضاً إنترنت!! وقال آخرون إنهم قد يسرقون بنكا حتى يعيشوا لحظات من الإثارة ثم يقومون بتوزيع هذه النقود على الفقراء إذا تمت العملية بنجاح.. وهناك من رغب فى ممارسة الحب والضحك طوال اليوم. قالت صديقة إنها ستسامح نفسها، وقال آخر إنه سيتخلص من كل شىء قبيح يحتفظ به حتى لا تكتشفه أسرته.. وقال أحدهم إنه سيستمتع بما قدمته الحياة «ببلاش» كالشمس والهواء والأشجار والزهور والعصافير.. أما ذلك فقال «سوف أشكر هؤلاء الناس الذين مروا بحياتى ولم أجد الوقت أقول لهم إنهم كانوا يعنون لى الكثير». وبعيدا عن الأصدقاء وحواراتهم.. هناك من له فلسفته الخاصة بالحياة والموت تحديدا وأتذكر فى ذلك كلمات للكاتب والفيلسوف «إيخارت تول» قال فيها.. الموت ليس مضادا للحياة.. الحياة ليس لها مضاد.. عكس الحياة هو الميلاد.. الحياة أبدية وسرها أن تموت قبل أن تموت بمعنى أن لا تتعلق أو تتمسك بالعلاقات أو الأشياء المادية المحيطة بك والتى تسبب لك التعاسة عندما تفقدها.. عليك أن تزهد هذا التمسك دون أن تفقد مشاعر الحب والمودة والإدراك والعرفان للآخرين وما حولك.. ولكن دون التعلق بهم. كانت هذه إجابات موجزة مفاجأة للبعض ولكنها صادقة.. خلاصتها عزيزى القارئ كما ترى تنحصر فى رغبات بسيطة للغاية.. كلها فى متناول اليد.. كلها سهلة التنفيذ.. فلماذا تنتظر حتى آخر يوم لتقوم بها.. والحياة كانت.. أو ما زالت ممتدة أمامك!!!