لا يختلف اثنان على أن الفضل فى بزوغ نجم «دويلة» قطر يرجع إلى السياسات الأمريكية التى اتبعتها إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش، بعد انقلاب أمير قطر السابق، الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى على والده خليفة آل ثانى، وهو ما يجعل الحاكم القطرى مدينا بالفضل للسياسات الخارجية الأمريكية، إلا أن الواقع هو أن بدايات النفوذ الأمريكى على تلك الدويلة يعود إلى سنوات سابقة على اتفاقية الدفاع المشترك التى تم تأسيس قاعدة «العديد» الجوية العسكرية الأمريكية بموجبها، خاصة بعد الضغوط التى مارستها المملكة السعودية لإغلاق قاعدة «الأمير سلطان» العسكرية. ربما تكون العلاقة بين «الدوحة»و«واشنطن» قد مرت ببعض فترات التوتر بسبب «الطموح الأعمى» للدويلة الصغيرة، إلا أنه سرعان ما تبددت تلك التوترات وعادت العلاقة أفضل ما يكون، بعد تجديد اتفاقية الدفاع المشترك منتصف الشهر الماضى، وتمديد إقامة القوات الأمريكية فى قاعدة «العديد» التى تعد أكبر قاعدة أمريكية فى المنطقة، أى أن «واشنطن» عهدت ل«الدوحة» بما لم تعهد به لأكبر حلفائها فى الشرق الأوسط والعالم بأكمله، إسرائيل. فى منتصف الشهر الماضى، وصل وزير الدفاع الأمريكى تشاك هاجل، فى جولة إلى منطقة الشرق الأوسط، لتعزيز التحالفات فى منطقة الخليج، وكانت قطر هى أكبر دولة حظيت بنصيب الأسد من تلك الزيارة؛ حيث تم الاتفاق على تمديد اتفاقية الدفاع المشترك ل10 سنوات أخرى، والتأكيد أن أهداف «الدوحة»و«واشنطن» واحدة ومشتركة وواضحة جدا، ولا يمكن أن تكون بها خلافات. اللافت هو أن قطر، التى تستضيف القاعدة الأمريكية منذ التسعينات، هى نفسها التى دفعت تكاليف تشييدها، التى بلغت مليار دولار، رغم أنها لم تكن تمتلك سلاح طيران فى تلك الفترة. تقول مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية: إن «واشنطن» وقفت إلى جانب قطر لتزدهر اقتصاديا ويعلو نفوذها سياسيا فى الشرق الأوسط، حتى بالرغم من مزاعم أن قطر تعمل ضد مصالح أمريكا فى المنطقة، ولكن الواقع هو أنها سياسات تكميلية لا تسير الواحدة دون الأخرى. لا تتوقف العلاقة عند هذا الحد؛ فالدويلة الصغيرة قررت أن ترد الجميل ل«الشيطان» الذى صنعها؛ حيث تشير صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إلى أن الاستثمارات القطرية فى الولاياتالمتحدة بدأت تتزايد بشكل ملحوظ فى الفترة الأخيرة؛ حيث إن الدويلة الصغيرة تحاول إنقاذ الولاياتالمتحدة من أزمتها المالية من خلال ضخ الاستثمارات فيها وشراء المعدات العسكرية منها؛ فقد اشترت «الدوحة» طائرات حربية بمبلغ إجمالى 19 مليار دولار، رغم أنها لا تحتاج إليها فعليا. السفير الأمريكى السابق لدى الدوحة، تشيس إنترماير، قال إن «قطر هى مجموعة أعمال لعائلة لديها مقعد فى الأممالمتحدة، لا يهم أن تسأل حقا عمن يملك قناة الجزيرة أو شركة الديار؛ لأن جميعها جزء من شركات العائلة المالكة القطرية»، فيما يؤكد المراقبون أن قطر تتبع السياسات الأمريكية فى مقابل التغاضى عن الفشل السياسى الداخلى وعدم وجود إصلاحات فى النظام البرلمانى والانتخابى حتى الآن، على عكس ما تفعله «واشنطن» مع الدول الأخرى. دائما ما كانت تلعب قطر دور «المحلل» بالنسبة للسياسة الأمريكية؛ فهى تحمل على عاتقها مسئولية تبرير القرارات الأمريكية والترويج لها، خاصة بعد قرار الإدارة الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا فى أعقاب مزاعم استخدام السلاح الكيماوى ضد المعارضة السورية، وكان الدور الأكبر على الإطلاق هو آلة التبرير الإعلامية التى تبرر موقف الإدارة الأمريكية فى أعقاب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى.