شهدت سوق الصرف والنقد الأجنبى تغيرات دراماتيكية خلال العام الماضى بالتزامن مع التغيرات السياسية التى شهدتها البلاد، حيث ارتفع سعر الدولار أمام الجنيه بشكل جنونى، خلال النصف الأول من 2013، بقيمة 68 قرشاً فى السوق الرسمية بالبنوك وشركات الصرافة، وهى تعادل 10.69%، ليسجل سعر العملة الأمريكية بنهاية يونيو 704 قروش، مقابل 636 قرشاً فى مطلع العام، فيما انعكست المؤشرات مرة أخرى بعد 30 يونيو، ليعوّض الجنيه شيئاً من نزيفه، محققاً مكاسب قدرها 11 قرشاً على حساب الدولار، حيث تراجع الأخير بنسبة 1.56%، ليستقر عند مستوى 693 قرشاً فى السوق الرسمية. واشتعلت المضاربات على العملات الأجنبية، وفى مقدمتها الدولار، خلال النصف الأول من العام الماضى على خلفية الأوضاع السياسية غير المستقرة والاحتقان لدى الشارع من ممارسات الإخوان، سواء من خلال الحكومة أو عبر الاحتكاك بالقوى المعارضة لها فى الشارع، لتحقيق مكاسب مالية عبر تنشيط السوق السوداء. وسجل الدولار خلال تلك الفترة أعلى رقم قياسى له فى تاريخ البلاد، حيث تجاوز 8 جنيهات للدولار الواحد، فيما كان من الصعب الحصول عليه من البنوك أو شركات الصرافة لنُدرته لأسباب تتعلق بتراجع إيرادات الدولة لنفس الأسباب السياسية والانفلات الأمنى فى ذلك الحين. وقال مصرفيون: إن «30 يونيو» كانت بمثابة نقطة فاصلة فى حركة سعر صرف العملات الأجنبية، حيث أسفر الدعم العربى وتحسن المناخ وارتفاع الثقة مرة أخرى فى الاقتصاد الوطنى عن ارتفاع أرصدة الاحتياطى النقدى الأجنبى، مما انعكس إيجاباً على المعروض من العملات الأجنبية فى السوق، وعزّز من قدرات البنك المركزى فى توفير الغطاء النقدى المطلوب لاستيراد السلع من الخارج. وقال خالد السيد، مدير إدارة الخزانة: إن النصف الأول من العام الماضى شهد تراجعاً فى رصيد الاحتياطى النقدى الأجنبى رغم حصول البلاد على مساعدات تركية وقطرية وليبية تفوق 5 مليارات دولار، ورغم ذلك تراكمت طلبات الاستيراد لدى البنوك لتدبير النقد الأجنبى لها، إلا أن الأمور سرعان ما تبدلت بعد 30 يونيو، بسبب الدعم المالى العربى بقيمة 12 مليار دولار، ضخ البنك المركزى على أثرها عطاءً استثنائياً فى السوق بقيمة 1.3 مليار دولار لتلبية احتياجات المستوردين، ورد مبالغ تتجاوز مليارى دولار إلى قطر، بالإضافة إلى مد قائمة السلع المسموح لها بالحصول على العملة الصعبة حتى شملت السلع الوسيطة ومدخلات الإنتاج إلى جانب السلع الرئيسية، ومنها الغذائية والبترولية. ياسر عمارة، الخبير المصرفى، قال: رغم ما مثلته المساعدات العربية من أهمية قصوى دعمت موقف المعروض النقدى من العملة الصعبة فى السوق، مما انعكس على أسعارها أمام الجنيه، فإنها لم تكن العامل الوحيد الذى دعم موقف الجنيه بعد 30 يونيو، لافتاً إلى أن حالة التفاؤل بعد ذلك التاريخ أدت إلى زيادة تحويلات المصريين فى الخارج ودخول بعض الاستثمارات الجديدة إلى السوق المحلية، قائلاً: الأزمة الأمنية التى تسبّب فيها الإخوان بعد عزل «مرسى» تسببت فى انهيار القطاع السياحى، مما ضغط على المعروض الدولارى فى السوق. جدير بالذكر أن رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك، أطلق تصريحات لوكالات الأنباء العالمية، قال فيها: إن مصر تتجه إلى زيادة سعر الدولار وفقاً لمتطلبات صندوق النقد الدولى المشروطة لمنحنا قرضاً بقيمة 4.8 مليار دولار، مما أسهم بقوة فى اشتعال المضاربات على العملة الأمريكية فى ذلك الوقت، وتسبب فى خسائر كبيرة للجنيه.