لا تتناسب أعمارهم الصغيرة مع حالهم الذى يشبه حال الكبار، فقد تخلوا طوعاً عن البراءة ليكونوا عوناً لأسرهم فى مواجهة شظف الحياة.. مهنة «سائق توك توك» كانت القشة التى تعلقوا بها أملاً فى بضعة جنيهات تساعدهم على مواجهة الفقر والمرض و«عيشة» تأبى أن تعترف بإنسانيتهم. قرار محافظ الجيزة الأخير بحظر قيادة أى «توك توك» لمن هم أقل من 18 سنة كان بمثابة ضربة لسائقى التوك توك لأن معظمهم من صغار السن. فى شارع «البحر الأعظم» حوّل «محمود» مركبته الصغيرة إلى فرح، فلمبات الإضاءة الصغيرة تنير جميع جوانبها، والأغانى الشعبية التى تنبعث عنها تصم الآذان، كما أنها مزودة بشاشة عرض معلقة فى السقف، تعرض كليبات لبعض الراقصات.. هذا هو حال توك توك محمود المصرى، 17 عاماً، الذى اعتبر أن قرار المحافظ «لا يسير عليه»: «هو كان المحافظ بيأكلنى أو بيشربنى عشان يتحكم فى لقمة عيشى». الشدة فى كلمات محمود تكشف عن ظروف عائلته التى تسكن غرفتين وصالة بإحدى حارات أرض اللواء وتعتمد فى إنفاقها على إيراد توك توك محمود بشكل أساسى. «أديك فى السقف تمحر» أغنية صاخبة يغنيها سعيد فتحى، 16 عاماً، وهو يقود التوك توك الخاص به فى منطقة «أرض اللواء»، سعيد تخلى عن دراسته واكتفى ب«الإعدادية»، وهو ما دفعه لرفض قرار المحافظ: «يعنى هما مش بيوفروا لنا سكن ولا مية وبنروح نشتريها بس علشان نشرب وكمان ال 40 وال30 جنيه مستكترينهم علينا».. يدرك سعيد أن هناك استغلالاً لبعض التكاتك فى أمور غير مشروعة مثل «السرقة أو التثبيت وأحياناً شرب المخدرات» لكنه يتساءل: «طب إيه ذنبنا إحنا.. ما يبقى فيه رقابة بدل ما نشحت». منصور الشهير ب«شعوذة»، 16 عاماً، يعمل «سائق توك توك» فى المنيب لتوفير نفقات زواج أخته الكبيرة: «يعنى مفيش فرص عمل وبيمنعوا الشغلانة الشريفة اللى لقيتها، محدش يسأل بقى الشباب المصرى بينحرف ليه»؟!. أحمد سيد، 24 عاماً، سائق توك توك بالمنيب يرى أن القرار جاء فى وقته بعد أن كثرت شكاوى السكان من حوادث التثبيت التى تتم بواسطة «التوك توك» قائلاً: «كفاية إن كل يوم والتانى نلاقى توك توك بيعمل حادثة وينقلب والسبب أن عيل صغير هو اللى بيسوق».