السيد الفريق أول عبدالفتاح السيسى، نائب رئيس الوزراء، وزير الدفاع بعد التحية أكتب إليك وأعلم حجم الضغوط عليك ومدى انشغالك فى مواجهة المخططات والمؤامرات الخارجية والداخلية ضد هذا البلد العريق، لكن ما يحدث فى الداخل من فشل وتشتت أدى إلى إحباط الشعب ليس أقل خطورة من مشاغلك سواء كان سوء الأداء بسبب التواطؤ أو بحسن نية فالنتيجة واحدة.. ولا يمكن للجيش أن يظل متمنعاً أو متفرجاً أو زاهداً، خاصة أنه الضامن والأمين والمؤتمن من قبل عموم الشعب، ولكم فى مظاهرات التفويض 26 يوليو أسوة حسنة لتعلموا ماذا يحمل هذا الشعب العظيم فى وجدانه لجيشه، بعيداً عن بعض المغرضين والصغار الذين يهتفون «يسقط حكم العسكر» أو يساوون بين الجيش الوطنى والعصابة الإرهابية الخائنة حينما يرددون بلا وعى أو مسئولية «اتنين مالهومش أمان.. العسكر والإخوان». سيادة الفريق أول مصر الآن أمام حكومة خائبة ومرتعشة، ورئاسة غائبة، وجمعية تأسيسية فئوية، ولا يوجد سوى الجيش الذى يطمئن إليه الناس، ولا يمكن أن يقتصر دوره على استدعائه فى حالات ثورات الغضب الشديدة، بل يجب أن يكون شريكاً وضامناً وراعياً لبناء مصر المستقبل، خاصة أن الشعب فى أنضج فترات وعيه وانتمائه، لكنه حتى الآن لم يجد من يستثمر ذلك لدفع البلاد إلى الأمام.. وإذا كنت جديراً بأن رفع الصغار والكبار صورك فى كل ربوع مصر بحسن إدارتك للمشهد بعد 30 يونيو، وخيالك فى الدعوة لمظاهرة 26 يوليو، ورؤيتك فى فتح خط مع روسيا لتنويع السلاح المصرى، فإن مصر تحتاج إلى العشرات من مثل هذه الأفكار التى توصف بأنها خارج الصندوق والتى عجزت حكومتك خلال 4 أشهر على ابتكارها أو تنفيذها حتى طمع الإخوان وتنظيمهم الدولى فى مصر. سيادة نائب رئيس الوزراء لقد فشل كل من قبلك حينما راهنوا على الوقت فى حل أزماتهم ولم يستجيبوا لنداء الشعب بتغيير الحكومة، فعلها مبارك مع د.أحمد نظيف وأجبرته ثورة 25 يناير، ومن بعده كررها المشير طنطاوى الذى لم يسعفه خياله بتغيير حكومة د.عصام شرف المستأنسة حتى أجبره الثوار بعد أحداث محمد محمود الأولى، ثم مارس د.محمد مرسى نفس التشدد مع حكومته الفاشلة التى كان يقودها د.هشام قنديل، لكن هزمه الشعب فى 30 يونيو.. وبالتالى فإن التمسك بوزارة الببلاوى الفاشلة لن تحصد منه سوى الغضب.. ولا أعرف لماذا لم تصحح توجهات هذه الحكومة وأنت نائب لرئيس الوزراء والأكثر شعبية وإدراكاً للمخاطر الخارجية والداخلية.. وبالمناسبة لا يمكن أن يكون الدور الرائع لوزير الداخلية الحالى فى ثورة 30 يونيو سبباً لاستمراره رغم فشله، ولكم أن تكرموه بطريقة أخرى.. كما لا يمكن استمرار وزراء آخرين أثبتت الممارسة أن عيونهم على الخارج وعلى أصدقائهم وليس على احتياجات الشعب. سيادة القائد العام للقوات المسلحة لا أعرف كيف تختزلون دوركم فى الدستور فى مواد القوات المسلحة فقد تركتم تشكيل اللجنة لمن لا يعرف معنى الدولة ولا قيمة الجيش وركز فى الاختيارات على «شلة» الإنقاذ وثورة 25 يناير وتجاهل كل الرموز الوطنية التى حاربت الإخوان وتقدر قيمة الدولة والجيش.. وبالتالى كانت النتيجة جمعية تأسيسية غير متناسقة.. أعضاؤها يبحثون عن أمجاد شخصية ومصالح حزبية ضيقة بدون رؤية، بل والأغرب أنهم دخلوا فى صراعات صغيرة كان أولى بالجيش أن يدعو لاحتوائها للحفاظ على تحالف 30 يونيو، خاصة أنه حاول من قبل فى عهد د.محمد مرسى بالدعوة إلى حفل غداء إلا أن مكتب الإرشاد قد رفض.. الأغرب أن بعض أعضاء التأسيسية اعتبروا معركتهم الأهم هى مواد القوات المسلحة، وظل الجيش صامتاً لا يجد من يدافع عنه بل رفضوا استمرار مواد دستور 2012 التى وضعها الإخوان أو الكارهون للجيش، وأرى أنه إذا استمر العناد أن يطرح الجيش سيناريو بديلاً بوضع مواده التى يريدها فى ورقة منفصلة للتصويت عليها، وسيكتشف هؤلاء وغيرهم مدى حب وامتنان الشعب المصرى لجيشه ومؤسسته العسكرية وقياداتها. سيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسى لعلك معى أن المشهد الآن أسوأ بكثير مما كان عليه المصريون فى 3 يوليو، وأن الحكومة والقائمين على الأمر لم يستغلوا فرصاً كثيرة للانطلاق.. وبدأت البلاد تتحلل وتتفكك.. حتى من رفعوا صورك ورددوا أغنية جيشهم «تسلم الأيادى»، لم يجدوا من يحميهم، ومرحلة الاغتيالات بدأت بالفعل، والمؤامرات الدولية والداخلية لا تنقطع.. ولا يمكن تكرار أخطاء سلفك المشير طنطاوى الذى هزمته سنه وعدم خبرته، فيما أنت تملك الخبرة الكافية خلال المرحلة الانتقالية السابقة والسن المناسبة لضمان خروج هذا البلد العريق من النفق المظلم لينهض بعد أن اكتوى بالتشرذم والصراعات بل والخيانة، خاصة أن طموحات شعبه بلا سقف والتركة ثقيلة جداً، لكن لا يوجد سوى الجيش يلجأ إليه الجميع.. ولن يقبل أحد منه الحياد أو الامتناع فى ظل أوضاع تتأزم.. وإحباط يتسلل.. ومبادرات تختفى.. وقيادات هشة.. وبالتالى كل شىء يحتاج للمراجعة، خاصة أن المرحلة الانتقالية مهددة بالفشل، لا قدر الله.. ووقتها سيحاسب الجيش، ولا أحد غيره، على كل المشاريب.. اتحرك يا سيسى!! .. والسلام ختام.