يجب الاهتمام، ونحن نضع دستورا جديدا ونبنى دولة المؤسسات الديمقراطية، بثقافة الواجبات بنفس القدر بالاهتمام بثقافة الحقوق. ولهذا أقترح على الجمعية التأسيسية تقسيم الجزء الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة إلى ثلاثة أجزاء فرعية واضحة: «الحقوق»، «واجبات الدولة تجاه المواطنين»، «واجبات المواطنين». فى الجزء الأول توضع الحقوق والحريات المتفق عليها، وتضاف الحقوق التى تحظى بإجماع وطنى، كحقوق ذوى الاحتياجات الخاصة والمعاقين ذهنيا ونفسيا، حقوق المهمشين اجتماعيا واقتصاديا، إلزامية ومجانية التعليم حتى نهاية المرحلة الثانوية، استقلال الجامعات وتحديد حد أدنى لميزانية التعليم والبحث العلمى بموازنة الدولة، الحفاظ على الهُوية واللغة العربية، كفالة الدولة ودعمها لحرية البحث العلمى والإبداع الأدبى والفنى والثقافى، دعم الوقف فى التعليم والعمل الأهلى، منع التوريث فى المهن وضبط عمليات التعيين واختبارات القبول والاعتماد على مبدأى الكفاءة والخبرة، إتاحة المعلومات وإلزام الدولة بعمل الإحصاءات وإتاحتها، وتجريم التلاعب بالمعلومات. وعلى غرار الدستور الهندى وغيره من الدساتير، أقترح إضافة «واجبات الدولة تجاه المواطنين» لترجمة أولويات وأهداف الثورة التى على مؤسسات الدولة توفيرها وتنفيذها، وأقترح 12 واجبا: 1- سبل الحفاظ على كرامة المصريين بالداخل والخارج، 2- الحفاظ على حقوق الإنسان وحرياته، وكفالة العدالة والمساواة بين المواطنين والمواطنات فى التمتع بالحقوق وفى تولى الوظائف والمناصب العامة والقيادية، 3- منع كل أشكال الاستغلال وتجريم كل صور التمييز، 4- الحفاظ على النظام الديمقراطى ودولة القانون والمؤسسات الديمقراطية والفصل بين السلطات، وخضوع كافة المؤسسات غير المنتخبة للمؤسسات المنتخبة، 5- تمكين الفئات الضعيفة والمهمشة فى المجتمع بكل الوسائل الممكنة ومنها التمييز الإيجابى، 6- سبل الحفاظ على الهُوية والثقافة الوطنية واللغة العربية، 7- سبل دعم التربية والتعليم والبحث العلمى وكفالة الحريات الأكاديمية، 8- سبل الرزق والعمل اللائق وتوفير الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة من غذاء ومسكن وخدمات صحية وتعليمية وثقافية واجتماعية مع الاهتمام بالفئات المحرومة، 9- وجود أجور عادلة عن الأعمال المختلفة، وكفالة حقوق العمل لكافة أشكاله الرسمية وغير الرسمية والموسمية وغير الدائمة، وتوفير خدمات التأمين الاجتماعى والصحى ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للجميع، 10- سبل الحفاظ على إقليم الدولة وثرواتها ومواردها العامة والتعهد باستخدامها لتحقيق المصالح العامة للجيل الحالى وللأجيال القادمة، وبعدم التصرف فيها، 11- سبل منع تركز الثروة ووسائل الإنتاج فى يد قلة، 12- وجود سياسة خارجية تحافظ على سيادة مصر واستقلالية قراراتها وتحقق مصالح المصريين بالداخل والخارج والتفاعل بندية مع الآخر. وفى الجزء الخاص بواجبات المواطن، أقترح التركيز على بناء المواطن الصالح، الرشيد، والديمقراطى، بإضافة عدة واجبات، منها: 1- احترام الدستور والقانون والتقيد بمواده المختلفة واحترام قرارات المؤسسات المنتخبة، 2- الوعى بالحقوق والواجبات وبأسس الحكم والإدارة العامة لمؤسسات الدولة، 3- الإحساس بالمسئولية الاجتماعية تجاه قضايا الوطن والمصلحة العامة لجميع فئاته، 4- المشاركة فى العمل العام والسعى دوما نحو التمسك بالقيم الأخلاقية وآداب الاختلاف، 5- الاعتزاز بقيم التراث ومكونات الهُوية الوطنية والثقافة واللغة العربية، 6- الاعتزاز بمبادئ ثورة 25 يناير والتمسك بقيم الحرية والمساواة والكرامة ونبذ كل صور التعصب والتمييز، 7- السعى دوما نحو التمسك بالعلم والابتكار والتفوق على المستويين الفردى والجماعى، وتنمية مهارات النقد البناء والانفتاح على الآخر، 8- الدفاع عن سلامة البلاد ووحدة أراضيها وتلبية نداء الخدمة العامة عند الحاجة، 9- الحفاظ على الممتلكات العامة وعلى مقدرات البلاد ومواردها الطبيعية. ولأن الدساتير ليست مجرد نصوص، فهى تحتاج إلى ثلاثة أمور مكملة: تدابير وضمانات لتنفيذ هذه النصوص، ونظم ثقافية وتعليمية وإعلامية لترسيخ ثقافة وشرف التقيد بالقانون، ونظم قانونية لرفع تكلفة اختراق القانون. ولهذا حديث آخر.