وكيل "تعليم بني سويف" يشهد فعاليات البرنامج التدريبي لمقيمي سوق العمل لنظام الجدارات    جدول امتحانات الأزهر الشريف.. وتنويه مهم بشأن المقررات الدراسية    رئيس جامعة بني سويف يستقبل وفدا من الكنائس للتهنئة بعيد الفطر    تراجع الجنيه أمام الدولار مدفوعا بالتوترات الجيوسياسية بالمنطقة    «الزراعة»: مصر على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية    حسام عبد الغفار: توفير ميزانية ضخمة للتأمين الصحي الشامل تخدم 70 مليون مواطن    الحكومة: تمويل تحويل 70 ألفا و477 سيارة للعمل بالغاز الطبيعي    نتنياهو: القتال في قطاع غزة جزء من مواجهة تهديد أكبر تمثله إيران    الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن دعم هجمات المستعمرين في الضفة    مقابل الإفراج عن 500 أسير.. قراصنة يهددون وزارة الدفاع الإسرائيلية بنشر معلومات حساسة عن الجيش    شوبير يفجّر مفاجأة بشأن المسؤول عن إخفاء الكرات بمباراة القمة    الزمالك: لم نكن سعداء بميل المنظمين للأهلي في ديربي السعودية    مادويكي وجاكسون يفسدان فرحة بوكيتينو    كولر يفاجئ لاعبيه بعد الهزيمة من الزمالك    ضبط 4 أشخاص لاتهامهم بسرقة طالب في القليوبية    عاجل| منخفض خماسيني قادم.. الأرصاد توجه تحذيرا للمواطنين: «ارتدوا الكمامات»    حصيلة 24 ساعة.. ضبط 6561 قضية سرقة تيار كهربائى    مدمن "آيس" ينهي حياته في بولاق الدكرور    محافظ الدقهلية: حملات تموينية مستمرة لرفع المعاناة عن المواطنين    التحقيق مع عاطل لاتجاره في مخدر الآيس في كرداسة    تراجع في إيرادات أفلام العيد.. 3.6 مليون جنيه خلال 24 ساعة    مستشار المفتي: «الإفتاء المصرية» تصدر 1.5 مليون فتوى ب12 لغة مختلفة كل عام    «الوزراء»: توقعات بوصول حجم سوق البناء عالميا ل14.4 تريليون دولار في 2030    «شرق 12 للعرض» يشارك ضمن مسابقة أسبوع المخرجين في مهرجان كان 2024    دعاء الرزق الواسع.. اللّهم إن كان رزقي في السّماء فأنزله    مستشار الرئيس لشؤون الصحة: الرعاية الأولية توفر 75% من الخدمات الطبية    «الصحة»: حصول مستشفى حميات المنوفية على شهادة الجودة الدولية GAHAR    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار والعواصف وصواعق البرق فى باكستان ل 41 قتيلا    انطلاق 34 شاحنة مساعدات ضمن القافلة السادسة للتحالف الوطنى لدعم غزة..فيديو    امتى هنغير الساعة؟| موعد عودة التوقيت الصيفي وانتهاء الشتوي    14 مشروعا كمرحلة أولى لتطوير موقع التجلى الأعظم بسانت كاترين    حواجز تشبه النخيل.. 11 غواصًا يواصلون البحث عن جثمان غريق الساحل الشمالي- صور    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    دوري المحترفين.. «5 مواجهات» في الجولة السادسة بمجموعة الهبوط    "مؤجل منذ فترة".. أول قرار من الخطيب بعد الهزيمة من الزمالك    توقعات برج الميزان في النصف الثاني من أبريل 2024: «قرارات استثمارية وتركيز على المشروعات التعاونية»    ربنا مش كل الناس اتفقت عليه.. تعليق ريهام حجاج على منتقدي «صدفة»    «افرح يا قلبي».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب ل علوية صبح    ثلاثة مصريين في نهائي بلاك بول المفتوحة للاسكواش    ننشر شروط وقواعد القبول في المدارس المصرية اليابانية    بمعدل نمو 48%.. بنك فيصل يربح 6 مليارات جنيه في 3 شهور    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    بالتزامن مع تغيير الفصول.. طرق الحفاظ على صحة العيون    بالأسماء، تنازل 21 مواطنا عن الجنسية المصرية    بعد تصديق الرئيس، 5 حقوق وإعفاءات للمسنين فى القانون الجديد    هل أداء السنن يغني عن صلاة الفوائت؟ أمين الإفتاء يوضح    رد الدكتور أحمد كريمة على طلب المتهم في قضية "فتاة الشروق    أوكرانيا: الجيش الروسي يقصف 15 منطقة سكنية في خيرسون    جوتيريش: بعد عام من الحرب يجب ألا ينسى العالم شعب السودان    ثقافة الأقصر تناقش دور المرأة بين الالتزام والحقوق والعمل المجتمعي الخدمى    الصين تؤكد على ضرورة حل القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين    «الصحة» تطلق البرنامج الإلكتروني المُحدث لترصد العدوى في المنشآت الصحية    جدول امتحانات المرحلة الثانوية 2024 الترم الثاني بمحافظة الإسكندرية    أحمد كريمة: تعاطي المسكرات بكافة أنواعها حرام شرعاً    «تحدث بنبرة حادة».. مدحت شلبي: نجم الأهلي طلب الرحيل بعد الخسارة أمام الزمالك    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    رئيس تحرير «الأخبار»: الصحافة القومية حصن أساسي ودرع للدفاع عن الوطن.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التسعيرة الجبرية».. مزيد من النهب
نشر في الوطن يوم 24 - 09 - 2013

فى اللحظة التى أعلن فيها مجلس الوزراء ظهر أمس الأول قرار فرض التسعيرة الجبرية على السلع الأساسية فى الأسواق، أيقنتُ على الفور أننا دخلنا مرحلة جديدة من مراحل تدمير المنتجين والمزارعين لصالح فئة كبار التجار التى احترفت تزييف كل حقائق الإنتاج والبيع والشراء فى مصر، ونهب أرباح طائلة من جيوب المزارعين والمنتجين والمستهلكين.
وبعد ساعات قليلة من نشر القرار فى وسائل الإعلام تأكد لى ولغيرى من المتابعين المتخصصين صدق هذا اليقين، فقد سارع المسئولون عن الغرف التجارية فى كل المحافظات ورؤساء أجهزة أسواق الجملة الضخمة، ومسئولو التسعير بالأسواق، إلى التعامل مع قرار «التسعيرة الجبرية» بطريقة شديدة اللؤم تعكس احترافاً بالغاً فى تحويل أكثر القرارات عدلاً، إلى أشدها تغوّلاً ونهشاً لمزيد من الأرباح الطفيلية الإجرامية من المنتجين والمستهلكين معاً، فها هو رئيس جهاز أحد أكبر أسواق القاهرة الكبرى ينضم إلى أمين عام الغرفة التجارية فى واحدة من كبرى محافظات الصعيد، وإلى مسئول التسعير فى أكبر أسواق الدلتا، فى الترحيب المبدئى بقرار فرض التسعيرة الجبرية، ثم ينطلق الثلاثة من هذا الترحيب إلى الاتفاق على شيئين لا ثالث لهما: الأول أن هذا القرار لن يكون له تأثير إيجابى إلا بعد فرض رقابة صارمة على تجار التجزئة الذين يفرضون أسعاراً جزافية لمضاعفة أرباحهم فى ظل غياب الرقابة على الأسواق، الشىء الثانى: أن تجار الجملة لا يتدخلون إطلاقاً فى تحديد الأسعار، فدورهم مجرد تنظيم إدارى فقط، والمنتجات تأتى أساساً غالية جداً من المزارعين والمنتجين الذين يلجأون إلى رفع أسعار تسليم منتجاتهم بسبب أزمة السولار وأزمة الأسمدة التى يحصلون عليها من السوق السوداء.
هذه هى محاور اللعبة الإجرامية التى اتفق كل كبار التجار وأباطرة الأسواق على ترديدها وإقناع المسئولين أولاً والرأى العام ثانياً بها، وهى لعبة مكشوفة لمن يعرف حقائق الإنتاج والتجارة فى مصر، خصوصاً فى مجال السلع الغذائية مثل الفاكهة والخضار، وأهم حقيقة فى هذا الأمر أنه لا يوجد مُزارع واحد فى مصر بإمكانه أن يفرض سعراً محدداً لمحصوله، وأن تحديد سعر بيع أى محصول من المزرعة أو الأرض تحدده مافيا محترفة لا تملك من كل مؤهلات التجارة غير مؤهل واحد، هو فرض سعر محدّد لأى محصول يتم تعميمه بالتليفون من مطروح إلى سيناء ومن الإسكندرية إلى أسوان، ولا يملك مزارع واحد أن يمتنع عن بيع محصوله بالسعر الجائر المتدنى الذى حدّده التاجر، لأن النتيجة ستكون كارثية فى ظل عدم إمكانية تخزين المحصول لأكثر من يوم أو يومين على الأكثر يتعرض بعدها للتلف كله.
الحقيقة الثانية التى بإمكان أى مواطن أن يتأكد منها بنفسه أننا لا نعرف تاجر تجزئة ظهرت عليه علامات الثراء، فالغالبية الكاسحة من هؤلاء التجار مجرد شبكة واسعة من الخاضعين لشروط شديدة القسوة يفرضها عليهم كبار تجار الجملة الذين يحدّدون أيضاً أسعار البيع لهم، وهى دائماً أسعار لا تترك مجالاً إلا لهامش ربح ضئيل، كثيراً ما تلتهمه كميات الثمار المعطوبة، التى يتم التخلص منها، بالإضافة إلى فارق الغش فى الموازين الذى تمارسه أسواق الجملة مع تجار التجزئة الغلابة.
والمحصلة التى سينتهى إليها قرار التسعيرة الإجبارية هى أن المزارعين وتجار التجزئة سيتعرضون لمزيد من نهب عرقهم بواسطة بارونات أسواق الجملة ومقاولى شراء الفاكهة والخضراوات من المزارع والغيطان، وإذا استمر هذا الوضع لعدة شهور فسوف نصحو على كارثة، هى عجز الفلاحين والمزارعين عن الاستمرار فى زراعة أراضيهم، وستشهد الأسواق ارتفاعاً جنونياً فى الأسعار بسبب النقص الحاد فى المعروض، وفى الحالين لن يخسر تاجر كبير جنيهاً واحداً، بل المؤكد أنهم سيجنون أرباحاً طائلة إضافية، سواء زاد إنتاج المحاصيل أو تراجع.
والحل الوحيد لإنقاذ الشعب المصرى من هذه المافيا المنظمة هو فرض تسعيرة إجبارية لشراء المحاصيل من المزارعين وفرض تسعيرة إجبارية أخرى لبيع المحاصيل للمستهلكين بعد تحديد هامش ربح يتوزّع على حلقات تداول المحصول من المزرعة إلى المستهلك، فلم يعد مقبولاً أبداً أن يطفح الفلاح الدم لإنتاج غذاء الشعب كله ولا يجد ما يأكله بسبب الغياب المطلق لكل أجهزة الدولة عن حمايته من السعر القهرى الذى يفرضه عليه تاجر متوحش يتمتع بحماية زملائه فى الغرف التجارية والصناعية، ومع فرض تسعيرة جبرية للسلع سيلجأ التجار فوراً إلى مزيد من خفض سعر شراء المحاصيل من الفلاحين ومزيد من خفض هامش ربح تجار التجزئة لكى يحتفظوا بأرباحهم الطفيلية الطائلة كما لم يعد مقبولاً أن نستهلك معظم طاقة البلد فى ثورتين كبيرتين لكى نحصل على وزراء ومسئولين على درجة عميقة من الجهل بأبسط المعلومات عن حالة البلاد والعباد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.