فزاعة الاسلاميين التي كثيرا ما استخدمها نظام مبارك، لترويع المصريين وتخويفهم من حكم الاسلاميين، ها هي اليوم ملء السمع والبصر. وصل الاسلاميون إلى سدة الحكم، سيطروا على الأغلبية البرلمانية، وسيشكلون الحكومة بعد انتخاب الرئيس، ولهم مرشحون في انتخابات الرئاسة. من هنا تأتي أهمية الحوار مع المهندس حامد مشعل، عضو المكتب الإعلامي للجبهة السلفية، ليكشف ملابسات انخراط التيار الاسلامي بتشعباته العديدة، والتيار السلفي خصوصا، في العمل السياسي بعد الثورة، ويُقيم موقف ذلك التيار من المجلس العسكري، بعد انقضاء شهر العسل، الذي بدأ بتماهي السلفيين مع رغبة المجلس في التصويت ب "نعم" على التعديلات الدستورية، وانتهى باعتصامهم حاليا في ميدان التحرير، تحت شعار "يسقط يسقط حكم العسكر". غاب السلفيون عن العمل السياسي طوال تاريخهم ولم يظهروا إلا بعد ثورة 25 يناير .. كيف ترى ذلك؟ لم يكن يُسمح للتيار الإسلامي عامة، والسلفي بشكل خاص بممارسة العمل السياسي، عدا "الإخوان" بسبب الاعتقالات، وتشعب التيار السلفي إلى فريقين، اتفقا في النتيجة، الأول يرى أن العمل السياسي وقتها لا تجوز شرعا ممارسته، والثاني يرى أن العمل السياسي في تلك المرحلة لم يكن سينتج أي تغيير. واقتصر نشاط التيار السلفي سياسيا قبل الثورة على الدعوة، وليس عملا حزبيا أو سياسيا تقليديا، وللعلم فقد صدر أكثر من 6 ملايين قرار اعتقال في عهد النظام السابق للإسلاميين والسلفيين. وكيف كان شكل ذلك "العمل السياسي بالدعوة"، قبل الثورة؟ التيار السلفي واجه مبارك وخرج عليه بالدعوة، فإذا كنا نتكلم عن السياسة بالمفهوم الشائع، فالسلفيون لم يمارسوا السياسة، وإن كنا نتكلم عن النظام السياسي الشرعي الإسلامي، فإن التيار السلفي كان يمارس العمل السياسي، ويلاقي في سبيله الكثير ولم يرجع عن دعوته. ما طبيعة العلاقة بين التيار والنظام السابق؟ استخدم النظام السابق الإسلاميين فزاعة للشعب المصري، وأقصى ذلك التيار الأصيل من الحياة السياسية، وحينما كان يحدث صدام مع التيار السلفي، كان مشايخه ودعاته يعلنون عدم تبني أي أعمال عنف، واضعين نصب أعينهم ما حدث من الأمن، الذى كان يجر الجماعة الإسلامية إلى صدامات مع الدولة، باغتيال 3 من قادتها في الشارع، لذلك اتخذ التيار السلفي من الدعوة منهجا. لكن النظام السابق أطلق يد التيار في المساجد والفضائيات. كان يحاول استيعاب التيار الإسلامي، خاصة السلفيين والإخوان، فبدأ في عام 2005 فتح القنوات الفضائية وإطلاق حرية الخطابة في المساجد، لكن ذلك كان بهدف تمرير مشروع التوريث عبر منح مكتسبات للتيارات المختلفة، ليستطع النظام المساومة عليها، فإذا عارضت التوريث تخسر ذلك المكتسب. كان النظام في هذه المرحلة يستخدم القوة الناعمة مع التيار السلفي وهي أخطر أنواع القوى. ما طبيعة العلاقة حاليا بينكم والمجلس العسكري؟ العلاقة بين المجلس العسكري والقوى السياسية كلها مرتبكة، والعلاقة بينه والتيار السلفي في بعض المراحل كان بها خدعة، لبعض رموز التيار السلفي، ونحن نعلم صدق نواياهم ولا نطالبهم بالتصريح بهذا الآن. لكن السلفيين تماهوا مع رغبة المجلس العسكري في التصويت ب "نعم" في الاستفتاء على التعديلات الدستورية وحثوا الشعب عليها. بنود المواد الدستورية، كانت تحتمل تفسيرات مختلفة، والسلفيون لم يكونوا على خبرة بالمنطوق، كما فسر المستشار طارق البشري، لكن المجلس العسكري هو الذي غير في التفسير، لأن الاستفتاء كان على 9 مواد، وظهر إعلان دستوري يتضمن 62 مادة. السلفيون كانوا يريدون الخير للأمة وإذا حاول المجلس العسكري تأجيل الانتخابات الرئاسية للانتهاء من الدستور، فإن التيار السلفي سيعارض ذلك بشدة. ما تقييمك لأداء التيار السلفي وأحزابه ونوابه فى البرلمان؟ قياسا إلى خبرتهم القليلة، هم رائعون. أما بالنسبة للحالة الثورية التي نحن فيها، فهم مخفقون ومجلس الشعب الحقيقي لم يعمل بشكل جاد إلا مؤخرا. هل تتوقع صداما بين المجلس العسكري والتيار الإسلامي؟ لن يحدث صدام، ولا أحد حريص عليه، والسلفيون قوة لا يستهان بها، خاصة أن الإسلاميين والقوى الوطنية الأخرى اتحدوا مؤخرا. ما طبيعة علاقة تياركم بالمؤسسة الدينية الرسمية؟ التيار السلفي عامة، يحترم الأزهر، لأنه منارة العلم الشرعي للأمة الإسلامية، وهو أعلى مؤسسة إسلامية في العالم، ولا بد من الحفاظ عليه، لكن الدعوة تحتاج أن تكون مستقلة، مجردة من المصالح، وحينما كان الأزهر مؤسسة تابعة لنظام الحكم كنا نعتبر ذلك سقوطا له، والأسوأ من ذلك وجود بعض علماء السلاطين في الأزهر، لكن الأزهر لم يكن ملكا لهم. كيف تفسر تعدد المجموعات والأحزاب السلفية؟ الدعوة مقسمة منذ نشاتها، وحينما دخل التيار السلفي في السياسة برزت تلك التقسيمات، في شكل أحزاب، لكن لا يوجد تنوعات عقائدية بين السلفيين، فالعقيدة واحدة، والاختلاف في آراء سياسية وآليات حل الأزمات وهو تنوع فكري يضيف للتيار الإسلامي. ظهرت كيانات تحاول لم شمل السلفيين مثل "مجلس شورى العلماء" و"الجبهة السلفية".. فهل هي محاولة لهيكلة التيار؟ هي محاولات لتوحيد التيار، وحينما يظهر المشروع الإسلامي بالصورة التي نتمناها، لن نكون في حاجة لتلك الكيانات.