الهجمة الإرهابية الرهيبة التى تتعرض لها القاضية الوطنية الشريفة تهانى الجبالى.. والتى لا نفهم لها أسباباً سوى أن مواقف تهانى الجبالى، فى العموم، تأتى غير متوافقة مع مواقف «تنظيم الإخوان».. عملية اغتيال معنوية منظمة لشخصية لها حضور إنسانى جذاب مثقف.. حضور وطنى مستقل.. سيدة مصرية تمثل نموذجا راقيا تحتاج إليه مصر. سيدة مصرية عادية ابنة رجل من عموم الشعب المصرى.. تصل إلى منصب قاضية وتخترق بإمكانياتها الذاتية جدار مهنة ظلت حكراً على الرجال منذ أن نشأت هذه المهنة فى مصر.. كان وصول امرأة إلى هذه المهنة.. إنجازاً كبيراً للمرأة المصرية.. إنجازا ملهما للفتيات المصريات المقبلات على الحياة.. وعلى العلم وعلى الدراسة، إنجازا ملهما يقول لهن: (بالفم المليان) لا يوجد مستحيل أمام الإرادة والاجتهاد، قبل تهانى الجبالى استطاعت المرأة المصرية أن تحقق إنجازات رائعة على كافة المستويات العلمية والسياسية والإبداعية.. وجدت المرأة بقوة فى الجامعات.. طالبة وباحثة وأستاذة.. شغلت المناصب القيادية حتى وصلت إلى منصب وزيرة. ومع ذلك فقد تأخر حلم المجتمع المدنى طويلا.. حلم أن تكون المرأة قاضية.. كان هذا حلما يراود كل من يفهم أن المعركة ضد التخلف.. لن يحسم فيها الصراع إلا بالقضاء على النظرة المتدنية للمرأة. تلك النظرة المتخلفة التى لا ترى إنسانية المرأة وتضعها فى مرتبة أقل من الرجل.. حيث يحصر البعض مهمة المرأة فى الإنجاب ويحصر البعض الآخر دورها فى مهن معينة لا تخرج عنها.. كان الحديث عن عدم حق اعتلاء المرأة منصة القضاء.. هو الحديث السائد المنتصر فى المجتمع.. ليس من أنصار التيارات الفكرية المتخلفة فقط.. ولكن -للأسف الشديد- من بعض رجال القضاء مع شديد الاحترام لهم أجمعين الذين ما زالوا يقاومون فكرة مشاركة المرأة لهم فى هذه المهنة السامية.. ومن هنا فإننى أنظر لهذه الهجمة الشرسة ضد تهانى الجبالى، هذه الهجمة التى لا دين لها ولا أخلاق لها، باعتبارها ليست فقط خروجا على قواعد الجدال السياسى المحترم.. ولكنها معركة (تخليص تار) مع أحد انتصارات مدنية الدولة.. تلك التى لا تكتمل إلا بحضور حقيقى ومؤثر للمرأة المصرية فى كافة المجالات بما فيها القضاء ورئاسة الجمهورية، إذا استدعى الأمر.. إن ما يحدث مع تهانى الجبالى ومحاولة اغتيالها معنويا هو (كارت إرهاب) لكل امرأة ولكل سيدة عاملة ولكل ناشطة فى مجال السياسة أو حقوق الإنسان.. أنا أعتذر لتهانى الجبالى نيابة عن نفسى وعن كل المتخاذلين فى المجتمع الذين شاهدوا من قبل محاولات الاغتيال المعنوى للدكتور يحيى الجمل وللدكتور على السلمى ووثيقته الشهيرة.. ووقفوا صامتين.. إننى أدعو الجميع للتكاتف والدفاع عن تهانى الجبالى حتى ولو اختلفوا مع ما تطرح من آراء.. فليس بهذا الشكل تدار الخلافات السياسية.. فى دولة تبحث عن الديمقراطية..