ولا يشفع للظلم أو بمصادرة الأموال بغير حق أن تكون لصالح الدولة لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً عرفنا أن أكثر من 48% من جملة الناخبين كانوا قد قالوا ضمناً لا للدكتور محمد مرسى فى عملية التصويت الرئاسية، وتكلمنا عن واجبهم الشرعى بعد إعلان فوز سيادته وهو الرضا بالنتيجة والتعاون صفاً واحداً خلفه للنهوض بما يصلح البلاد والعباد. ثم تكلمنا عن مسئولية الرئيس تجاههم، أو بتعبير آخر عن حقوقهم الشرعية تجاه سيادته، وأجملنا تلك الحقوق فى أمرين تحدثنا عن الأول منهما وهو استحقاقهم الشكر لممارستهم الحق الانتخابى بإرادة حرة أظهرت حقيقة الإرادة الشعبية التى يحتاج الرئيس إلى معرفتها بصدق ليتمكن من ممارسة مهامه، كما أن هؤلاء الذين كانوا قد قالوا لا فى عملية التصويت الرئاسية هم الدرع الواقية من الغرور أو الكبر أن يحيط بالرئيس فيكون سبباً للهلاك فى الآخرة ولن تغنيه رئاسة الدولة من الله شيئاً. الأمر الثانى: هو استحقاقهم مرتبة الفئة الأولى بالرعاية؛ لأنهم الأضعف بعد فوز مخالفهم. والضعيف فى الإسلام هو الأولى بالرعاية، فقد أخرج البخارى عن مصعب بن سعد بن أبى وقاص قال: رأى سعد أن له فضلاً على من دونه، فقال النبى -صلى الله عليه وسلم-: «هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم». وهؤلاء الذين قالوا لا فى عملية التصويت الرئاسية هم الأضعف من وجوه كثيرة منها: 1- أنهم خائفون أن تكون الدولة للإخوان وليست للمصريين؛ بسبب انتماء الرئيس للإخوان المسلمين، مع أن منصب الرئيس يشمل جميع المصريين باختلاف عقائدهم ومللهم ومذاهبهم ونقاباتهم وأحزابهم ومشاربهم. فعلى الرئيس أن يؤمن خوف الذين قالوا لا وأن يحذر الذين قالوا نعم أن يتعالوا أو أن يظلموا، فقد أخرج الشيخان عن أبى هريرة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قام حين أُنزل عليه: «وأنذر عشيرتك الأقربين» (الشعراء: 214)، فقال: «يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغنى عنكم من الله شيئاً. يا فاطمة بنت محمد سلينى ما شئت من مالى لا أغنى عنك من الله شيئاً». 2- أنهم خائفون من الانتقام أو التهميش أو تصفية الحسابات بسبب التحول الرئاسى من الجمهورية الأولى إلى الجمهورية الثانية، أو من حكم العسكر إلى الحكم المدنى، أو من نفوذ العلمانيين إلى سيطرة الإسلاميين. وهذا التحول المفاجئ بدون تدرج مدعاة إلى بقاء تهم التخوين وجرائم الملاحقات بزوار الفجر لأدنى شبهة بدعوى الانتماء للنظام السابق. فكما حدث فى ثورة يوليو 1952م من القضاء على المواهب والثروات بدعوى الانتماء للنظام الملكى فإنه يُخشى أن تقضى ثورة يناير 2011م على المواهب والثروات بدعوى انتماء أصحابها للنظام السابق. وكأن الشقاء كُتب على المصريين كلما نهضوا أو هموا بالنهوض، ثم جاء من لا يعترف بأى نجاح ليبدأ من الصفر، كما قال تعالى: «كلما دخلت أمة لعنت أختها» (الأعراف: 38). فعلى الرئيس أن يؤمن خوف أولئك بأنه لن يفرط فى دينه ليبنى مجداً دنيوياً؛ لأن الرئاسة لن تغنى عنه من الله شيئاً، كما أن النبوة لم تغن عن الأنبياء شيئاً. فقد أخرج الطبرانى وعبد الرزاق عن الفضل بن عباس، أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: «يا أيها الناس ألا إنه قد دنا منى حقوق من بين أظهركم. فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهرى فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضى فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالى فليستقد منه. ولا يقولن رجل إنى أخشى الشحناء من قبل رسول الله، ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتى ولا من شأنى. ألا وإن أحبكم إلىّ من أخذ حقاً إن كان، أو حللنى فلقيت الله وأنا طيب النفس». ولا يشفع للظلم أو بمصادرة الأموال بغير حق أن تكون لصالح الدولة؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وقد حذرنا القرآن من ذلك فى قوله سبحانه: «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون» (البقرة: 188).