كان أول رد فعل لي على الإعلان عن إطلاق قناة "سكاي نيوز" إرابيا يوم 6 مايو .. هو أنه لماذا لم يجعلوه يوم 15 مايو .. يوم قيام دولة إسرائيل .. !! وإذا عرف السبب بطل العجب .. فالقناة تابعة لمجموعة "نيوز كورب" التي يمتلكها اليهودي الأسترالي .. بارون الإعلام العولمي روبرت ميردوخ .. ونيوز كورب هي عملاق الإعلام في العالم التي تحتل المرتبة الثانية بعد مجموعة (تايم وارنر – أمريكا أون لاين) .. هذا "التايكون" الذي يشبهه المنافسون بهتلر الإعلام الذي يريد لقنوات مثل سكاي وفوكس أن تصل لكل مشاهد على ظهر الكرة الأرضية .. ليس هذا فقط .. ولكن الابن جيمس ميردوخ هو الرئيس التنفيذي لشركة (بي سكاي بي) أحد أذرع المجموعة الأم .. والمالكة لقناة سكاي نيوز .. ( استقال مؤخرا علي خلفية فضيحة التنصت في بريطانيا ) والسؤال ما الذي يريده آل ميردوخ من سكاي الناطقة باللغة العربية؟ .. ألم يكفهم التحالف مع الأمير الوليد بن طلال والشراكة مع قنوات "روتانا" التي جاءت بقنوات فوكس للمنطقة العربية؟ .. ألم يكفهم التحالف مع أكبر مالك للتراث السينمائي والتليفزيوني المصري الذي مكنهم من التحكم فيه؟ .. أول التكهنات أنهم يريدون تحسين الصورة الذهنية السيئة للمجموعة على مستوى العالم العربي .. المجموعة المعروفة بمساندتها لإسرائيل وترويجها لصورة نمطية سيئة عن العرب والمسلمين .. هذا ما يردده طيبو القلب .. أما الهدف الخفي هو تشتيت الإجماع حول "الجزيرة" كقناة الأخبار العربية الأولى .. وهو ما فشلت فيه فيما يبدو قناة "العربية" المملوكة لمجموعة سعودية .. فأراد رأس المال الخليجي أن يجرب طريقة أخرى .. ولذا قامت شركة أبو ظبي للاستثمار الإعلامي بهذه الشراكة مع سكاي بي العالمية .. ولعل الذي يؤكد هذا الهدف هو أن معظم العاملين في سكاي إرابيا حتى الآن هم من قناة العربية .. والباقي من بعض القنوات الإماراتية .. وللإمارات أكثر من دافع لهذا .. فالدولة لا تملك فضائية إخبارية مؤثرة وسكاي إرابيا توفر لها ذلك .. وللدولة تحفظات على ثورات الربيع العربي وهي لا تريد أيا من هذه الأفكار الهدامة أن تطال الدولة الهادئة .. فبادرت بتقديم عرض للرئيس المخلوع حسني مبارك بالإقامة بها .. وأغلقت بعض مواقع الانترنت المشاغبة الداعية للتغيير .. وطردت بعض المدونين .. وفي الأخير سوف تقدم من خلال سكاي نيوز - وجهة النظر "المعتدلة" للإحداث الساخنة القادمة في الشرق الأوسط .. وعلى رأسها ضرب إيران .. والقناة كانت صريحة في إعلان توجهها للشباب العربي المستخدم للميديا الجديدة وأولها مواقع التواصل الاجتماعي .. فدشنت موقعها الإلكتروني من قبل بدء إرسالها .. وأعلن مديرها (نارت بوران) استراتيجية التوجه من خلال الهواتف الذكية وشبكة الانترنت .. في أواخر عام 2003 .. أجرت كلية الإعلام بجامعة جلاسكو باسكتلندا بحثا رائعا .. حللت فيه جميع وسائل الإعلام التي يملكها (روبرت ميردوخ) من صحف وفضائيات في الفترة ما بين يناير إلى مارس 2003 .. وهي الفترة السابقة على الحرب الأنجلو- أمريكية على العراق .. وخلصت الدراسة إلي أن جميع الوسائل المطبوعة والمسموعة والمرئية المملوكة لميردوخ أيدت رأيه في ضرورة الذهاب لحرب ضد العراق دون انتظار أي قرار للأمم المتحدة .. كان عنوان الدراسة دالا للغاية ( صوت سيدهم ). والسؤال الذي سيجيب عليه المستقبل القريب: هل ستقدم سكاي إرابيا أفقا جديدا للمشهد الإعلامي العربي كما يزعم نارت بوران أم ستساهم في نزع فتيل الثورات العربية .. وتأبيد الأوضاع لأصحاب المصالح وما أكثرهم .. والتحول لفضائية تردد صوت سيدها .. !!