ينكشف زيف الديمقراطية الأمريكية بوضوح فى مجال السياسة الخارجية، فمنذ السنوات التالية للحرب العالمية الثانية، حرص الرؤساء الأمريكيون بداية من الرئيس «ترومان» وبعده الرئيس «أيزنهاور» على إصدار قرارات استثنائية لحجب معلومات السياسة الخارجية عن الجمهور الأمريكى، ويتم ذلك من خلال تصنيف الوثائق الحكومية التى تتعلق بالأمن القومى، والدفاع، ومؤسسة الرئاسة، والمخابرات، إلى وثائق سرَّية ووثائق غير سرَّية، ويتم منع تداول الوثائق السرية لفترات قد تصل إلى خمسة وعشرين عاماً حتى تتقادم وتقل أهميتها، ويرى الإعلاميون أن حجب المعلومات المهمة عن الجمهور، وفرض القيود على تداول الوثائق الحكومية يتعارض مع مبدأ التدفق الحر للمعلومات، وحق المواطن فى المعرفة، وقد توترت العلاقة بين الإعلاميين والحكومات الأمريكية بشكل ملحوظ منذ حرب فيتنام، حيث اعتاد الرؤساء الأمريكيون على تضليل الشعب الأمريكى بشأن السياسات الخارجية والأمنية، هكذا فعل الرئيس «جونسون» قبل انتخابه بأسابيع فى عام 1964 عندما قال: «لسنا فى حاجة لإرسال أبنائنا للحرب فى فيتنام على مسافة 15 ألف كيلومتر من الولاياتالمتحدة، فالآسيويون يمكنهم الدفاع عن أنفسهم». ثم حنث الرئيس بتعهده وقام بالحرب على فيتنام مضللاً بذلك شعبه الأمريكى، كذلك حرم الرئيس «نيكسون» وسائل الإعلام من معلومات أساسية، وبث معلومات كاذبة للصحف، ثم حدث الانفجار فى العلاقة بين الطرفين أثناء فضيحة «ووترجيت» والتى انتهت بالاستقالة المخزية للرئيس نيكسون عام 1974، وفى عام 1979 تم إنزال قوات عسكرية أمريكية داخل الأراضى الإيرانية ورفض الرئيس «جيمى كارتر» طرح معلومات عن هذه العملية الفاشلة لوسائل الإعلام، كذلك اتخذ الرئيس الأمريكى «كلينتون» قرارات حاسمة تخص دول هاييتى، ورواندا، والبوسنة، وكوسوفا، دون أن يحصل على موافقة الكونجرس.وأشارت استطلاعات الرأى أن الأمريكيين لم يهتموا بأحداث البوسنة إلا عندما تعلق الأمر بإرسال قوات إلى هناك، وأن نحو 20% فقط من الأمريكيين تابعوا الحرب التى كانت تدور فى البلقان، وهناك الكثير من القرارات التى تتخذها الإدارات الأمريكية دون استطلاع الرأى العام، فحين ضربت الولاياتالمتحدة مدينة بغداد بالصواريخ عام 1998، كان ذلك بدعوى أن الرئيس الراحل صدام حسين حاول اغتيال الرئيس الأمريكى الأسبق «جورج بوش الأب»، كذلك أعطت الإدارة الأمريكية أوامرها بضرب السودان، وأفغانستان، ويوغوسلافيا، والصومال، وليبيا، دون أن تستطلع الرأى العام أو تعرض مسألة الضرب على الكونجرس، وهكذا تبدو الديمقراطية الأمريكية فى هبوط مستمر منذ عشرات السنين، حيث تتخذ الحكومة الأمريكية من حماية الأمن القومى ذريعة لاستصدار القرارات من دائرة صغيرة فقط محيطة بالرئيس، هذا بالضبط ما فعلته الإدارة الأمريكية تجاه الموجة الثانية من الثورة المصرية فى 30 يونيو، فقد أثار المصريون دهشة العالم بنزول 33 مليون مواطن شريف يطالبون بإسقاط النظام الفاشى الذى سعى إلى اغتصاب دولة عريقة بحجم مصر لصالح جماعة فاشية متطرفة تتخذ من الدين ذريعة للاستحواذ والهيمنة على مفاصل الدولة المصرية بالتعاون مع تنظيم إرهابى دولى كشف عن وجهه القبيح فى الأيام الماضية، ولم تصدق الإدارة الأمريكية قدرة المواطن المصرى البسيط بفطرته السليمة على تحطيم مخططات شيطانية لتقسيم منطقة الشرق الأوسط إلى دويلات على أساس عرقى أو دينى لدعم المصالح الأمريكية والإسرائيلية. استخدمت الإدارة الأمريكية نفوذها الإعلامى الدولى المتحالف مع العناصر الصهيوينة لتصوير الثورة الشعبية باعتبارها انقلاباً عسكرياً، لم تدرك الإدارة الأمريكية أن القوات المسلحة المصرية هى جيش الشعب، وهى العمود الفقرى للدولة المصرية عبر آلاف السنين، قامت بتحقيق الإرادة الشعبية الطاغية للتخلص من طغمة فاشية من أجل إقامة حياة ديمقراطية حقيقية تباهى بها الأمم، ويحظى فيها المواطنون بحقوق متساوية بغض النظر عن النوع أو الدين أو اللون أو الانتماء السياسى أو الدينى، هكذا يعلم المصريون العالم جيلاً بعد جيل، والقادم إن شاء الله هو الأفضل. المقالات المتعلقة: الديمقراطية الأمريكية الزائفة (1-3) الديمقراطية الأمريكية الزائفة (2/3)