أغرى نجاح الإخوان فى سرقة ثورة 25 يناير، طرفين رئيسيين بمحاولة سرقة هذه الثورة التى استردها الشعب المصرى فى 30 يونيو. هذا الطرفان هما: أبناء التيار السلفى من ناحية، وفلول نظام المخلوع «مبارك» من ناحية أخرى، فأما السلفيون فيرون أن الفرصة أصبحت سانحة لهم الآن لوراثة عرش الإخوان، لذلك فقد أخذوا يقدمون أنفسهم كبديل إسلامى، يتميز بقدر أكبر من التسامح، وقبول موضوع التوافق السياسى مع الآخر، والتنازل عن فكرة الاستحواذ، ومنح الأطياف السياسية الليبرالية فرصة للمشاركة، وأما فلول نظام «مبارك» فيعتبرون أنفسهم البديل الوحيد المتاح لسد حالة الفراغ السياسى والإدارى الذى تعانى منه البلاد، وأن عودتهم إلى المشهد أمر طبيعى، خصوصاً بعد أن ثبت للجميع عدم قدرة الإخوان على إدارة شئون البلاد، وتستند الفلول فى التمسك بفكرة عودتها إلى المشهد إلى استيعاب الكثير من أبناء الشعب أن مفاتيح حل الكثير من المشكلات التى يعانون منها موجودة فى أيديهم.. أضغاث أحلام!. السلفيون لن ينجحوا فى المحاولة. والسر فى ذلك أن الكثير من المصريين أصبحوا يستوعبون أن التيار السلفى لا يعدو أن يكون فرعاً من أفرع عديدة لجماعة الإخوان، وأنهم ليسوا أقل ترخصاً من الجماعة الأم فى مسألة المتاجرة على الشعب بالدين، وأنهم يهدفون إلى الوصول للحكم من فوق منابر الدين، دون أن يكون لديهم المؤهلات الدنيوية التى تمكنهم من النهوض بأعبائه، وللأسف الشديد فقد تسببت تجربة «مرسى» وجماعته فى تشويه صورة أبناء التيار الإسلامى، لذلك ففرصة وجود هؤلاء فى الحكم مرة ثانية أصبح أمراً عسيراً للغاية، وقد يصل الأمر إلى حد إخراجهم من المشهد السياسى ككل. والفلول أيضاً لن يفلحوا فى أن يعودوا إلى سابق عهدهم قبل ثورة 25 يناير. لأن المعادلة الزمنية الجديدة التى أفرزتها الثورة بموجاتها المتتالية تحول دون ذلك، ولا يغرنك صعود بعض رموز عهد «مبارك» البائد خلال الأيام القليلة الماضية، فهذا الصعود مؤقت، وسرعان ما ستختفى تلك الوجوه التى سبق وثار الشعب ضدها. إن قطاعاً كبيراً من الفلول يزعمون أنهم يقفون وراء الموجة الثالثة للثورة فى (30 يونيو)، وعجباً للإنسان حين يكذب الكذبة ثم يصدقها!. لقد قام بعض رموز الفلول بدور لا يزيد عن دور الجواسيس على النظام الإخوانى، مستغلين فى ذلك ضعف وهشاشة كيان الحكم الذى أفرزته الجماعة، وقد يكون لهم دور فى فضح ألاعيب الإخوان وخطط مرسى فى سحق الوطن والمواطن، لكنهم فى كل الأحوال ليسوا أكثر من فاسدين ساهموا فى إسقاط فاسدين مثلهم. والشعب المصرى الذكى الذى فعل كل ما فعل منذ 25 يناير وحتى الآن، يفهم حجمهم ودورهم جيداً. فمن جوانب المعادلة الزمنية الجديدة التى أفرزتها الثورة أن الشعب لم يعد يقبل بأن يحكمه جاسوس أو فاسد!.