سيارات مفحمة، قوالب من الطوب ملقاة على الأرض تبدو وكأن بناية من 10 طوابق تحولت إلى فتات، محال محطمة مداخلها، ملابس مملوءة عن آخرها بالدماء، جثث لكلاب أطلق عليها الرصاص، قلوب مفزوعة من هول الصدمة، هذا هو المشهد فى منطقة بين السرايات بالجيزة بعد المجزرة التى راح ضحيتها 16 قتيلا وأصيب ما يزيد على 500 مواطن. بقلوب مرتجفة تحدّث النساء هناك عن أصوات الأسلحة التى لم يرين مثلها من قبل، وعن أصوات الإسلاميين الذين هجموا عليهم وهم يصيحون: «الله أكبر وإلى الجهاد»، «ياسمين»، إحدى سكان المنطقة، تتحدث بصوت مرتجف قائلة: «دخلوا علينا بالسلاح وقالوا لنا إحنا مش هنخرجكم من هنا يا كفرة.. واحنا ما كناش فاهمين هو إيه اللى بيحصل، اتجمعنا كلنا فى حتة واحدة عشان نحمى بعض، لكن هما فرقونا وكل واحد دخل يحتمى جوه بيته وبقيت قاعدة جوه سامعة أصوات الرصاص والاستغاثات من جيرانى ومش عارفة أعمل لهم حاجة». عبدالعزيز أحمد أو «زيزو»، كما اعتاد أهله أن ينادوه، هو أحد ضحايا المجزرة، كان يقف مع أهالى منطقته لحمايتهم، الشاب العشرينى لم يسمع ما يحدث ولم يستطع أن يتفوه بكلمة يعبر بها عن خوفه؛ فقد ولد أصم أبكم، لكن قلبه كان يرى قلوب أهله مرتعدة من الخوف، فوقف يدافع عنهم، فطالته رصاصة غادرة من إرهابى يسمع ويرى ويتكلم، لكن لا قلب له، يقول أحمد الكلحى، أحد جيران «زيزو»: «كان شاب زى الورد وكنا كلنا بنحبه، قتلوه برصاصة فى البطن وهما بيقولوا الله أكبر وإلى الجهاد، ربنا ينتقم منهم ويورينا فيهم يوم». حازم محمد، أحد الطلبة بكلية الطب البيطرى، هو من سكان المدينة الجامعية وكان شاهد عيان على ما حدث فى مجزرة «بين السرايات»، يقول حازم: «بعد صلاة العشاء صوت الرصاص والآلى كان فى كل مكان فى بين السرايات، وأنا شفت الإسلاميين بنفسى جايين ومعاهم البنادق والآلى والخرطوش، وسمعت واحد منهم بيقول للى معاه وهو بيملا خزنة سلاحه خليها حى يا شيخ، قاصدا بذلك أن يستخدم الرصاص الحى لا الخرطوش فى التصويب ناحية المواطنين»، يضيف حازم: «شاهدت بعضهم يرتدى شارات على ملابسه تحمل اسم حزب الراية، وحاول أحد زملائنا فى المدينة تصوير الأحداث لكنهم رأوه فحاولوا الهجوم على المدينة، وبالفعل دخل خمسة منهم وتمكنّا من إقناعهم ألا يؤذونا وقلنا لهم إحنا طلبة ومالناش فى اللى بيحصل ده، واشترطوا علينا حتى يتركونا دون أن أى إيذاء ألا نتدخل فيما يحدث، وبالفعل تركونا وذهبوا». لجان شعبية أقامها سكان «بين السرايات» فى الشوارع الرئيسية حتى يتمكنوا من تفتيش السيارات التى تمر فى شوارعهم، ويطمئنوا أنهم لا يحملون أى أنواع من الأسلحة، يقول «محمد»، أحد سكان «بين السرايات»: «استطاع بعض الشباب هنا أن يتحفظوا على شوم كان بحوذة بعض الإرهابيين الذين هجموا علينا، ووجدنا الشوم مكتوبا عليه أسماؤهم مسبوقة ب(الشهيد بإذن الله فلان)»، وضرب مثالا بشومة «التقطنا صورة لها مكتوبا عليها (مشروع شهيد أحمد عبدربه، الجيزة)». واجهات المحال هناك تم تحطيمها بالكامل، «رامى»، أحد العاملين بمطاعم الوجبات السريعة، كان يجلس على السلالم، ملابسه مملوءة بالدماء يقول: «فوجئنا بهم يهجمون علينا ويصرخون: الله أكبر وإلى الجهاد، ويحاولون سرقة المحال، حاولنا منعهم لكننا فوجئنا بوابل من طلقات الخرطوش تحولت بعد ذلك إلى طلقات رصاص حى، وظلت المعركة دائرة من طرف واحد حتى مطلع النهار». «منى»، إحدى سكان المنطقة، تقول: «إحنا ساكنين فى دور أرضى، لقيتهم بيحاولوا يكسروا الشباك عشان يدخلوا، قعدت أصرخ وأقول لهم كل اللى جوه حريم حرام عليكم سيبونا فى حالنا ففوجئت بهم يجلسون أمام المنزل ويصيحون وكأنهم فى معركة: «الإسلام هو اللى هيحكم، وإحنا مش هنسيبكم فى حالكم يا كفرة». سيدة اتشحت بالسواد وأخذت تصيح بصوت عالٍ: «حرام عليكم هاتولى ابنى»، تجمع حولها أهل المنطقة وحاولوا تهدئتها بعد أن اختفى ابنها الأكبر كرم حسن حسان، وقال أحد جيرانها: «كانوا متحفظين على مجموعة وإحنا قدرنا نحرر منهم ناس، لكن لسه فيه ناس مفقودة لحد دلوقتى ومش عارفين خدوهم على فين». اخبار متعلقة «بين السرايات» . . القتل بأمر رئاسى «الوطن» ترصد تفاصيل «مجزرة بين السرايات» وقتل 18 بعد خطاب «مرسى» والنيابة تواصل تحقيقاتها فى المجزرة والضحايا قتلوا ب«أسلحة آلية» مدير أمن جامعة القاهرة: إصابة 10 أفراد أمن بالخرطوش.. و«الإخوان» اقتحموا بوابة السيارات أهالى ضحايا «الكيت كات»: سنلاحق «مرسى» قضائياً للقصاص منه بعد عزله أسرة أحد الضحايا: «هانى» مالوش فى السياسة وأصحابه قالوا له تعالى ندافع عن الدين ضحية «الإخوان» فى «بين السرايات»: أخذونا من «ميكروباص» وأعلنوا القبض على «بلطجية مسلحين»