يعتبر أعضاء النيابة العامة المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام السابق أيقونة قانونية وقضائية بالنسبة لهم، إذ يعد أول نائب عام يحظى بهذه الثقة منذ تولى منصبه فى يوليو 2006 بقرار من الرئيس السابق حسنى مبارك خلفاً للمستشار ماهر عبدالواحد. وحظى تعامل الإعلام والقوى السياسية معه بتباين كبير بعد الثورة، إذ وقف إلى جواره العديد من القوى السياسية والإعلاميين فى أزماته المتتالية مع الرئيس محمد مرسى منذ توليه المسئولية فى 30 يونيو قبل الماضى، معتبرين أن دعم عبدالمجيد محمود يعد صموداً فى وجه استبداد الإخوان وتسلطهم. وعلى الرغم من أن عبدالمجيد محمود كان أحد الوجوه المحسوبة على مبارك قبل الثورة واعتبرت أغلب القوى المعارضة فى حينه أنه إحدى أدوات النظام للتنكيل بالمعارضين وإلقائهم فى السجون وتوالى رفع صوره إلى جوار صور رموز نظام مبارك فى المليونيات المتعاقبة خلال الفترة الانتقالية التى تولى فيها المجلس العسكرى حكم البلاد والمطالبة بعزله، إلا أن الموقف تبدل على نحو كبير بعد أول محاولة من مرسى للإطاحة به فى أكتوبر الماضى حينما أعلن عن تعيينه سفيراً لمصر لدى دولة الفاتيكان وبعد إعلان «محمود» أنه لن يقبل وأنه باقٍ فى منصبه كنائب عام غير قابل للعزل من قبل رئيس الجمهورية وأن قانون السلطة القضائية يكسبه حصانة لا تسمح بنقله أو عزله أو توليه منصباً آخر إلا بموافقته، واحتشاد القضاة وأعضاء نادى القضاة وعدد كبير من أعضاء النيابة لتأييد موقف عبدالمجيد، التقى مرسى بمجلس القضاء الأعلى ومعهم عبدالمجيد محمود وتراجع عن قراره بعد 24 ساعة من اتخاذه يوم 13 أكتوبر الماضى. استمر محمود يباشر مهام عمله بعدها قرابة 40 يوماً حتى 22 نوفمبر 2012 حيث أصدر مرسى إعلانه الدستورى الذى عدل فيه من طريقة اختيار النائب العام وقصر مدة بقائه فى منصبه على مدة واحدة لا تزيد على أربع سنوات تطبق على النائب العام الحالى وقتها عبدالمجيد محمود وأصدر قراراً جمهورياً بتعيين طلعت عبدالله نائباً عاماً. عزل عبدالمجيد محمود كان نقطة التحول الأكبر فى التعامل معه، حيث أصبح التضامن معه جزءًا مهماً من الصمود فى وجه الإخوان من قبل المثقفين والشخصيات العامة ورجال القضاء والنيابة، وكان المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة أكبر الداعمين له والمؤيدين لعودته لمنصبه فى الوقت الذى بقى فيه رأى شباب الثورة رافضاً لعودته لمنصبه بنفس الدرجة التى يرفضون بها بقاء طلعت عبدالله. أقام محمود دعوى قضائية أمام دائرة رجال القضاء بمحكمة الاستئناف وحصل على حكم قضائى ببطلان تعيين عبدالله وحاول الحصول على صيغة تنفيذية للحكم لتنفيذه إلا أن محكمة الاستئناف رفضت لكون الحكم غير نهائى فأقام دعوى تطالب بالحصول على الصيغة التنفيذية أمام نفس الدائرة التى أصدرته وتنحت المحكمة عن نظرها استشعاراً للحرج وأعيدت للاستئناف مرة أخرى حتى صدر حكم النقض ببطلان قرار تعيين طلعت نهائياً وإبعاده عن منصبه ليحمل أوراقه ويغادر النيابة العامة.