أكد اللواء سيد غنيم، الأستاذ المحاضر بأكاديمية دفاع حلف الناتو المتخصص فى شئون أستاذ الأمن الدولي، أن مصر بإمكانها تنفيذ أى ضربات للعناصر الإرهابية فى أى دولة شريطة وجود معلومات مؤكدة بشأن معسكرات لتنظيمات إرهابية محظورة دولياً بتلك الأراضي تهدد الأمن القومي المصري وهو أمر متوفر، والأخر هو موافقة دولة الجوار أو المجتمع الدولي لتنفيذ «الضربة». وأضاف «غنيم»، في حوار خاص ل«الوطن»، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تصرف بذكاء غير مسبوق حين استدعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حديثه عن مكافحة الإرهاب، موضحاً أن استجابة الأخير سيدعم مصر في إمكانية استخدام يدها الطولي في محاربة الإرهاب خارج حدودها، لافتًا إلى أن قدرات مصر الحالية تمكنها من تنفيذ عمليات لضمان أمنها في ليبيا والسودان، وحتى مضيق باب المندب والبحر المتوسط في إطار دعم دولي متوقع لها. إلى نص الحوار: *تحدث «السيسي» عن عزم مصر استهداف أي معسكرات إرهابية تضر بالأمن القومي.. كيف تري هذا بحكم كونك أستاذاً للأمن الدولي؟ - يحق لأي دولة توجيه ضربة تستهدف معاقل إرهابيين داخل حدود دولة أخري بشرطين، الأول: هو وجود معلومات مؤكدة بشأن وجود معسكرات لتنظيمات إرهابية محظورة دولياً، وأنها استخدمت عناصرها في تنفيذ ضربات إرهابية داخل أراضيها، وهو عنصر متوفر في مناطق شرق ليبيا وشمال السودان، والثانى: هو موافقة دولة الجوار التي يتواجد بها العناصر الإرهابية، وفي حالة تعنتها يبقي موافقة المجتمع الدولي لتنفيذ الضربة العسكرية. * تنسق مصر مع ليبيا لتنفيذ ضربات عسكرية بداخلها.. لكن ماذا عن دولة السودان؟ - بدايةً، تعرضت مصر لضربات إرهابية متكررة في سيناء مع تزايد الأنفاق غير الشرعية الواصلة من غزة، وضربات إرهابية في الوادي والدلتا، والتي تؤكد تورط عناصر إرهابية من داخل مصر ومن دول الجوار، وفيما يتعلق بالموقف الليبي؛ فهناك ترحيب وموافقة للقيادة السياسية والعسكرية الليبية بشأن استهداف مصر لعناصر إرهابية شرق ليبيا، بينما هناك تعنت من نظام الرئيس السوداني عمر البشير تجاه مصر، وتوجيه اتهامات باطلة لها بشأن دعم قوات في درافور، فضلاً عن رفضها لسيادة مصر على مثلث حلايب وشلاتين. * ماذا عن الموقف الدولي لو لجأت له مصر حال تعنت السودان في توجيه ضربات للإرهابين على أراضيها؟ - السودان مصنفة دولياَ ضمن الدول الراعية للإرهاب، ورفضت الولاياتالمتحدة مؤخراً مطالب سودانية للخروج من تلك القائمة، كما أن مصر تمتلك حالياً علاقات قوية مع أمريكا على الصعيدين السياسي والأمني، كما يوجد توافق من المجتمع الدولي خاصة الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن على الحرب ضد الإرهاب، وتواجد مصر بالدورة الحالية ضمن الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن. * وهل هناك سوابق تدعم موقف مصر حال ضرب الإرهاب خارج حدودها؟ - بالتأكيد، فقد تم السماح في وجود المجتمع الدولي لقوى إقليمية في إطار حماية أمنها القومي مثل إسرائيل بضرب جماعة حزب الله خارج أراضيها باعتبار أنها جماعة إرهابية محظورة دولياً وتهدد الأمن القومي الإسرائيلي، وكذا قيام تركيا بضرب عناصر من حزب العمال الكردي في سوريا. * وهل هناك دول أخري غير ليبيا والسودان مرشحة للهجوم على إرهابيها؟ - مصر يمكنها تنفيذ عمليات عسكرية سواء جوية أو بحرية أو برية سريعة سواء منفردة أو مشتركة بقوات مهمتها مكافحة الإرهاب وتأمين حدودها والاعماق الاستراتيجية التي تشمل حدودها مع ليبيا والسودان وحتى باب المندب ومياهها الإقليمية، وذلك في ضوء موقفها السياسي والأمني الحدودي والداخلي، وقدراتها العسكرية الكبيرة، والاقتصادية المحدودة حالياً. * تحدث الرئيس عن ضرورة معاقبة الدول المتورطة في دعم الإرهاب.. كيف يكون هذا العقاب في رأي؟ - قد تتمثل العقوبات الدولية في الحظر التجاري الجزئي أو الكلي لها، أو حظر استيراد وإنتاج وتداول السلاح، أو تجميد أموال الدولة بالبنوك، أو حظر التحرك الجوي، وغيرها من الأمور. * وكيف تري استدعاء "السيسي" ل"ترامب" في كلمته؟ - أراه تصرف سياسي ذكي غير مسبوق، يضمن سرعة الاستجابة العلنية من الجانب الأمريكي بالدعم الكامل والمفتوح، والذي يتيح لمصر بالفعل استخدام الذراع الطويلة لضرب الإرهاب خارج أراضيها، وربما الدلالة تتضح في الاستجابة السريعة للرئيس الأمريكي، وتضامنه مع الموقف المصري في مواجهة ودحض الإرهاب وهزيمته كعدو مشترك، وضمان أمن الأقليات المسيحية، وكون أمريكا تساند الرئيس المصري وشعبه في مكافحة الإرهاب وضرب داعميه. * وهل يمكن أن يتحد العالم في مواجهة الإرهاب؟ - هو أمر يتم حالياً بالفعل من خلال تحركات المنظمات الدولية والتحالفات الكبرى والإقليمية كالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بالتعاون مع القوى الإقليمية والقوى العظمى خاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. * وهل باب تعديل المسار مفتوح لدول قطروتركيا في ظل دعمهم للارهاب قديماً؟ - تركيا قوى إقليمية كبرى وقيادتها الحالية تجعل سياساتها المستقبلية غير متوقعة، أما قطر فهي في أمس الحاجة لذلك خاصة مع ظروفها ووضعها "الجيوبولتيكي" في الطرف الشرقي للمملكة العربية السعودية بين الإمارات والبحرين في مواجهة عدو مشترك للدول الثلاث الأخيرة وهو إيران. * وأخيرا.. في رأيك كيف تتصور خريطة النفوذ المستقبلية بالمنطقة؟ -أرى أن خريطة النفوذ بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاري إعادة تشكيلها بشكل يحقق أكبر استفادة من القوى الإقليمية بها، حيث تظهر أدوار تركيا وإسرائيل والسعودية وإيران في الشرق الأوسط، مع بدء استعادة الدور المصري في شمال أفريقيا، وأجزاء من القرن الأفريقي ووسط أفريقيا، شريطة نجاح مصر في الارتقاء بقدراتها الاقتصادية والتي تحقق لها التوازن الداخلي اللازم لاستقرارها من جانب، والقدرة على النفوذ الحقيقي في تلك الرقع الجغرافية من جانب آخر.