بمجرد أن تقف على الحامل وتضع الجنيه بالثقب المشابهة لثقب الحصالة بميزان محمود عبد الوارث "التراثي" يظهر لك "كبون" صغير يحمل وزنك ورسالة هادفة تحثك على فعل الخير. ميزان يجذب إليه المارة رغبة في التعرف عليه قبل أن يرغبوا في أن يعرفوا وزنهم: "الناس دايما تسألني جايبه منين؟"، فبمجرد أن يضع الشخص الجنيه في الثقب المشابهة لثقب الحصالة ويقف على الميزان، يظهر له كارت مكتوب عليه من الجهة الأمامية الوزن ومن الجهة الخلفية رسالة خير، "ده اللي بيخليهم يتوزنوا عندي". ورث "محمود" هذا الميزان "التراثى" الذى يرجع تاريخه إلى الأربعينيات من والده الذي ورثه أيضا ًمن والده، ورغم أنه لا يدر عليه رزقاً كبيراً إلا أن محمود محباً للعمل به: "ده من ريحة الحبايب بيفكرنى بالزمن الجميل". اعتاد الرجل الخمسيني أن يجلس بالقرب من ميزانه المثبت على مداخل أحد العمارات بشارع 26 يوليو، الذى يعمل ببطارية كهرباء داخلية تنيره ليلاً ويستمد منه "محمود" وصلة كهربائية لتشغيل الراديو، الذي دأب على الإستماع إليه في وقت فراغه، إلى جانب وصلة أخرى للموقد الكهربائي لعمل الشاي: "اديني قاعد على الكرسي بسمع الراديو ولما بييجى زبون يقف عشان اتابع معاه". رغم أن "محمود" مكسبه قليل جدا لا يكفي مواصلاته اليومية في بعض الأحيان: "ممكن اكسب في اليوم كله 12 جنيه، وأحيانا بكسب 30 جنيه"، إلا أنه محب وراض بما قسمه الله له بحسب قوله: "نزولي على 12 جنيه أحسن من القعدة في البيت، ولو حسبتها مادياً مش هنزل من البيت". يعمل الرجل الخمسيني على هذا الميزان منذ بلوغه سن ال28 عاماً، وهو نفس السن الذي خرج فيه معاش مبكرا: "الفلوس وقتها كانت كتير وليها قيمة واللي كان ليه مصدر رزق مكنش بيفكر في وظيفة"، يأتي من منزله الكائن بعزبة النخل يومياً ليبدأ عمله من الساعة 12 ظهراً ليواصل عمله إلى الساعة 12 مساءً، حتى يستطيع أن يكسب قوت يومه إن كان قليل أو كثير: "جوزت ولادي والفلوس مش فارقة معاى، الميزان ده يخليني محافظ على شبابي ويساعدني على الحركة".
