فى كل دول العالم يتحدث رئيس واحد معلوم، سواء كانت الدولة ديمقراطية أو ديكتاتورية وذلك من أساسيات الحكم ووضوح العلاقة بين الرئيس وشعبه، غير أننا فى مصر وبعد ثورة رائعة وجدنا أنفسنا أمام رؤوس عديدة، بعد سيطرة الإخوان المسلمين على المشهد فى جميع المجالات وكأن جماعة الإخوان هى التى أطلقت شرارة الثورة، وكأن الذين تساقطوا بالمئات وتعدوا الألف شهيد، كانوا جميعاً من طلائع شباب الإخوان بمن فيهم مينا دانيال، وبعد انتخابات حرة وننتظر أن يتأكد أنها كانت نزيهة أيضاً، فاز رئيس حزب جماعة الإخوان، الحرية والعدالة، الدكتور محمد مرسى، بمنصب رئيس الجمهورية، وذلك بأكثر قليلاً جداً جداً من نصف الأصوات، وقد انتظرت مع غيرى أن يظهر الرئيس الجديد بما يرسخ فى وجداننا أن الرئيس «الوحيد» الذى جاءت به الصناديق، وأنه كذلك رئيس لكل المصريين وعلى اعتبار أن الثورة لم تقم بسبب «نقص» فى تدين الشعب ولا لمنع «اضطهاد» المسلمين منه وليس احتجاجاً وغضباً على «التضييق» المعيب على بناء المساجد، بل قامت لإرساء العدالة الاجتماعية التى هى جوهر جميع الشرائع السماوية، وخاصة فى الإسلام، وبدلاً من أن تظهر بوادر هدوء الوضع وانطلاق دعوة البناء، شاهدنا قيادات من جماعة الإخوان تحرص على ازدراء قوانين الدولة وأحكام قضائها وتجهر بأن أحلام الإخوان أوامر.. ماذا وإلا!! لكن الأفدح فى نظرى هو دور المهندس خيرت الشاطر سواء فى المفاوضات مع المسئولين الأمريكيين أو مع المجلس العسكرى وهو فى هذا المجال وكما نشرت صحيفة الوطن يوم أمس الأول، يتحدث بصفته النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان وليس بلسان المصريين، حتى هؤلاء الذين انتخبوا د. مرسى، فيعلن أن الحد الأدنى من المطالب التى يجب على الجيش تقديمها لجماعة الإخوان يتلخص فى إلغاء حل البرلمان والإعلان الدستورى المكمل وعدم المساس بتأسيسية الدستور، وتسليم جميع السلطات للرئيس المنتخب. الشاطر تحدث أيضاً عن النمط الاقتصادى المقبل، بل ذهب إلى حد توزيع الحقائب الوزارية على حلفاء الإخوان من السلفيين وخاصة وزارة التعليم!! باختصار، أصابنا الدوار بعد أول انتخابات رئاسية، فلم نعد نعرف طبيعة الوضع وهل هو ما يقوله الشاطر أم البلتاجى أم العريان أم صبحى صالح.. إلخ؟! ولا أخفى عليكم أن طمأنة الشاطر لنا بأن الإخوان «ولاحظ أنه يتحدث عن الإخوان على أساس أنهم وحدهم على الساحة» لن يتدخلوا فى الحريات الخاصة إن جرت داخل المنازل!!.. فهل يا ترى هذا هو موقف الرئيس مرسى أم الرئيس غير المنتخب خيرت الشاطر؟ لا سيما أننا نكتشف فى كل يوم مدى سطوته وأنه القناة الرئيسية مع الأمريكيين والمجلس العسكرى، وهل نفهم أن الشاطر يسمح لنا بالحرية داخل جدران مساكننا فقط، أما خارجها، فأحسن لك، أن تسمع الكلام.. يا شاطر؟!