المؤتمر الذى عُقد فى القاهرة برعاية الأزهر لنصرة الشعب السورى أوضح أن هناك شعورا قويا لدى المؤسسة السنية الأولى فى العالم الإسلامى بأن هناك تسخينا طائفيا من الشيعة ضد السنة. وجاء تفسير الأزهر وسبقه تفسير للعالم الجليل الدكتور يوسف القرضاوى بأن دخول قوات حزب الله فى معركة القصير فى سوريا هو نوع من الشحن الطائفى الشيعى ضد السنة. وخطورة هذا التصور هو إعطاء بُعد طائفى وتفسير مذهبى لحدث سياسى بالدرجة الأولى بامتياز. وآخر ما تحتاجه الحالة المصرية وما تصبو إليه المنطقة هو فتح أبواب جهنم الطائفية والمذهبية فى المنطقة. ويبدو أننا نتجه من تحول العداء العربى والإسلامى من إسرائيل إلى إيران ومن إيران إلى حزب الله ومن حزب الله إلى الشيعة كمذهب وجماعة دينية وتنظيم سياسى. إننا فى وضع تلتف فيه «السنة» السياسية حول نفسها من أجل أن تتخندق ضد «الشيعة» السياسية. وهكذا يتحول الصراع فى المنطقة من مشروع سياسى ضد الآخر، ومن عدو خارجى ضد سكان أصليين للمنطقة إلى مشروع مذهب ضد آخر. ومن الأخطاء الشائعة فى المعلومات أن البعض يعتقد أن الوجود الشيعى فى المنطقة هو وجود محدود من ناحية الكثرة العددية، وأنهم أقلية غير مؤثرة. ولكن الأرقام تقول غير ذلك وهى تؤكد أن التواجد الشيعى فى كل من العراق وسوريا ولبنان وشرق السعودية وحضرموت وتركيا وإيران والبحرين والكويت يصل إلى ما يزيد على 75 مليون نسمة. وداخل هذه التركيبة دولة تمتلك إمكانية إنتاج سلاح نووى وأخرى لديها صواريخ بعيدة المدى وخمس منها دول منتجة للنفط والغاز. نحن لا نتحدث عن قوى مذهبية معزولة بل لها روافدها فى كل أنحاء العالم بدءاً من بنجلاديش مروراً بباكستان وصولاً إلى الهند وأندونيسيا. من هنا يجب ونحن نفتح ملفات التسخين الطائفى والشحن المذهبى أن نفكر بعمق فى أبعاد هذا النوع من التفكير. إن مصر لا تستطيع أن تحارب فى سيناء وفى السودان وفى إثيوبيا وتدخل فى صراع مذهبى قد يتطور فعلياً فى المنطقة. إنه نوع من الانتحار السياسى!