هنا نفق «اللبينى» أسفل الطريق الدائرى بالهرم.. رسميا فى محاضر الشرطة اسمه «نفق اللبينى»، ويطلق عليه أهالى «قرية الحرانية» الملاصقة للطريق الدائرى اسم «نفق الحرانية ».. النفق يربط بينهم وبين أرضهم الزراعية الواقعة غرب الدائرى.. وبعيدا عن الاسم، عثر الأهالى على جثة شاب ملقى على ظهره عند جانب مظلم فى النفق.. الشاب يرقد جثة هامدة فى النفق لا أحد يعرف صاحبها، ولكن الجميع يقول: «واضح إنه ابن ناس.. لبسه حلو ونضيف». الشاهد يمسك أحد الأهالى بهاتفه المحمول، ويتصل بشرطة النجدة: يا افندم إحنا هنا واقفين عند نفق الحرانية، وفيه سيادتك شاب ميت مقتول.. يأخذ مسئول النجدة البيانات كاملة، ويعرف من مكان إلقاء الجثة أنها فى محيط قسم شرطة الهرم.. أمتار قليلة فقط تفصل بين حدود مركز شرطة أبوالنمرس وقسم شرطة الهرم.. وفى الأخير يجلس المقدم محمد عبدالواحد رئيس مباحث القسم ويأتيه اتصال فى التاسعة صباحا: يا افندم إحنا نجدة الجيزة، وفيه بلاغ من الأهالى دلوقتى إنهم لقوا شاب مقتول فى نفق اللبينى.. ينتقل الرجل ومعه بعض معاونيه الرائد مروان أشرف والنقباء معتصم رزق وأحمد أبوالمجد وعمرو عبداللطيف.. دقائق معدودة تفصل بين قسم الهرم وبين مسرح الجريمة. «إبراهيم» واحد من أهالى الحرانية، كان فى طريقه إلى الأرض الزراعية التى تملكها أسرته، وهو أول من شاهد جثة الشاب، قال ل«الشرطة»: أنا صحيت بدرى وفطرت وكنت هنا الساعة سبعة، ولفت نظرى إن فيه شاب مرمى جنب سور النفق.. وأنا خفت.. وطلعت على «الغيط» بتاعنا اللى قدامك أهو.. ولما الناس اتلمت أنا اطمنت وجيت. 8 جنيهات المقدم محمد عبدالواحد يتصل برئيس نيابة حوادث جنوبالجيزة المستشار الشاب أسامة حنفى: سيادتك فيه جثة عندنا فى نفق اللبينى.. ينتقل أحمد الحمزاوى وكيل أول نيابة الحوادث إلى مكان العثور على الجثة.. ويسأل ضباط المباحث: مفيش شهود.. طب مفيش ورق معاه أو أى اثبات أو موبايل؟ ويثبت المحقق أن الضحية يوجد به آثار كدمات فى «مشط» القدم.. وفى بطنه إلى أعلى.. وهناك ضربة واحدة «قاضية» أنهت حياة القتيل.. ضربة مطواة بجوار شريان الرقبة ناحية اليمين تسببت فى الوفاة مباشرة.. ويقلب رجال الشرطة فى الجثة ويجدون 5 جنيهات فى جيب بنطلونه الأيسر، و3 جنيهات فى جيبه الأيمن، وورقة صغيرة مدونا بها رقم تليفون شخص يدعى محمد صالح.. ويتصلون بالرقم ويعطونه تفاصيل الضحية ويقول لهم: ده خالد قرنى سليم.. مشرف بهيئة نظافة وتجميل الجيزة.. ومقيم فى شارع زغلول بالهرم. محضر يعود رئيس مباحث الهرم إلى مكتبه ويحرر محضره: إنه فى يوم 25 مايو 2013 تبلغ لديوان القسم من شرطة النجدة بوجود جثة أسفل الطريق الدائرى وتحديدا فى نفق اللبينى.. وبالانتقال والفحص تبين أن الجثة لشاب ذكر فى العقد الرابع من العمر، مصاب بجرح طعنى أسفل الرقبة من الناحية اليمنى.. وتوجد آثار سحجات بالبطن من الناحية اليسرى ولأعلى.. والجثة مسجاة على ظهرها بداخل النفق ويرتدى تى شيرت بنى اللون وبنطلون جينز وفى جيبه الأيسر 5 جنيهات وفى الأيمن 3 جنيهات.. رئيس المباحث أخطر رؤساءه المباشرين العميد جمعة توفيق رئيس المباحث الجنائية لقطاع الغرب واللواءين محمود فاروق رئس مباحث الجيزة ومحمد الشرقاوى مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة.. وتم وضع خطة من 9 بنود، أهمها فحص علاقات القتيل بين جيرانه وفى عمله.. واستجواب أسرته وأقاربه.. وفحص المسجلين خطر سرقات، وتتبع هاتفه المحمول واستدعاء أسرته. زوجة يذهب ضباط المباحث مع زوجة القتيل «وفاء»، وهى أم لطفلين (10 سنوات و5 سنوات).. والثالث قادم فى الطريق بعد شهرين من الآن (حامل فى الشهر السابع).. يجلس معها النقيب معتصم رزق.. ويسألها: آخر مرة شفتيه إمتى.. واتكلمتوا فى إيه.. وإيه اللى ودّاه عند النفق؟ تحاول أن تجيب على أسئلته المتتالية.. ويفاجئها.. بس إنت عملتى محضر ضده فى القسم من كام شهر.. واضح إن فيه خلاف.. وحد من الجيران قال لنا إن فيه ناس كانوا عندكم فى الشقة ونزلوا على الساعة 2 ونص الفجر.. وده كان يوم جمعة.. ويسألها الضابط: «مين دول.. وحكايتهم إيه.. وجوزك كان فى شغله قبل العثور على جثته بيوم.. وزمايله قالوا إنه تعب ورجعوه البيت.. يبقى إزاى نزل؟.. متخافيش قولى.. تضع الزوجة رأسها فى الأرض وتقول: «أيوه أنا...»، ويسألها: «أيوه إيه؟». تقول: أيوه أنا اللى خلصت عليه ومعايا تامر.. تامر وزميله اسمه سيد.. قتلته لأنى وجدت من أحب.. وجدت تامر سنجر.. منذ عام ونصف تربطنى «علاقة».. نعم علاقة «مش ولابد».. تامر عجبنى.. وقلت له نتجوز.. مفكرتش فى ولادى الاتنين.. أنا مقدرتش أبعد عنه.. قلت لك «عجبنى».. وحتى جوزى اللى مات.. لما كان يجمعنا «لقاء».. زى أى اتنين متجوزين.. كان بيقول لى واحنا مع بعض: «اعتبرينى تامر».. من يومها أخدت القرار.. وقلت لازم أخلص منه. عشيق التحقيقات والاعترافات تقول إن الزوجة كان دورها أن تنتظر عودة زوجها من عمله إلى المنزل بشارع زغلول بمنطقة الهرم، وتضع له أقراصا منومة فى عصير البرتقال حتى يستغرق فى النوم.. المتهم الثانى (تامر) مسجل خطر سرقات.. ينتظر مكالمة هاتفية منها تؤكد له أن «الهدف» استغرق فى النوم.. المتهم الثانى وبصحبته المتهم الثالث (سيد) جاءا مستقلين دراجة بخارية، صعدا إلى الشقة.. حملا المجنى عليه ونقلاه بالدراجة.. وألقياه أسفل الطريق الدائرى.. كان على قيد الحياة.. المخدر لم يُنهِ حياته.. «تامر» أخرج مطواة وطعنه فى الرقبة.. طعنة كانت فى «مقتل».. أخذت فى طريقها شريانا رئيسيا يغذى جسم الضحية.. «تامر» تأكد من مقتله.. واتصل بالمتهمة الأولى وقال: «كله تمام.. مات». تخطيط التحقيقات التى أشرف عليها المستشار أحمد البحراوى المحامى العام الأول لنيابات جنوبالجيزة أكدت أن المتهمين خططوا لارتكاب الجريمة خلال 10 أيام حتى تمكنوا من تنفيذها.. الواقعة بدأت فى يوم الجمعة 24 من الشهر الماضى عندما عاد المجنى عليه خالد قرنى (33 سنة) مشرف بهيئة النظافة بالجيزة، إلى منزله بشارع زغلول بمنطقة الهرم وبالتحديد فى تمام الساعة 10:30 مساء يوم الجمعة وبعد تناوله العشاء أحضرت له زوجته عصير برتقال وذلك بعد أن وضعت له أقراصا منومة بكوب العصير وبعد أن شربه استغرق فى النوم ودعت شريكيها وحدث ما حدث.. «وشم» كتف المتهم بالقتل تامر عليه «وشم» مكتوب عليه «وفاء حبى للأبد».. الوشم يذكر المتهم بعلاقته بزوجة القتيل.. وكيف جمعتهما الصدفة بعد غياب استمر 10 سنوات.. ظروفه عندما تعرف عليها كانت لا تسمح بالزواج.. علاقة غرامية نشأت بينهما.. وتجددت منذ عام ونصف العام.. وتعددت اللقاءات بينهما عدة مرات.. وطلب منها الزواج.. وقال لها: ارفعى قضية خلع على زوجك خالد.. ولكنها رفضت واقترحت عليه أن يقتله.. هو وارث مبلغ حوالى ربع مليون جنيه من أهله فى أطفيح.. ولازم نخلص منه ونتجوز فى هدوء. الزوجة قالت فى بداية الاستجواب وقبل اعترافها بالجريمة: المرحوم بينه وبين أسرته خلافات على ورث وهم اللى قتلوه.. المباحث شكلت فريق بحث وتحرٍّ لكشف ملابسات الواقعة.. وتكشف التحريات التى جرت عدم صحة رواية الزوجة بوجود خلافات بين المجنى عليه وبين أسرته وتؤكد أن وراء ارتكاب الواقعة زوجة المجنى عليه بالاشتراك مع المتهم الثانى والثالث.. رجال المباحث اقتادوا المتهمين فى حراسة أمنية مشددة إلى سراى نيابة جنوبالجيزة وخضعوا للتحقيقات التى جرت بمعرفة أحمد الحمزاوى وكيل أول النيابة واعترف المتهمان الثانى والثالث بارتكابهما الواقعة. محصلش المتهمة الثالثة جلست تتحدث بهدوء أعصاب.. تحكى عن الجريمة (قتل زوجها)، وكأنها لم ترتكب أى شىء.. تشير بيدها إلى المتهمين الثانى والثالث.. وتقول فى تحقيقات النيابة هما دولى اللى قتلوا جوزى «تقصد المجنى عليه».. وأيضا لا يشغل بالها أن زوجها قتل.. ولكن تورطه بعد موته فتقول: إن المتهمين تامر وسيد (مسجلان خطر) قتلا زوجها بسبب خلافات على تجارة آثار، وإنها ليست لها أى علاقة بهما لا من قريب أو من بعيد. النيابة أصدرت قرارا بحبس المتهمين الثلاثة 4 أيام على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وطلبت تحريات المباحث النهائية حول الواقعة. ودونت ما قالته الزوجة فى محضر الشرطة واعترافها للنقيب معتصم.. ودونت أيضاً فى أوراق التحقيق أن المتهمة أنكرت اشتراكها فى الجريمة.. وقالت: «ماعرفش قتلوه إزاى.. هم أخدوه من البيت.. وماعرفش إيه اللى حصل». ويسألها المحقق: بس إنت قلتى فى الأول للمباحث إن إخواته والميراث وراء الجريمة.. وقلتى كمان إنك بتحبى تامر المتهم الثانى.. وقلتى إن جوزك كان بيعاملك وحش ويقولك «اعتبرينى «تامر».. مقلتيش فى الأول إنهم اللى قتلوه وحكاية الآثار دى جديدة.. ردت بهدوء: «ماعرفش.. ومحصلش.. أنا عرفت إن الناس لقيت جثته فى نفق الحرانية. يقاطعها وليد مدحت سكرتير التحقيق: اسمه نفق اللبينى.. ترد بنفس الهدوء: أيوه لقيوه مقتول هناك.. فى النفق ده.