فى الأسبوع الماضى جلست أمام الأوراق وأمسكت بالقلم.. وظللت ساعات فلم أستطع أن أسطر كلمة.. والآن أحاول جاهدة مقاومة الإحباط واليأس والقرف بعد المحاولات السابقة الفاشلة.. فالأحداث متلاحقة تطعن فى قلب مصر وهى تهوى إلى القاع بسرعة النهضة وبأيدى أصحابها.. وحاولت من قبل أن أعمل بنصيحة البعض وقاطعت الصحف وأغلب برامج الكلام وتركت باب الفيس بوك مفتوحاً لاحتياجى أحياناً ومن باب حلاوة الروح أن أكتب بعض الكلمات عل وعسى أن تهدأ أعصابى المشدودة وأشعر أننى ما زلت على قيد الحياة وأخذت ألمح عناوين الأحداث الرئيسية ولا أدقق فى التفاصيل وأخذت أنظر فى بعض المواقع، ورغم معاودة آلام المعدة وأمراض نقص المناعة قررت أن أكتب من باب العلاج وهو أفضل قليلاً من اليأس والإحساس باللاجدوى واللاأمل واللافائدة، وفى أحد المواقع أصابنى حوار الرئيس ل«الأهرام» بحالة من الهيستيريا التى لا تعالج إلا بجلسات الكهرباء فى مستشفى العباسية، ولأنه لا توجد كهرباء فلابد أن أكتب لحين وجود العلاج.. هذا الرجل سافر إلى إثيوبيا وعاد وإذا بالنيل الأزرق يحول مساره استعداداً لاستكمال سد النهضة الذى بدأ بناؤه منذ أن تولى سيادته خراب مصر.. وجاء ليجتمع بالرموز السياسية فى مهزلة غير مضحكة بالمرة، وإن كانت غاية فى الهطل والعبثية.. وأثارت الحزن على هؤلاء الذين يمثلون المعارضة فى مصر المحروسة.. ثم أخذ يشكل لجنة قومية لبحث أزمة سد إثيوبيا ولجنة حكومية لبحث أزمة سد إثيوبيا، وآخر يدعو لمؤتمر شعبى لمناقشة أزمة سد إثيوبيا، ومجلس الشورى الباطل يبحث أزمة سد إثيوبيا، بينما الرئيس هو من وافق على تغيير اتفاقية المياه وأعطاهم الضوء الأخضر للعمل وعاد بسلامة الله إلى أرض الوطن المأسوف على شبابه.. السيد وزير الرى يقول إننا بدأنا فى مرحلة «ندرة المياه» والسيد الرئيس يصرح بأغرب التصريحات فى إجابة عن سؤال عن أزمة سد إثيوبيا ويقول «إنه حريص على سلامة إثيوبيا والسودان ومصر (هكذا بنفس الترتيب) وإن استراتيجية التعامل هى التواصل مع إثيوبيا حكومة «وشعباً» لكى نمنع أى ضرر حتى على الشعب السودانى الشقيق وسوف نستخدم فى ذلك كل الوسائل والسبل سواء مع إثيوبيا والسودان أو مع باقى دول حوض النيل»، انتهى التصريح وهو كما قرأتم تصريح حاسم جداً وقوى جداً لصالح إثيوبيا.. ويقول عن مشروع المائة يوم «إنه تم وضعه قبل اكتشاف حجم الفساد الهائل للنظام السابق، فقد تم ضبط 750 ألف حالة سرقة كهرباء خلال ستة شهور!! وتم منع تهريب 350 مليون لتر سولار و85 مليون لتر بنزين!! وهنا توقفت مع دقات قلب شديدة ومتفاوتة تنذر بالموت غيظاً وكمداً.. فقررت إغلاق الموقع بسرعة. وتصفحت الاحتفال الإخوانى الرائع بنكسة 1967 حتى ألهاهم الاحتفال السعيد عن الاحتفال بالإسراء والمعراج، وتذكرت احتفالات اليهود بهذه المناسبة طوال ست سنوات حتى أبطل لهم شهر أكتوبر هذا الاحتفال وإلى الأبد، نحن المصريين يشكل لنا يوم الهزيمة جرحاً غائراً وحزناً على آلاف الشباب المصرى الذى مات ودفن حياً فى ساعات.. حزناً على أرضنا التى دنسها اليهود ست سنوات ورغم «الانتصار المحير» الذى حدث فى أكتوبر كان لا بد لنا أن نتجرع ذكرى الهزيمة حتى لا ننسى.. هذا بالنسبة لنا نحن المصريين، أما الحكام وأهلهم وعشيرتهم من القتلة والجهاديين فهم يحتفلون بالشماتة والفرحة ويتناسون 6 أكتوبر تماماً إلا 6 أكتوبر عام 1981 فهو عيدهم الحقيقى، تأكدت وازداد لدى اليقين أننا محتلون بواسطة جماعة من الأغراب الذين لا ينتمون لهذه الأرض ولا يعملون لصالح هذا الوطن الذى يعيثون فيه فساداً ويستبيحون أهله ورجاله ونساءه ومقدراته وثرواته وحدوده وتاريخه بشكل أكثر سفوراً من احتلال التتار والعثمانيين والفرنسيين والإنجليز وحتى اليهود.. ثم قررت أن أغير الموضوع فوقعت عيناى على حديث للسيد وزير الثقافة الجديد وهو يصيح مثل هونج كونج «انتظروا مزيداً من الإقالات».. الصراحة خفت.. ده راجل سبع سبع يعنى مش أى كلام.. ثم يقول عن ال«سى دى» إياه.. إنه لم يسأله أحد فى الحكومة عن هذا ال«سى دى» الفاضح، والحقيقة الحكومة عندها حق لأنها هى نفسها أم الفضايح هاتيجى على ال«سى دى» بتاع السيد الوزير؟ مش معقول.. كلهم إخوة والمساواة فى ال«سى ديهات» عدل وديمقراطية.. ويقول إن سبب اختياره وزيراً للثقافة أن القيادة السياسية قرأت أعماله وكتاباته وقررت اختياره لهذا المنصب، والخبر ده فعلاً مفرح وصادم لأننى كنت أتخيل طوال الوقت أن الرئاسة والقراءة «دونت ميكس» ولكن اللى يتنيل يعيش ياما يتهبب يشوف. أما تصريحه الضخم فكان عن تغيير اسم مكتبة الأسرة إلى مكتبة الثورة فقد قال لا فض فوه: إذا لم يكن للثورة مكتبة باسمها فمن يستحق غيرها أن يسمى؟! عندك كل الحق.. وإن كنت أتمنى أن تقوم سيادتك بالصرف والفشخرة على الثورة من جيبك وليس من جيب غيرك.. وأقترح عليك أيضاً أن تضع على غلاف الكتاب الخلفى صورة «أم أيمن» بدلاً من صورة «سوزان مبارك» لأنه إذا لم تتصور «أم أيمن» على غلاف كتب مشروع القراءة للجميع فمن يتصور إذن؟؟.. وعموماً حبايبك كلهم كلامهم زيك كده.. سد إثيوبيا يحتاج للحفاظ على مصالح إثيوبيا والسودان.. نتبرع بحلايب وشلاتين للسودان ولا مانع من إعطاء سيناء لغزة وأهلها الكرام أصحاب ثورة يناير المجيدة.. تهنئتى القلبية للسيد الوزير.. سر فى طريقك الثقافى النهضوى فأنت مناسب جداً لهؤلاء الحكام الثوريين الديمقراطيين وجميعكم تشبهون هذه الأيام وهذه المرحلة.. وللانحطاط الحضارى رجاله المخلصون.