سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الوطن» تقضى ساعات الألم مع أسرة «المجند القتيل» أمام المشرحة جنازة المجند «مختار» تتحول إلى مظاهرة أثناء مرورها أمام المنطقة الشمالية العسكرية.. ووالده يرفض العزاء قبل ظهور الحقيقة
فى مشهد خيم عليه الحزن، ودعت الإسكندرية جثمان المجند مختار عصام، الذى عثر على جثته أمس الأول بعد 6 أيام من اختفائه أثناء عودته من السويس إلى كتيبته فى السلوم، وشيعت الجنازة من مسجد سيدى جابر أمام المنطقة الشمالية العسكرية، عقب صلاة العصر أمس، عقب انتهاء الطب الشرعى من مناظرة الجثة وفقاً لقرار النيابة العسكرية فى مطروح، وسط صراخ وبكاء، وعويل أسرة الضحية. وتحولت الجنازة إلى مظاهرة فور مرورها أمام بوابة قيادة المنطقة الشمالية العسكرية، وهتف المشيعون: «يسقط يسقط حكم العسكر»، و«القصاص.. القصاص». وحمل المشاركون فى الجنازة صور خالد سعيد، وعدد من شهداء الثورة. وبدا على أسرة مختار علامات الذهول عقب رؤيتهم جثمان نجلهم أثناء الغُسل وأكدوا أن الجثمان عليه آثار تعذيب، وقبّل والد، ووالدة مختار جثمان ابنهما وصرخ والده قائلاً: «ربنا يرحمك يا بنى، مش هنسيب حقك، منه لله اللى ظلمك». ولم يشارك فى تشييع الجثمان أى مسئول أو قيادى فى المحافظة، ولم يحضر أى من ضباط القوات المسلحة. من ناحية أخرى عاشت «الوطن» لحظات القلق والحزن مع أسرة المجند أمام باب المشرحة، كانت الساعة تقترب من الرابعة عصر أمس الأول، حين علمت الأسرة أن الجثمان فى طريقه إلى مشرحة كوم الدكة، وخرجوا جميعاً فى انتظار وصول سيارة الإسعاف التى تحمل الجثمان، وكانوا يخشون أن يمنعهم الأمن والجهات المختصة من تصوير الجثة لإثبات آثار التعذيب بها، أو أن يدخل الجثمان إلى المشرحة فى إحدى سيارات الإسعاف دون علمهم. وأمام هذه المخاوف بدأ الأهالى يفكرون فى منع دخول الجثمان للمشرحة حتى يتم السماح لأسرته بتصوير الجثة، بينما اقترح البعض قطع الطريق، وظل الأهالى يحاصرون المشرحة، وتضاربت المعلومات حول ميعاد وصول الجثمان، خاصة أن أحداً من المسئولين لم يخبرهم بتوقيت الوصول، وبدأ القلق يسيطر على أسرة المجند، ويشعرون أن هناك محاولات لتضليلهم، وهو ما أكده محمد عصام شقيق المجند، والذى قال إن تضارب موعد وصول الجثمان جعلهم يعتقدون أن هناك محاولات لجعلهم ينصرفون من أمام المشرحة حتى يصل الجثمان، ويتم تشريحه بعيداً عنهم. ولكن لم تفكر أسرة المجند لحظة واحدة فى ترك باب المشرحة، وواصلوا الانتظار، وكل سيارة إسعاف تقترب يهرولون نحوها، وتتعالى أصوات الصراخ، ولكن يكتشفون أنها لا تحمل جثمان مختار. وبعد انتظار دام عدة ساعات وصلت سيارة الإسعاف التى تحمل الجثمان، وبصحبتها عدد من ضباط القوات المسلحة، ورفضت عائلة المجند تلقى عزاء الضباط، وقال والد المجند: «لن نقبل عزاء الجيش إلا بعد ظهور الحقيقة كاملة، وحل لغز اختفائه، ومصرعه، ومعاقبة من قتله بهذه الوحشية، وعذّبه وسحله، ودفن جثته فى الصحراء». وأضاف: «أنا مش هيرتاح بالى غير لما أعرف مين اللى عمل كده فى ابنى، ومش هسيب حقه طول ما أنا عايش، اللى عذب ابنى وقتله لازم يتحاسب، وأنا احتسبت مختار شهيد، وربنا هيظهر الحق، لأن مختار كان ولد طيب، ومحترم وكل الناس بتحبه». واندفع الأهالى خلف سيارة الإسعاف، وأصروا على تصوير الجثمان، إلا أن الأمن أبلغهم أن الجثة موجودة داخل كيس بلاستيك محكم الغلق ومحظور فتحه إلا فى وجود الطب الشرعى، ووافق والد المجند على ترك الجثمان يدخل إلى المشرحة، حتى يصل الطب الشرعى. وتقدم محمد مختار، شقيق المجند، إلى قسم شرطة العطارين بمذكرة رسمية تطالب بتعيين حراسة أمنية مشددة على الجثمان داخل المشرحة، لضمان عدم التلاعب فى الجثمان، والانتهاء من أعمال الطب الشرعى وتسليم الجثمان لدفنه. وقال محمد: «مش هنسيب حق أخويا، لكن هننتظر تقرير الطب الشرعى، ونعرف بيقول إيه، وهنتابع البلاغ اللى قدمناه إلى النيابة العسكرية حتى يظهر الحق». وانتظر عدد من أفراد الأسرة أمام مشرحة كوم الدكة، لمعرفة تقرير الطب الشرعى بعد فحص الجثمان، وفقاً للقرار الصادر من النيابة العسكرية بمطروح، والذى حصلت «الوطن» على نسخة منه، وقررت فيه انتداب الطبيب الشرعى لتشريح جثمان المتوفى لبيان ما به من إصابات، وتاريخ وكيفية حدوثها، وسبب حدوثها، والأداة المستخدمة فى إحداث تلك الإصابات وعلاقتها بالوفاة. كما أمر قرار النيابة العسكرية بسحب أجزاء من أحشاء المتوفى، وتحليلها، وفحصها لبيان احتوائها على أى مواد مخدرة أو سامة من عدمه، وصرحت النيابة العسكرية بدفن الجثمان عقب انتهاء عملية التحقيق، وطالبت بموافاتها بتقرير الطب الشرعى على وجه السرعة. ودشن أصدقاء المجند مختار عصام، 23 سنة، صفحة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» على غرار صفحة «كلنا خالد سعيد» تحت عنوان «كلنا الشهيد مختار عصام».