ما إن انتشر خبر اختطاف سبعة من جنودنا بسيناء، حتى خرج علينا بعض قادة الإخوان معلنين أن من قام بتنفيذ هذه العملية هم مجموعة من المتشددين الإسلاميين من أعضاء «السلفية الجهادية»، وأنهم يقومون الآن بالتفاوض معهم من أجل تحرير المختطفين، بعدها طمأنتنا «الرئاسة» فى بيان لها بأن الرئيس «الإخوانى» يتابع بشكل «لحظى» تطوّرات الموقف، وأنه يدير الأزمة بالشكل الذى يحافظ على أرواح كل من الخاطفين والمخطوفين!، فى إشارة إلى أن الخاطفين (قرايب وحبايب الريس وجماعته)، وبعدها بساعات تحرّك الدكتور عماد عبدالغفور مساعد رئيس الجمهورية ورئيس حزب الوطن السلفى، إلى موقع الحدث، ليتولى مهمة التفاوض المباشر مع من قاموا باختطاف الجنود. ولست أدرى ما لزوم وجود كل من الشرطة والجيش فى هذا البلد، طالما أن مجموعة الدقون الإخوانية وتوابعها الرئاسية والسلفية تقوم بالواجب وأكثر، وتتفاوض مع الخاطفين، وتسرّب من حين إلى آخر معلومات عن أن الإفراج عن المختطفين أصبح وشيكاً، ولو حدث ذلك وتم تحرير الجنود بالتفاوض، فلابد أن يركن كل من الجيش والشرطة على جنب، و«بلاها» المصاريف التى تنفق عليهما. لا تعجب من هذا الاقتراح، فقد أظهر الأسلوب الذى عُولجت به هذه الأزمة أن مصر لم تعد دولة، بل أصبحت «جماعة»، وبالتالى لم يعد هناك حاجة إلى وجود ما يُسمى بمؤسسات الدولة! إننا أمام مشهد هزلى بمعنى الكلمة. الرئيس وعد بحل ملف بعض المقبوض والمحكوم عليهم من أفراد «السلفية الجهادية» خلال شهر، كما كشف أحد قيادات الجماعة، وبعد أن مرت الأيام ولم يحل «مرسى» أو يربط، بادر أعضاؤها إلى أخذ حقهم بأيديهم، واختطاف الجنود لمقايضة السلطة عليهم للإفراج عن عناصر الجماعة فى السجون. والقيادات العسكرية لم يهمها فى أمر السبعة الغلابة غير التأكيد على أن الجيش لن يسمح ل«مرسى» باستغلال الموقف ليطيح بالفريق أول عبدالفتاح السيسى، فى تكرار لسيناريو الإطاحة بالمشير طنطاوى. والباشمهندس «عاصم عبدالماجد» أعطى أوامره للجنود، الذين أغلقوا معبر رفح يوم الجمعة، احتجاجاً على اختطاف زملائهم، بضرورة فتح المعبر والعودة إلى عملهم وثكناتهم. إن الطريقة التى أديرت بها الأزمة وأخرج بها مشهد اختطاف الجنود السبعة فى سيناء تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن مصر أصبحت فى حالة ضياع كامل، وأن كل من يجلسون الآن على مقاعد السلطة من إخوان وسلفيين وجماعة إسلامية وعسكر لا يعنيهم سوى مصالحهم الصغيرة المباشرة، أما مصر والمواطن المصرى فكلمات لا يتم استدعاؤها إلا عند الرغبة فى المناورة على طرف آخر من أجل الطمع فى المزيد من المكاسب.. الكل يريد بيع مصر فى أقرب سوق نخاسة، وإذا لم يتحرك الشعب ليقتلع هؤلاء النخاسين من أرضنا الطيبة.. فانتظروا كارثة!