لم يدُر فى خلده أن يوم الثانى عشر من أغسطس للعام المنصرم سيدفع به من كونه الأصغر فى أعضاء المجلس العسكرى إلى أن يصير رئيسه، حيث اتخذ الرئيس مرسى، وقتذاك، قراراً بإقصاء قيادات المجلس العسكرى، على رأسهم المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، وعين بدلاً منهما الفريق عبدالفتاح السيسى، ونائباً له الفريق صدقى صبحى. «السيسى» الذى وُلد فى التاسع عشر من نوفمبر لعام 1954، وتخرج فى الكلية الحربية عام 1977، عمل فى سلاح المشاة، وكان قائداً للمنطقة الشمالية العسكرية، ورأس المخابرات الحربية والاستطلاع قبل تعيينه وزيراً للدفاع. جاء «السيسى» بعد تقلُّب فى العلاقة بين الشعب والقوات المسلحة، فبعد أن هتف المتظاهرون فى أوائل الثورة: «الشعب والجيش إيد واحدة»، انقلب الهتاف ليصبح «يسقط يسقط حكم العسكر» بعد أحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود وماسبيرو. حاول «السيسى» منذ قدومه أن يستقطب كل التيارات السياسية جانبه، أراد أن يحول خريف العلاقة مع القوات المسلحة إلى ربيع جديد، بدأت تلوح فى الأفق خلافات مع جماعة الإخوان المسلمين، التى ينتمى إليها الرئيس مرسى، يرفض «السيسى» محاولات «أخونة» الجيش، بدأ فى الظهور فى احتفاليات رسمية وحيداً بعيداً عن الرئيس، مثل احتفالية عيد تحرير سيناء الأخيرة بجامعة المستقبل. إعلامياً، يحاول «السيسى» الاقتراب من الناس، يتحدث بلغة عاطفية قريبة من مشاعر الشعب، لا يغفل الإعلاميين والفنانين. أمس الأول، فى مشروع تفتيش الحرب، الذى قام به «السيسى»، حضر المشروع مجموعة من الفنانين، كعادل إمام وأحمد السقا ويحيى الفخرانى وصابرين، الأخيرة طالبت «السيسى» بتجنيدها فى الجيش المصرى، تدليلاً على وقوف الفنانين فى صف الجيش، طمأنهم «السيسى» على مصر وقواتها المسلحة، وأنها ستظل صمام الأمان، وأن دماء شهداء رفح فى رأسه، وبمجرد معرفة القتلة سيتم إبادتهم. «هل يحكم الجيش البلاد؟»، «هل يتدخل السيسى كبديل للإخوان؟» أسئلة جابت الأذهان، ووصلت إلى الفريق السيسى، البعض عبَّر عن ذلك بجمع التوقيعات، والبعض الآخر عبَّر عن ذلك من خلال المنابر الإعلامية، وآخرون طالبوا بذلك فى الشارع، رد عليها «السيسى» فى حديث أمس الأول بالمنطقة المركزية العسكرية بقوله: «القوات المسلحة لا تفكر فى النزول إلى الشارع، والجيش ليس حلاً، والوقوف أمام صناديق الاقتراع أفضل من تدمير البلاد». يتخيل «السيسى» ما حدث مع سلفه، يقول الفريق: «لا بد من وجود صيغة للتفاهم فيما بينكم، فهذا الجيش نار، لا تلعبوا به ولا تلعبوا معه». واستدرك «السيسى» قائلاً: «لكن الجيش ليس ناراً على أهله، لذلك لا بد من صيغة للتفاهم بيننا، البديل فى منتهى الخطورة». يرى وزير الدفاع أن وجود الجيش فى سُدة الحكم سوف يؤخر التقدم، حيث قال فى تصريحاته: «لو حصل هذا لن نتكلم عن مصر لمدة 30 أو 40 سنة للأمام».