بدأ متمردو حزب العمال الكردستاني انسحابهم من تركيا إلى شمال العراق، في خطوة تندرج في إطار عملية سلام ترمي إلى إنهاء نزاع دام ثلاثين عاما. وأكد صلاح دمرتاش، زعيم أكبر حزب مؤيد للأكراد في تركيا، بدء انسحاب متمردي الحزب. وقال دمرتاش، الذي يشارك في رئاسة حزب السلام والديموقراطية: "نعرف أن حركة (انكفاء) المتمردين بدأت"، إلا أنه لم يتمكن من تحديد متى بدأ الانسحاب، مكتفيا بالقول إن "المقاتلين يستفيدون على الأرجح من ظلام الليل لينكفئوا إلى معسكرات كردستان العراق". وحذر دمرتاش من تدخل ممكن ل "قوى ظلامية"، مشيرا إلى أنه "لا نتوقع هجوما من قبل الجيش (التركي)، لكن قوى ظلامية أو ناشطين من قوات شبه عسكرية لا تخضع للقوات الحكومية يمكنها تخريب العملية". وتابع حزب العمال الكردستاني، أن "عمليات الاستطلاع المستمرة للطائرات بلا طيار تؤخر عملية الانسحاب"، مضيفا أن تحرك القوات المسلحة في جنوب شرق الأناضول، ساحة نشاط الحزب، لا تؤثر على الانسحاب فحسب بل تمهد الأرض لاستفزازات ومواجهات. ويشكل هذا الانسحاب المرحلة الثانية من عملية سلام بدأت بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني بعد الإعلان عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد في نهاية مارس. وأكد الحزب أنه سيحترم التزامه الانسحاب من الأراضي التركية، طالما لم يتعرض لهجوم من القوات التركية المسلحة. وأكد أردوجان مجددا ضرورة مغادرة المتمردين الأكراد الأراضي التركية بأسلحتهم. وقال: "يعرفون من أين دخلوا إلى تركيا وسيعرفون كذلك طريق الخروج نفسها، عبر الطرق الوعرة في جنوب شرق البلاد على الحدود مع العراق". من جانبها، قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أنه وعقب ثلاثة عقود من صراع تركيا مع أقليتها الكردية، فإن المجال ربما يكون مفتوحا أخيرا للسلام، في ظل بدء مقاتلي حزب العمال الكردستاني للانسحاب وعودة الحياة إلى طبيعتها فى مناطق جنوب شرق تركيا. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الربيع قد حل في الأماكن التي كان فيها القتال بين حزب العمال الكردستاني وقوات الأمن التركية على أشده، حيث وللمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمان، يتطلع سكان بلدة "سيمدينلي" بمحافظة هكاري الواقعة في جنوب شرق تركيا إلى موسم جديد؛ فمنذ إعلان وقف إطلاق النار قبل شهر، بدأت سيمدينلي تحيا من جديد. ووصفت الصحيفة هذا الانسحاب بأنه سيكون خطوة حيوية نحو نهاية واحدة من أطول وأكثر الصراعات العرقية دموية، والتي أودت بحياة أكثر من أربعين ألف شخص خلال ثلاثين عاما. ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن الصراع بين حزب العمال الكردستاني وتركيا يرجع إلى عام 1984 عندما بدأ الحزب كفاحه المسلح من أجل الحكم الذاتي وحقوق أكبر للأكراد؛ وعقب ما يقرب من ثلاثين عاما خلف الصراع أكثر من أربعين ألف قتيل وكلف تركيا نحو 132 مليار دولار.