ترامب يتهم بايدن بقيادة "إدارة من الجستابو"    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    محمد صلاح: هزيمة الزمالك أمام سموحة لن تؤثر على مباراة نهضة بركان    حالة الطقس اليوم.. تحذيرات من نزول البحر فى شم النسيم وسقوط أمطار    بسعر مش حتصدقه وإمكانيات هتبهرك.. تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo    نجل هبة مجدي ومحمد محسن يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    موعد مباراة الأهلي ضد الهلال اليوم الإثنين 6-5-2024 في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى بكرى يكتب.. ماذا وراء تصاعد الأزمة بين الجيش والإخوان «2»
نشر في الوطن يوم 15 - 04 - 2013

من سرب الجزء الخاص بالجيش المصرى فى تقرير تقصى الحقائق إلى صحيفة «الجارديان» البريطانية، ولماذا فى هذا الوقت تحديداً، وما حقيقة الدور الذى تقوم به هذه الصحيفة لخدمة المخططات المعادية لمصر؟!
هذه الأسئلة، وغيرها كثير، باتت مطروحة على الشارع المصرى الذى أبدى دهشته من تسرب هذا التقرير السرى والذى لا يوجد إلا فى حوزة جهات ثلاث هى رئاسة الجمهورية ومكتب النائب العام ولدى رئيس لجنة تقصى الحقائق. لقد تعدت «الجارديان» نشر ملخص لخمس عشرة صفحة تحوى مجموعة الأكاذيب المتعلقة بدور الجيش من انتهاكات مزعومة فى ثورة الخامس والعشرين من يناير والفترة الانتقالية وحتى تسليم السلطة فى 30 يونيو الماضى.
لقد نشرت الجارديان هذه الأكاذيب بعد أن سربت إليها واحدة من الجهات الثلاث نص التقرير، وبات الهدف واضحاً، هناك غرض سياسى من وراء ذلك. لقد تضمن التقرير وقائع مرسلة وادعاءات لا أساس لها من الصحة وأخطاء متعمدة الهدف منها جميعاً تشويه صورة الجيش المصرى، خاصة بعد تنامى شعبيته فى مقابل تراجع شعبية جماعة الإخوان المسلمين وشعبية الرئيس المنتمى إليها.
كان الهدف منذ البداية من وراء تسريب هذه الادعاءات هو تحقيق هدفين أساسيين:
الأول، هو تدويل القضية، بما يفضى إلى تحريض العالم ضد الجيش المصرى ومواجهة أية تحركات له حال نزوله لإنقاذ مؤسسات الدولة من الانهيار ووضع حد لنذر الحرب الأهلية التى بدأت تلوح فى الأفق بفعل الممارسات الإقصائية وتصفية الحسابات وفشل النظام فى حل المشكلات الجماهيرية وإحداث الانقسام وزيادة حدة الصراع المجتمعى فى البلاد.
الثانى، هو صرف الأنظار عن تجاوزات النظام الحاكم فى مصر تجاه قضايا الحريات وحقوق الإنسان وغيرها من الإجراءات المعادية التى اتخذها النظام فى الفترة الماضية، وهى التجاوزات التى نالت حملة من الانتقادات الدولية والإقليمية كبيرة، ولذلك ارتأى البعض أن يطلق هذه الحملة ضد الجيش المصرى بهدف تخفيف الحملة الدولية على الرئيس ونظامه، خاصة بعد أحداث الفتنة الطائفية والاعتداء على مبنى الكاتدرائية بالعباسية.
لم تكن تلك هى الحملة الأولى للجارديان البريطانية التى ثار لغط كبير حول توجهاتها ومساهمة أحد الأنظمة المعادية لمصر فيها، فقد سبق لها أن نشرت تقريراً كاذباً فى 4 فبراير 2011 زعمت فيه أن ثروة الرئيس السابق حسنى مبارك تبلغ 72 مليار دولار، ثم عاد مدير تحريرها بعد الثورة ليعلن اعتذاره عن هذه المعلومة الكاذبة التى كانت من أسباب الاحتقان المجتمعى فى هذه الفترة.
واكتظت الجارديان على مدى العامين الماضيين بمجموعة من التقارير التى استهدفت تأليب الفئات المجتمعية والتشكيك فى مواقف المجلس العسكرى وتعهداته بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب.
وهكذا جاءت الجارديان لتطرح من جديد ادعاءاتها المسمومة وتروج لتقرير لا يستند إلى أية أدلة يقينية ضد الجيش المصرى، وإنما يعتمد على مجموعة من الحكايات التى هى مثار شك من الأساس، ومجرد روايات تحتمل الصدق والكذب، حتى إن منظمة هيومان رايتس ووتش التى دعت الرئيس مرسى إلى كشف الحقائق راحت نفسها لتشكك فى الادعاءات التى روّجها التقرير عن احتجاز المقبوض عليهم وتعذيبهم داخل السجون الحربية عندما قالت إن الجيش كان يسلم المقبوض عليهم فى القضايا الجنائية إلى السجون المدنية على الفور.
وعندما يقول التقرير: «هناك دور لعبته القوات المسلحة فى دعم مبارك ضد المتظاهرين منذ نزولهم فى الشارع يوم 28 يناير وحتى صدور التصريح العسكرى الأول الذى دعم المتظاهرين فى 10 فبراير 2011»، فهذا الكلام لا يمثل تجاوزاً للحقيقة فقط، وإنما أيضاً استهانة بعقول الناس الذين لا يزالون شهوداً على الحدث.
إن الحقيقة تقول إن الجيش المصرى ومنذ نزوله إلى الشارع فى 28 يناير وهناك قرار بعدم إطلاق الرصاص أو التصدى لأية مظاهرات، بل إن وحدات الجيش التى نزلت إلى الشوارع والميادين لم تكن تمتلك من الأساس أية ذخيرة حية، بل كلها ذخيرة «فشنك»، خوفاً من أن يتعرض أحد الجنود للاستفزاز فيضطر إلى استخدام السلاح.
أما عن البيان الأول للقوات المسلحة فهو لم يصدر فى اليوم العاشر من فبراير كما ادعى التقرير، بل صدور فى الأول من فبراير 2011 عندما عُقد اجتماع لقادة القوات المسلحة وأصدروا فى أعقابه بياناً أكدوا فيه نقطتين هامتين:
الأولى: رفض استخدام العنف.
الثانية: تفهم المطالب المشروعة للمتظاهرين.
وكانت المطالب المشروعة فى هذا الوقت تعنى رحيل النظام. ولا أعرف من أين جاء هذا التقرير بمعلومة أن بيان الجيش الأول الذى صدر لحماية المتظاهرين صدر فى العاشر من فبراير 2011، مما يعكس الترصد والتربص المقصود بالجيش ودوره، حتى ولو كان المقابل تجاوز الحقائق ونشر الادعاءات والأكاذيب.
هناك واقعة أخرى عن دفن 19 قتيلاً فى مقابر الصدقة وتصوير الأمر وكأن هؤلاء القتلى كانوا ضحية الجيش، والحقيقة أن هؤلاء جميعاً كانوا فى أغلبهم قد حاولوا الهروب من سجنى الفيوم وبنى سويف وقُتلوا فى معارك لم يكن الجيش طرفاً فيها، كما أن من بينهم شخصاً كان محكوماً عليه بالإعدام حاول الهرب من سجن طرة وسيدة كانت قد احترقت فى شقتها فى شارع الهرم.
كانوا جميعاً مجهولى الهوية داخل مشرحة زينهم، كنا نظن أنهم من الثوار، وكنت من ضمن من ذهبوا مع الموكب لدفنهم فى مقابر الصدقة، ثم أُبلغنا بعد ذلك من حكومة د. عصام شرف بأن هؤلاء جميعاً من الجنائيين، وأنهم كانوا يرتدون ملابس السجناء الزرقاء، حيث كانوا من المحكوم عليهم فى قضايا جنائية، مما أثار دهشة الجميع فى هذا الوقت.
إن القضية ليست فى الوقائع المرسلة والكاذبة التى تضمنها التقرير، لكن الخطر الأكبر هو فى تدويل هذا التقرير والتحريض على الجيش أمام المجتمع الدولى، وذلك بغرض استهدافه وحصاره، بل وفرض العقوبات عليه فى وقت لاحق.
إن ذلك بالضبط ما تريده هذه القوى التى سربت هذا التقرير، ذلك أن بقاء الجيش المصرى قوياً وموحداً من شأنه أن يعوق مخططات هذه القوى فى الهيمنة والسيطرة على البلاد، وفرض الأخونة على جميع المؤسسات، وتنفيذ الأجندة المعادية للمصالح الوطنية.
لقد أكد الجيش المصرى أكثر من مرة أنه جيش الشعب، وأنه سيحمى البلاد واستقرارها فى مواجهة مخاطر الفوضى والانفلات ومحاولات تفكيك الدولة وإسقاط مؤسساتها، وهى كلها أمور دفعت النظام الحاكم وجماعته إلى إطلاق الشائعات والأكاذيب فى مواجهة الجيش وقياداته الحالية والسابقة.
وخلال الآونة الأخيرة بلغت الأزمة حداً يهدد العلاقة بين الجيش ومؤسسة الرئاسة، ومع تصاعد الأزمة بسبب تردى الأوضاع فى البلاد وتعرض الأمن القومى للخطر طلب الفريق أول عبدالفتاح السيسى مقابلة الرئيس مرسى لإبلاغه بخطورة ما يجرى وتوجيه إنذار شديد من الجيش الغاضب على هذه المواقف والممارسات.
وخلال اللقاء أكد وزير الدفاع أن حالة من الغضب والاستياء تسود أوساط القوات المسلحة بسبب الإهانات وحملات التحريض التى تقوم بها عناصر تنتمى لجماعة الإخوان وحلفائهم، وطلب السيسى من الرئيس ضرورة اللقاء فوراً بأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتوضيح المواقف.
لقد طلب الرئيس مرسى من الفريق أول السيسى دعوة أعضاء المجلس للحضور إلى قصر الاتحادية، إلا أن الفريق السيسى قال للرئيس: من الأفضل حضوركم إلى مقر المجلس بوزارة الدفاع، وهو ما لقى تجاوباً من الرئيس ولكن على مضض!!
وفى يوم الخميس الماضى انعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحضور الرئيس مرسى وكامل أعضاء المجلس. لقد رفض الفريق أول عبدالفتاح السيسى السماح لأى من مساعدى الرئيس بحضور الاجتماع، باعتبار أن ذلك تقليد سار عليه المجلس العسكرى فى جميع اجتماعاته مع رئيس الجمهورية.
وخلال الاجتماع الذى استمر قرابة الأربع ساعات كانت هناك عدة قضايا ومحاور أساسية طرحها أعضاء المجلس الأعلى على الرئيس، وهى على الوجه التالى:
1- رفض التفريط فى التراب الوطنى.
وقد جاءت إثارة هذه القضية على خلفية ما تردد مؤخراً عن عزم الرئيس مرسى التفريط فى أراضٍ مصرية فى حلايب وشلاتين، وكذلك الحال فى سيناء، وهو أمر أثار ردود أفعال غاضبة داخل المؤسسة العسكرية، إلا أن الرئيس مرسى تعهد أمام المجلس العسكرى فى هذا الاجتماع بأنه لن يفرط فى أى شبر من الأرض المصرية، معتبراً أن ما نُشر فى هذا الصدد هو من باب الادعاءات الكاذبة.
2- رفض تأجير قناة السويس.
وقد جرى حوار بين الرئيس وأعضاء المجلس العسكرى حول ما يتردد عن عزم الحكومة المصرية تأجير منطقة قناة السويس لحساب إقامة مشروعات استثمارية قطرية وأجنبية فيها.
وقد حذر المجلس الأعلى من خطورة ذلك على الأمن القومى المصرى باعتبار أن هذه المنطقة هى مسرح قتال للدفاع عن أمن البلاد، فوعد الرئيس بأنه لن يوافق على إقامة أى مشروع فيها إلا بعد موافقة القوات المسلحة.
3- التحذير من خطورة دفع البلاد نحو الحرب الأهلية.
وحول هذا ثار جدل كبير، حيث أكد بعض أعضاء المجلس الأعلى أن هناك من يدفع بالأمور نحو الاحتقان وزيادة حدة الانقسام فى البلاد.
وأكد المتحدثون أن الجيش المصرى مؤسسة وطنية مهمتها الدفاع عن الدولة ومؤسساتها، ولذلك سوف يتصدى بكل قوة لمحاولة بعض التيارات إقامة ميليشيات شعبية بهدف الإحلال محل مؤسسات الدولة الأمنية، وهو أمر من شأنه أن يدفع جميع القوى لإقامة ميليشيات مقابلة مما يعنى تهيئة البلاد لحرب أهلية، وهو أمر لن يسمح به الجيش المصرى الذى سوف يتصدى لأى محاولة لإقامة هذه الميليشيات وتسليحها تحت أى عنوان، وأنه لهذا السبب يطلب من الرئيس التصدى لهذه المخططات.
وقد قدم الفريق أول السيسى للرئيس معلومات عن الجهات التى تقف خلاف هذه المخططات، وكذلك محاولات استهداف الجيش المصرى عبر تشكيل ميليشيات فى الداخل والخارج تكون مهمتها التصدى للجيش، وتشكيل مجموعات ترتدى الملابس العسكرية وتقوم بأفعال إجرامية تدخل ضمن إطار مسلسل تشويه سمعة الجيش وإثارة الفتنة فى البلاد.
4- وقف حملة إهانة الجيش والسعى للانتقام منه، وفى هذا كانت ثورة أعضاء المجلس الأعلى قوية، إذ تحدث عدد من أعضاء المجلس مطولاً عن أبعاد هذا المخطط، ووجهوا الاتهام صراحة إلى جماعة الإخوان المسلمين التى يقوم بعض قياداتها بتوجيه الإهانات إلى الجيش وقيادته الحالية والسابقة، وترويج ادعاءات كاذبة ضد الجيش المصرى ودوره فى ثورة الخامس والعشرين من يناير.
وحذر أعضاء المجلس من تأثير هذه الحملة على الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة، خاصة أن هناك حالة من الغضب الشديد تسود أوساط الجيش الذى تحمل قبل ذلك إهانات تنوء عن حملها الجبال، ومع ذلك ظل صامداً ورفض الانجرار إلى الصدام لأنه يعلم بحقيقة المخطط الذى يستهدف الجيش المصرى.
طالب أعضاء المجلس الرئيس بموقف واضح إزاء حملات الأكاذيب والشتائم والإهانات الموجهة إلى الجيش المصرى، وحملوا المسئولية بكل وضوح لجماعة الإخوان المسلمين فى هذه الادعاءات وترويجها لحسابات سياسية مرتبطة بمخطط يستهدف الجيش المصرى كما استهدف الشرطة المصرية والقضاء المصرى.
وقد أثار بعض الأعضاء ما تردد من مزاعم وادعاءات كاذبة حول تشكيل المخابرات العامة المصرية لتنظيم يضم 300 ألف بلطجى، وأكدوا أن ما نُقل على لسان أحد المقربين من الرئيس يُعد أمراً خطيراً ويعكس محاولات الهدف منها ضرب سمعة المخابرات العامة والسعى إلى تفكيكها.
وقد حذر أعضاء المجلس الأعلى من أية محاولة للمساس بهذا الجهاز الوطنى، وقالوا إنهم لن يسمحوا أبداً بتمرير هذا المخطط الذى تسعى جماعة الإخوان من خلاله إلى إحكام قبضتها على هذا الجهاز باعتباره من أجهزة الدولة الوطنية، والتى يُفترض المحافظة على حياديتها بعيداً عن أى حزب أو جماعة سياسية بعينها.
5- وكانت القضية الخامسة هى المتعلقة بوقف التدخل الحكومى فى شئون الجيش، خاصة أن الجيش لا يتدخل فى الأمور والقرارات السياسية.
وهنا عبّر عدد من أعضاء المجلس عن مدى استيائهم من الشائعات التى يجرى تسريبها بين الحين والآخر عن عزل الفريق أول السيسى من منصبه كوزير للدفاع وقائد عام للقوات المسلحة، وكذلك الحديث عن التنكيل بالقيادات السابقة للجيش.
وقد أكد المتحدثون أن الجيش المصرى لا يرغب فى لعب دور سياسى، وأن الجيش عاد إلى ثكناته اقتناعاً منه بأنه أدى دوره بإخلاص وأن مهمته الأساسية هى حماية الأمن القومى للبلاد وحماية الدولة المصرية واستقرارها كما نص الدستور المصرى، إلا أن هناك محاولات متعمدة تهدف إلى ابتزاز الجيش وإخضاعه للأخونة، وهو أمر كما قال الأعضاء لن يتم السماح به، لأن ذلك من شأنه تفتيت الجيش وإثارة الخلاف والفرقة بين صفوفه.
وأكد أعضاء المجلس الأعلى تمسكهم بقيادة الجيش ورفضهم لمحاولات إثارة القلاقل بين صفوفه، وهو الأمر الذى أكده الرئيس مرسى أيضاً فى رده على ما تمت إثارته.
لقد أثنى الرئيس مرسى على قيادة الجيش الحالية، وقال إنها قيادة واعية ومخلصة ولن يجرى المساس بها، إلا أن ذلك الكلام لم يقنع أحداً من الأعضاء، خاصة أن ذات الأقوال كررها الرئيس قبل ذلك فيما يتعلق بالمشير طنطاوى والفريق سامى عنان، ومع ذلك تم إبعادهما بطريقة مهينة.
بعد انتهاء الاجتماع الصاخب، أدرك الرئيس محمد مرسى أن موقف الجيش هذه المرة يختلف عن أى مرة سابقة، ولذلك حاول تجاوز الأمر واحتواء حالة الغضب، وظهر أمام المجلس وكأنه موافق على جميع ما تم طرحه من قضايا وموضوعات أساسية.
وخلال المؤتمر الذى عُقد فى نهاية الاجتماع وضح تماماً أن الفريق السيسى كان غاضباً من جرّاء التقرير الذى جرى تسريبه إلى صحيفة «الجارديان» البريطانية عندما نفى أن تكون القوات المسلحة قد قتلت أو أمرت بقتل مصريين إبان ثورة 25 يناير، وقال أقسم بالله إن القوات المسلحة من أول يوم 25 يناير حتى الآن لم تقتل أو تأمر بقتل، ولم تخن أو تأمر بخيانة، ولم تغدر أو تأمر بغدر.
وقال إن القوات المسلحة مؤسسة وطنية جداً وشريفة وحريصة جداً على بلدها، وتتأثر جداً بأى إساءة توجه لها، وحذر من الغدر بالجيش، وقال إن الضباط والصف والجنود يتأثرون جداً بتلك الإساءة.
كانت كلمات الفريق أول عبدالفتاح السيسى صادقة تنبغ من القلب، وكانت تحوى كلمات بليغة، وقسماً من رجل تميز بالصدق والإيمان، وكانت كلماته رسالة لمن يعنيهم الأمر وجرس إنذار يحذر من خطورة المؤامرة ضد الجيش المصرى الذى يسعى البعض إلى خيانته وهدمه فى إطار مسلسل الصراع على فرض الهيمنة على الدولة المصرية واستباحة مؤسساتها الواحدة تلو الأخرى.
كانت التقارير والمعلومات التى يمتلكها وزير الدفاع تؤكد أن المخطط تشارك فيه قوى داخلية وإقليمية ودولية، وأن المحاولات والمؤامرات، التى تحطمت على صخرة تماسك الجيش المصرى ووحدته طيلة العامين الماضيين، عادت لتطل برأسها من جديد مع التفاف الشعب حول الجيش مرة أخرى والمطالبة بنزوله لحماية أمن واستقرار البلاد.
ولذلك صدر بيان على لسان مصدر عسكرى مسئول يرد على هذه الادعاءات وحملات التآمر التى تقودها الجارديان البريطانية والتى تحركها أياد معروفة فى الداخل والخارج، حيث أشار المصدر العسكرى إلى أن القوات المسلحة وأفرادها لن يصمتوا أمام تلك المحاولات، وأن المؤسسة العسكرية تعى جيداً ما يحاك ضدها من مؤامرات تستهدف قادتها.
وأكد المسئول العسكرى فى حديث لل«بى - بى - سى» أن الهدف مما يتم تسريبه حول تورط الجيش المصرى فى جرائم ضد المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير يأتى ضمن الهجوم على المؤسسة العسكرية المصرية للنيل من قادتها السابقين والحاليين واستقرار وثبات القوات المسلحة.
وأشار المسئول العسكرى أن التقرير الذى نشرته صحيفة الجارديان اعتمد على روايات لأشخاص عاديين وليس به أدلة تدين القوات المسلحة، وقال إن ما تم ترويجه من تقرير اللجنة المعنية بتقصى الحقائق لا يعبر عن حقائق أو وقائع مثبتة، فهو مجرد كلام مرسل.
إن الغريب فى الأمر أن الرئيس مرسى الذى أصدر قراراً سابقاً بتشكيل لجنة من 16 فرداً منهم فقط ثلاثة من رجال القضاء والباقون من منظمات حقوقية وأسر الشهداء ومسئولون حكوميون قصر أعمال اللجنة على الفترة من 25 يناير 2011 وحتى توليه لمنصبه رئيساً للجمهورية فى 30 يونيو 2012، وكأن هناك تعمداً لتوجيه الاتهامات إلى الجيش المصرى الذى تولى إدارة المرحلة الانتقالية بأمانة وصدق ونزاهة دون أن يتورط فى أية أعمال عنف رغم جميع الاستفزازات.
وقد تجاهل الرئيس فى تشكيله لهذه اللجنة والمهام الملقاة عليها أن هناك لجنة مشكلة من قضاة محايدين قدمت تقريراً لتقصى الحقائق حول شهداء الثورة فى وقت سابق لم توجه فيه أية اتهامات للجيش المصرى وقادته، ولكن يبدو أن الأمر هذه المرة سواء عبر تشكيل اللجنة أو قصر مهمتها على فترة زمنية محددة كان مقصوداً من ورائه إرباك الجيش وجعله موضع اتهام أمام الشعب والعالم لإخضاعه لهيمنة الإخوان، مما يؤدى إلى تفكيكه من خلال حملات التحريض والسعى إلى فرض العقوبات الدولية ضده بعد تصويره وكأنه جيش قاتل يمارس أشد أنواع التعذيب والإرهاب ضد شعبه.
وهكذا تدار الحرب بعقول شيطانية تعرف تماماً أن الجيش المصرى لن يخون عقيدته الوطنية ويصبح مجرد أداة تقف ضد العشب أصل الشرعية وتساعد على تفكيك مؤسسات الدولة الوطنية وتنفيذ المخططات الداخلية والإقليمية. إن الحملة ضد الجيش المصرى ستبقى فى تصاعد ما دامت قيادة الجيش على مواقفها الوطنية وما بقى الالتفاف الشعبى قوياً حول المؤسسة العسكرية. إنهم يريدون القضاء على الصخرة الأخيرة التى تقف عائقاً أمام المشروع الأمريكى الإخوانى فى المنطقة والذى يستهدف بناء الشرق الأوسط الجديد، على أسس طائفية وعرقية، مما يعطى الكيان الصهيونى الحق فى إعلان يهودية الدولة وطرد الفلسطينيين من داخل أراضى فلسطين 48 والضفة الغربية باتجاه غزة وصولاً إلى أجزاء من أراضى سيناء التى يبدو أن هناك تعهداً بمنحها لدولة غزة الكبرى التى يراد خلق امتداد لها إلى مساحة تبلغ حوالى 720 كيلومتراً داخل سيناء وتمتد من حدود رفح إلى العريش.
وهكذا يحتدم الصرع بين الجماعة والإخوان، حيث تدار المعركة علانية تارة ومن خلف ستار تارة أخرى، خيوط تتحرك فى العلن وفى الخفاء، أياد تحرض فى الداخل وأصابع تعبث فى الخارج، قوى أجنبية تتكالب وقوى داخلية تفتح لها الطريق.
لقد أنكر الرئيس مرسى، خلال لقائه مع أعضاء المجلس العسكرى، أن تكون الرئاسة قد تورطت فى تسريب تقرير تقصى الحقائق إلى دولة خليجية معروفة قامت بمد الجارديان بهذا التقرير، ولكن يبقى السؤال: من وراء هذه اللعبة، وماذا يراد بالجيش المصرى فى الفترة المقبلة؟
الحلقة الثالثة الأربعاء المقبل.
أخبار متعلقة:
مصطفى بكرى يكتب:ماذا وراء تصاعد الأزمة بين الجيش والإخوان؟ (1 - 2)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.