سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ملف خاص الدويقة:| «راضية» من غرفتها فى الدويقة: «المهم تلحقونا قبل ما تقع علينا» نفسى أدخل جوا التليفزيون وأقول للمسئولين «كلامكم كدب».. والإخوان والسلفيين ناس بدقون وما أعرفش العسكرى
بعيداً عن مليونيتى «الزحف» و«لا لقتل المصريين» التى دعا إليها الإخوان والسلفيون، وبعض القوى الثورية للمطالبة بمحاسبة المسئولين عن «مذبحة الأربعاء» والمطالبة بتسليم السلطة إلى مدنيين، تجلس راضية محمود أحمد فى غرفتها الصغيرة، التى لا تتعدى 8 أمتار فى منطقة التلاتات بالدويقة، وعلى سرير تكسوه ملاءة تقطعت أطرافها بفعل الزمن، تضع «راضية» صينية دائرية بها 5 كيلو لبان سمارة، جلبتها من أحد المصانع الصغيرة المجاورة لها، لتغلفها وتعيدها للمصنع مرة أخرى مقابل 10 جنيهات، «راضية» لا تعلم شيئاً عن مليونية الإخوان أو السلفيين أو ما يضمره المجلس العسكرى، وإن كان يسعى لتسليم السلطة فعلاً أم لا، ولكنها تحفظ عن ظهر قلب كل الشقوق فى جدران غرفتها الصغيرة، التى تسكنها مع زوجها وأبنائها الخمسة. «المليونية» اسم غير مذكور فى قاموس «راضية»، لكنها تعلم أن ما يحدث فى البلد الآن، هو مظاهرات «فيها ناس ياما أوى موجودين فى حتة واحدة»، ولكن قاموسها لا يخلو من كلمات مثل «على باب الله» فهى مهنة زوجها، و«أميين» فهى صفة التصقت بأبنائها الخمسة بعد أن أرغمهم ضيق الحال على عدم الالتحاق بالمدارس، و«لقمة هنية تكفى 100»، فهى الجملة التى اعتادت أن تقولها لأبنائها كلما وضعت أمامهم بعض أرغفة العيش وطبق الفول فى وجبتى الإفطار والغداء. «الناس اللى بدقون اللى بقوا يطلعوا فى التليفزيون» تلك هى كل معلومات «راضية» عن الإخوان والسلفيين فى مصر، أما المجلس العسكرى فلا تعلم عنه شيئاً من الأساس سوى بعض كلمات قالتها لها ابنتها الصغرى «نعمة» حين نظرت إلى التليفزيون مرة، وقالت لها «المشير اهو يا ماما»، فسألت من يكون فأجابتها «ده اللى مسك بدل الريس»، تقول «راضية»: «أنا بشوف فى التليفزيون المسئولين بيقولوا انهم بيعملوا حاجات كويسة للفقراء ويعطوهم شقق ويعلموا أولادهم ببلاش، وببقى نفسى أدخل جوه التليفزيون وأجيبهم عشان يشوفوا الأوضة اللى عايشين فيها، عشان يعرفوا أن كلامهم ده كله كدب». وتكمل «راضية»: «بانام وإيدى على قلبى أحسن أصحى على حد من «عيالى» مدفون تحت خشبة ولا طوبة واقعة من السقف، ولما أصحى وألاقيهم كلهم بخير، أقول الحمد لله أن الليلة دى عدت على خير». وعن الأحداث التى وقعت فى العباسية مؤخراً تقول «راضية»: «فى أرواح كتير بتموت لكن مين السبب ربنا وحده اللى عالم»، وتطلق ابتسامة صغيرة قائلة «زى ما ربنا بس العالم إمتى هنمشى من هنا، الأوضة هتتهد على دماغنا وإحنا نايمين ومفيش حد يسأل عنا، وقاعدين يتخانقوا مين هيبقى ريس». وتكمل «راضية» تفاصيل حياتها: «جوزى بيشتغل أرزقى على باب الله لكن السن بقى خلاه نظره على قده، ورغم كده بينزل يقعد على القهوة من الصبح بدرى يمكن ربنا يبعت ليه شغلانة كده ولا كده بس الحال واقف أوى من فترة». «نعمة» الابنة ذات التسع سنوات تتابع عن كثب عبر تليفزيون صغير موضوع فوق طاولة خشبية فى أحد أركان الغرفة، ما يحدث فى العباسية، ولم يهدأ قلبها إلا بعد أن علمت من والدها أن العباسية تقع بعيداً عن غرفتهم، وتبرر خوفها من تلك المظاهرات قائلة «أنا كنت خايفة يكونوا قريبين مننا، عشان هما كتير، والأوضة ممكن تقع علينا، إحنا بنمشى جوه الأوضة بالراحة عشان الخشب اللى ساندين بيه السقف ميقعش على دماغنا». تقول الأم «سمعتهم فى التليفزيون بيقولوا أن الريس هيركب آخر شهر 5 بس مش عارفة الناس بقى بتتخانق ليه لحد دلوقتى، وشوية قاعدين فى التحرير وشوية قاعدين فى العباسية، أنا شايفة انهم يقعدوا مع بعض كلهم فى حتة واحدة ويتفقوا على واحد يتقى ربنا فينا» وأنهت «راضية» حديثها قائلة: «بس أمانة عليكم لما تتفقوا تيجوا تلحقوا بيتنا وتنقلونا منه قبل ما يتهد على دماغنا».