تحولت ترعة الزمر من مجرى مائى زراعى إلى مقلب قمامة طويل يمتد لمسافة 14 كيلومتراً، وسط الأبراج السكنية المرتفعة، لتصبح بذلك صداعا مزمنا فى رءوس أهالى الجيزة، وتتجلى الكارثة بشكل أكبر فى عزبة القصبجى بالمنيب حيث تختفى مياه الترعة أسفل تلال القمامة، والحيوانات النافقة، ما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة والحشرات فى كل أرجاء المكان. «الوطن» رصدت حجم الإهمال، ومعاناة المواطنين، ويقول جمال عباس، ميكانيكى، أحد سكان عزبة القصبجى بالمنيب، يبلغ من العمر 50 سنة: «الناس هنا عندها حساسية من الريحة، والناموس مقطع العيال الصغيرة، ومش قادرين نفتح الشبابيك، المنطقة موبوءة بالأمراض، لأن الترعة تتوسط العمارات والشقق السكنية، ووزارة الرى أسندت عملية تطهير الترعة إلى مقاول لم يزل القمامة من الترعة بل حركها فقط وترك المخلفات بقلب الترعة وعلى جانبيها، وهو ما نتج عنه وقوع مشادات مع سائق الحفار». محمد فاروق، محامٍ وصاحب محل فى المنطقة، يقول: «أصيبت أمى وأبناء شقيقتى بحساسية على الصدر، وسقط طفل آخر فى نهر الترعة بعد مروره فوق أكياس القمامة ظناً منه أنها أرض يابسة، لكن أحد الأهالى أنقذه من الغرق وانتشله من الترعة»، وأضاف: «ترعة الزمر لا يوجد بها حيوانات نافقة وقمامة فقط، بل تغطيها مياه المجارى حيث يصرف الأهالى فيها مباشرة بعد انسداد بلاعات الصرف الصحى وعدم إصلاحها من قبل العاملين بحى جنوبالجيزة، الناس بتستسهل وبتصرف فى الترعة عشان محدش بيسلك البلاعات»، ويتابع: «قرأنا مؤخرا أن الحكومة قررت تخصيص 50 مليون جنيه لتطوير ترعة الزمر، قبل نهاية يونيو 2013، ويتضمن ردم 14 كيلومتر من الترعة لأن تطهيرها يكلف الوزارة 2 مليون جنيه سنويا لإزالة المخلفات، وهو ما لم يحدث حتى الآن».[Image_2] محمد عبدالمنعم، صاحب محل بقالة بالقصبجى، يبلغ من العمر 35 سنة، يقول: «تقدمنا بأكثر من شكوى إلى الحى والمحافظة، وكانوا يردون علينا: شكوتكم وصلت واحنا هنشوف حل بعد كام يوم، ومحدش بيسأل فينا خالص، أصحاب المحال يدفعون 28 جنيه شهريا على فاتورة الكهرباء للزبالة، ومع ذلك لا يأتى أى زبال للمنطقة ولا توجد صناديق قمامة وإن وجدت لا تحملها الشركة»، وأضاف: «زارت مهندسة الحى المنطقة منذ أسبوعين بصحبة مقاول حفارات وسألتنى هل طهر الترعة؟ فأجبتها بالنفى، فأخبرتنا أن المقاول يحصل على مئات الآلاف من الجنيهات نظير تطهير الترعة، رائحة الزبالة والناموس يظهران ليلا، بيقولوا إن الناموس ناقل للعدوى وأخويا جاله فيروس سى بسببه لأنه بيصفى دمنا وبيبهدل العيال». وسط الترعة المملوءة بالقمامة يقف عيسى خليفة، الذى يبلغ من العمر 38 سنة، فى معدية صغيرة يمتلكها ويجذب حبلا يمينا ويسارا لينقل الأهالى من الجانبين، يقول: «أعمل هنا منذ 6 سنوات، توجد معدية أخرى لزميل آخر، أجرة نقل الفرد الواحد 50 قرشاً، أبيت فى المعدية وسط الناموس والحشرات وأعود إلى بيتى فى مدينة الصف كل أسبوع.. أكل العيش مر، أنا فلاح ما اعرفش غير الشغلة دى».