* خرج باسم يوسف بكفالة قدرها 15 ألف جنيه، جعلتنى أشفق عليه، متذكرة حالتى عند دفعى الكفالة الباهظة، 100 جنيه كاملة نقداً وعداً، لإخلاء سبيلى من اعتقال ظالم دام تسعة أشهر عام 1973 على ذمة قضية من تلفيقات الزمن الساداتى، ولأن المبلغ كان قاصماً لظهرى، ظللت محتفظة بإيصال الدفع حتى يمكننى استرداده عند حفظ القضية ولكنى لم أتمكن أبداً من ذلك، ولا أظن أن باسم يوسف سوف يتمكن هو الآخر من استرداد كفالته الباهظة التى أتمنى ألا تكون فوق طاقته. * فى مقال بديع كتبه أستاذى على أمين مطلع السبعينات من القرن الماضى، قال فيما قال: «أبحث عن سياسى يحب النكتة ويطرب منها ولو كان ضحيّتها ولا يتصوّر أن كرامته ذات لا تُمس بالنكتة وطول اللسان! أبحث عن سياسى يرتفع عن الخلافات الصغيرة ولا يهتم إلا بالمسائل الكبرى التى تمس استقلال بلاده وكرامتها ورخاء شعبها». * ما زلت أذكر ضحكاتى، منذ طفولتى فى أربعينات القرن الماضى، بعد مطالعتى رسوم كاريكاتير رخا وصاروخان وعبدالسميع وبرنى، التى تسخر بحدّة وبشدّة من أفعال وأقوال رؤساء وزارة ووزراء وساسة وعلماء أزهر وشخصيات عامة، وتصوّرهم على هيئة حيوانات وطيور وجمادات وغيرها، بل وكانت هناك أغنيات تتناقل على ألسنة الناس تحمل الشتائم لأطراف متخاصمة؛ كتلك التى ذاعت بعد المواجهة العدائية بين مصطفى النحاس باشا ومكرم عبيد باشا، ولم يكن ذلك بسبب أن الشعب المصرى ابن نكتة فحسب، بل لأن البشرية منذ خُلقت ترى «السخرية» و«الهجاء» من أهم وسائل جلب التوازن النفسى للمظلوم والمقهور والمحروم والمأزوم، وعلى المُتضرّر أن يبحث عن الأسباب التى أدّت إلى استهدافه، أما قطع اللسان فهو غباء واستسهال خائب، وهناك العبرة فيما فعله عبدالناصر، حينما بلغته أشعار وألحان وغناء أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام الساخرة والهازئة من جبروته واستبداده التى كان منها: «إيه يعنى شعب ف ليل ذلّه ضايع كلّه ده كفايه بس لما تقول له إحنا الثوار، وكفاية أسيادنا البعدا عايشين سُعدا بفضل ناس تملى المعدة وتقول أشعار، أشعار تمجّد وتماين حتى الخاين وإن شاالله يخربها مداين عبدالجبار»، فصرخ لوزير داخليته شعراوى جمعة: «فى ناس تقول الكلام ده ولسّه واقفة على رجليها؟» وكان أن تقرر الحكم بسجن نجم وإمام «مدى الحياة»! وشاء الله أن يكون المدى هو حياة عبدالناصر نفسه وليس الشاعر والمُغنى فاعتبروا يا أولى الألباب! * لا يجوز لحاكم فى نظام ديمقراطى أن يستجيب، بدعوى الحفاظ على هيبة الدولة، لنداءات «العين الحمراء» و«الضرب بيد من حديد» وسائر مفردات المتوحّشين، ولا يجوز له أن يتهدّد بنعته ب«الضعف»، إذا لم يستجب، بل عليه أن يؤكد للجاهلين أن للديمقراطية أصولها وأحكامها التى لا يحق له أن يحيد عنها، أما هيبة الدولة فلا تُستعاد إلا بالعدل والإحسان. * جاء فى كتاب «روضة الورد» لسعدى الشيرازى أن الحكيم «جالينوس» رأى أبلهَ آخذاً بتلابيب رجل عاقل وقد أهان بالضرب كرامته، فقال: لو كان هذا عاقلاً، ما انتهى به الحال مع جاهل إلى هذا الحد.