طبعاً «نكتة سخيفة»، كما قال وزير الخارجية القطرى، أن يفكر أحد أو يتصور، الاستحواذ والسيطرة على مصر.. لا قطر، ولا الإخوان المسلمين، ولا الشاطر، ولا الخايب، بإمكانهم تحويل مصر إلى علامة تجارية، أو مجرد «صفقة»، لا لأنهم وطنيون ومخلصون وشرفاء، ولكن لأن مصر غير قابلة للبيع والشراء، لأن مصر (التاريخ والجغرافيا) تستعصى على منطق وقيم السوق وحساباته.. لكن الصفقات المتبادلة بين (قطر والإخوان المسلمين) الصفقات التى تم الاتفاق عليها، أو التى لم تتم بعد، الشائعات الكثيرة، والحقائق المتداولة حول التمويلات، والاستثمارات، وطبيعة الصفقات، والمجالات التى تشغلها، تثير الريبة والاستفزاز، وتحيل «النكتة السخيفة» إلى «نكتة وقحة».. هناك بالفعل تكالب قطرى لتوسيع حجم الملكية، شهوة عارمة فى الاستحواذ وامتلاك أكبر مساحة ممكنة، من مونديال كأس العالم، إلى متاجر «هارودز» و«سنسبرى» فى لندن، إلى الجامعات الأمريكية العريقة.. لكنه شأن خاص لا يشغلنا كثيراً، رغم صلاحيته كنموذج لوحشية رأس المال وسقوطه.. ما يعنينا هو ما يمتد البصر إليه داخل مصر، من صفقة قناة السويس، واتفاقية خيرت الشاطر (دون صفة) لمنح قطر حق الاستثمار وإقامة مناطق حرة على جانبى القناة..!! إلى اتفاقية خيرت الشاطر أيضاً (دون صفة) لإخلاء مبنى التليفزيون (الحكومى) والمنطقة المحيطة به، لتمكين قطر للسيطرة على المبنى والمكان..!! ومن شراء البنوك، إلى الاتفاق مع الجامعة العربية، على نقل تراث البريد العربى (185 ألف طابع عربى) الموجود فى مقر الجامعة بالقاهرة، إلى الدوحة، وتولى متحف البريد القطرى إدارته!! صفقة الآثار، أكثر فضائحية، حيث أعلنت وزارة المالية عن اقتراح مقدم من دولة خليجية (قطر طبعاً) بتأجير الآثار المصرية، واحتكار الانتفاع بها، مقابل 200 مليار دولار، وهو ما تم رفضه واستنكاره، لكن مجرد طرح الفكرة والسماح بتقديم الاقتراح جريمة بكل المقاييس..!! صحيح تعثرت معظم هذه الصفقات، أطلق أهالى القناة مبادرة (القناة.. خط أحمر) وهدد الوزير الأسبق (حسب الله الكفراوى) بإلقاء نفسه من فوق برج القاهرة، لو حصلت قطر على امتياز قناة السويس.. بينما نفى وزير الإعلام وجود أى فكرة حول بيع أو إخلاء مبنى التليفزيون (ماسبيرو).. تراجع الكفيل القطرى قليلاً (متبرماً من ردود الفعل) ومهدداً بتحجيم المساعدات.. والمسألة ليست قطر (برعاية أمريكية، أو إسرائيلية، أو بدون) لا يهم.. المسألة هى سماسرة الأوطان، المستعدون للتخلى عند أول منعطف.. ليست قطر، ولكن من لا يملك، ومن لا يستحق! هتف الشباب المصرى أمام السفارة القطرية، منددين بالاختراق القطرى لمفاصل الدولة المصرية ومؤسساتها الحيوية، وتحدث البعض عن ما سموه (قطرنة مصر).. لكن المسألة الحقيقية، والمسئول الحقيقى: من الذى يسمح بالاختراق؟ من الذى يبيع ويشترى ويعقد الصفقات؟ من الذى يحكم بمنطق القرض، والاستدانة، وانتظار المعونة والدعم، وصناديق الإغاثة.. المسألة هى تجار الأوطان والأديان وسماسرته.