كم حلمت بك منذ بدأت أتألم من أجلك وأتهيأ لقدومك!.. عندما كنت فى المرحلة الإعدادية والثانوية لم أكن أرى فى زملائى البنين صورة الحبيب.. بل كنت أرى فيهم صورتك أنت.. كنت أنتظر اليوم الذى يتجاوز فيه طول رجليك اللحاف.. الذى تحمل فيه الأثقال عنى عند عودتى من السوق.. بعد أن كانت حقيبة المدرسة تحنى ظهرك إلى الأرض.. حبى لك جسدته فى عروسة أُُلح على أمى لكى تشتريها لى ولا ترضى.. فهى تظن أنه مجرد بكاء طفلة على شىء تافه.. لا تعلم أنه شوقى إليك.. لكن شوقك إلى الشىء يتضاعف عندما تحصل عليه ثم تفقده.. وأنت لست شىء.. أنت كل شىء.. كم كنت أزجرك لرؤية حجرتك غير مرتبة أو لعدم التفاتك لدروسك!.. جيل بايظ.. يا ريتك تحفظ دروسك زى ما بتحفظ الأغانى.. هو إحنا هنقضى الحياة Facebook ولا إيه؟ هو مش فيه امتحان كمان كام يوم ولا أنا بيتهيألى؟ مش عارفة ليه كنت بقولك كده؟.. يمكن عشان عايزاك تبقى أحسن واحد فى الدنيا؟ كنت أقارن بين لمعة عين الطفل والشاب والعجوز.. كنت أراها عند الطفل لمعة براءة واستطلاع.. وعند الشاب حب وأمل.. وكنت أتساءل عن لمعة عيون الشيوخ المكسورة دائماً.. الحزينة دائماً وإن ضحكت عيونهم.. لم أكن أعلم أن تلك لمعة عين المحب الذليل المكسور فى آخر جولات حبه.. الذى أعطى لا لشىءٍ إلا لأنه يحب أن يعطى.. يحتاج أن يعطى.. أنت أعطيتنى هذه الهدية.. أن أعطى لكى أعطى فحسب.. فمن أعطى الآن؟ كانت نظرتى إليك مزيجا من الأمل وفقدانه. كنت أحلم بك رجلاً عظيماً، مع أنى أصفك بأنك «صايع ومش هتفلح أبداً». بالله عليك أيها الشاب «الصايع»، كيف فعلتها؟ أنت الذى كنت تصلى على سطر وتسيب سطر.. كيف لم أشعر بعظمتك؟ هل هانت عليك أمك إلى هذه الدرجة؟ هل هانت عليك الحياة؟ كيف؟ كان أقصى أملى ألا تكون أسوأ منى ومن أبيك.. كنت أحلم بك أن تكون رجلاً عظيماً، ولكنى كنت أعلم أن هذا الحلم فى ظروفنا هذه غير واقعى.. ربما كان واقعيا عندما كنت أصغر.. حين كانت الحياة ما هى إلا أحلام وردية.. أشعر أن العصا الظالمة التى قتلتك.. نزلت فوق كيانى أنا فدمرته.. كسرتنى.. حتى إنى لم أعد أستطع القيام من فوق قبرك أبكى عليه.. الناس حولى يحاولون تهدئتى.. لكنهم لا يعلمون أن روحى التى كانت تصلب عودى انكسرت.. يا جبار.. اجبر روحى.. اجبر جرحى.. أعلم أنك فى مكان لم أحلم لك به قط.. ولكن اغفر لى أنانيتى.. اعلم أن حضنى أضيق بكثير من الحضن الرحب الدافئ الذى تنام فيه الآن.. ولكن إذا كنت تظن أنى أحضنك لأنك تحتاج هذا الحضن فأنت مخطئ.. لو كان الأمر كذلك لبخلت عليك به.. لقد كنت أحضنك لنفسى.. إحساسى بظلمى وليس بظلمك.. كم أحسدك!.. فإن ألمك حين تلقيت العصا مثقال ذرة من ألمى.. دعنى لآلامى وعش بجوار حبيبى وحبيبك فى سعادة، فأنا أعلم أنك تحبه ولذلك اصطفاك.. لم تكن محبا مطيعا.. لكنك محب تموت من أجل من تحب.. ولا تعيش من أجل من أحبتك..