الإعلام والقضاء هما الصداع المزمن الذى يؤرق الإخوان لدرجة الهستيريا والوسواس القهرى، وليس من باب الصدفة أننى كتبت الإعلام قبل القضاء، فقد بات الإعلام للإخوان شيطاناً رجيماً وصداعاً سرطانياً فى الرأس من الممكن أن يضحى فيه الإخوان بالرأس نفسه للتخلص من الصداع، ظهر هذا جلياً فى حوار المهندس فتحى شهاب الدين، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى، الذى أجرته جريدة «الأهرام» أمس، تحدث عن المجلس الوطنى للصحافة والإعلام وتطرق طوال حديثه عن المزيد من المنع والتقييد والتحديد والرقابة تحت اسم التنظيم ولم يذكر المزيد من الحرية والانطلاق والإبداع والابتكار، ولم أجهد نفسى بسؤال عن علاقة الباشمهندس الكريم المحترم بالإعلام أساساً لكى يعلمنا تجارب الدول المختلفة فى كبح جماح الإعلام، الذى وصفه مرشد الجماعة، التى ينتمى إليها المهندس المحترم، بأنه مجموعة من سحرة فرعون وشياطين الإنس! وما دامت صورة الإعلام الذهنية عند الإخوان تتلخص فى هذه العبارات المطاطة، التى يستخدمونها كفزاعة لتبرير استخدام العصا الغليظة التى سيؤدبون بها الإعلاميين والمقص الحاد الذى سيقطعون به الألسنة ويقصفون الأقلام، استرعى انتباهى هجوم المهندس فتحى على أهم ثلاث قنوات فضائية خاصة فى مصر وهى دريم والحياة والسى بى سى، قائلاً: «نود أن نثبت للرأى العام عدم الحياد والمهنية وعدم تحرى الدقة والمصداقية فى تناول الأحداث الجارية ووجود تمويل مشبوه يصفع رسالة الإعلام الخاص وقيامها على زعزعة استقرار الوطن وسلامة وحدته وهناك ثلاثة نماذج صارخة.. قنوات السى بى سى والحياة ودريم، إن المتابع لها يستقر يقينه أن هناك من يحرك هؤلاء، وإن استمرار أدائها على هذا النحو يعمق حالة الانقسام والفوضى». طفرت الدموع من عينى وأنا أقرأ هذا الكلام من فرط حماس وانزعاج وفزع وخوف الباشمهندس على وطننا الحبيب من الإعلام الفاجر المدسوس العميل، وتمنيت أن يمتد نفس الحماس إلى قناة الأمة الطاهرة الشريفة التى لا يمكن أن تسب مسيحياً قط ومستحيل أن يخرج مالكها، عف اللسان، شفاف المصدر، إسلامى المرجع، ليشتم المتظاهرات أو يشوه السياسيين، ودعوت إلى الله أن يعين الباشمهندس الذى يهندس إعلامنا المنحل على كشف مصدر تمويل هذه القناة العفيفة الشريفة التى تخر أخلاقاً وفضيلة، عذرت الرجل على خوفه على البلد من هذه القنوات غير الوطنية التى تبث الفتنة على عكس قناة الحافظ التى لم يذكرها الباشمهندس فى حواره وهى قناة لا تبث الفتنة على الإطلاق ولا تستضيف شيخاً يفتى بقتل المتظاهرين أو داعية آخر يسب الناس ويتهم تلك بالدعارة وذاك بأنه جربوع، وهى فى نفس الوقت قناة تبحث عن صحة المواطنين بالإعلان والترويج لأدوية وهمية وعلاجات لا تتمتع بأى اعتراف أو تصريح، وبالطبع ما دام أصحابها يعفون اللحى فلا يصح سؤالهم عن مصدر تمويل قنواتهم حاشا لله وأستغفر الله، أما القناة الناجحة التى تشاهد بنجاح منقطع الجماهير، وهى قناة مصر 25 الإخوانية، فهى حاشا لله وأستغفر الله ليست ذراعاً سياسية لأحد الفصائل السياسية وكل برامجها ما شاء الله فى منتهى الموضوعية تعرض لكل ألوان الطيف السياسى ولذلك لا تُسأل عما تفعل. يا باشمهندس فتحى الريموت هو الحكم ولا أحد يضرب المشاهد على إيده لكى يشاهد تلك القنوات التى كل جريمتها أنها ناجحة جذابة مهنية، على عكس قنوات الجماعة وصحفها التى تعانى من كساح إعلامى ونقص فى عنصر المهنية مما أدى لأنيميا وجفاف وتصحر إعلامى وانفضاض جماهيرى للأسف لسنا مسئولين عنه وعن فشل الإخوان الإعلامى الذى حله، وصدقنى نصيحة أخ مخلص، ليس فى إغلاق هذه القنوات ولكن فى الوصول إلى سر نجاحها وتألقها، أرجوك أن تنصح أصدقاءك الإخوان بعضاً من التواضع يصلح الحال والتعلم من تلك القنوات التى يهرولون للظهور على شاشاتها عندما يريدون إيصال رسالتهم فريضة واجبة حتى لا يظلوا يطحنون الفشل ويحصدون الإخفاق فى كهفهم المحروم من أكسجين الحرية والإبداع.