دخلت ثورة القضاة ضد البرلمان، أمس، فى مرحلة الاشتباك وتنفيذ الوعيد، حيث كشفت مصادر قضائية عن تقديم القضاة وأعضاء النيابة العامة ما يقرب من 950 بلاغاً ضد عدد من نواب مجلس الشعب الذين تطاولوا على السلطة القضائية بالسب والقذف خارج البرلمان، فى محاولة للتأكيد على تنفيذ ما هدد به المستشار أحمد الزند، رئيس نادى قضاة مصر، عندما أكد أن هناك 10 آلاف قاضٍ يتجهون لتقديم بلاغات ضد النواب. وقالت المصادر إن هناك مئات القضاة تقدموا أمس «السبت» ببلاغات إلى النيابات بكافة المحافظات ضد النواب، وبالأخص النائب عصام سلطان، حيث بلغ عدد البلاغات المقدمة بالمنصورة 150 بلاغاً، وفى القاهرة 700 بلاغ، كما حرر 100 قاضٍ بنادى قضاة بنى سويف مذكرة ضد نواب مجلس الشعب، تم إرسالها إلى النائب العام، كما قرر قضاة المنيا خلال جمعيتهم العمومية التى عقدت مساء الجمعة تحرير بلاغات ضد نواب مجلس الشعب بتهمة إهانة السلطة القضائية والتطاول على القضاء والقضاة. وأوضحت المصادر أن القضاة لا علاقة لهم بما تنتهى إليه نتائج التحقيقات فى تلك البلاغات، وأنهم سيحترمون أى نتيجة تنتهى إليها حتى ولو كانت تبرئة نواب مجلس الشعب من تهمة سب وقذف القضاة. على جانب آخر ، أصدر قضاة محكمة شمال القاهرة أمس بيانا -تم إثباته فى محاضر الجلسات - بحسب قول المستشار أحمد سليمان رئيس إحدى الدوائر بالمحكمة، استنكروا فيه كافة أشكال التعرض للقضاء والقضاة، ورفض الاشتغال بالسياسة، والتأكيد على عدم جواز التعرض للدعاوى المنظورة أمام المحاكم، وإدانة الدعوة التى أطلقها المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، بعدم تطبيق القوانين التى يصدرها مجلس الشعب. وفى ذات السياق، أعلنت الجمعية العمومية لنادى قضاة المنيا، التى عقدت مساء أمس الأول برئاسة المستشار أحمد سليمان، تضامنها مع مجلس القضاء الأعلى، وكذلك نادى قضاة مصر، فيما يتعلق برد الهجمة الشرسة التى تعرض لها القضاء والقضاة، بينما رفضت تصريحات المستشار أحمد الزند، رئيس نادى قضاة مصر، فيما تضمنته من عدم تطبيق القضاة لأية قوانين يسنها مجلس الشعب الحالى، مؤكدة التزامها بتطبيق ما تسنه السلطة التشريعية من قوانين والإشراف على الانتخابات، وأنهم يقفون على مسافة واحدة من كافة المتنافسين، ويؤكدون ضرورة توافر الاحترام المتبادل بين سلطات الدولة. وطالبت الجمعية، فى بيان لها، السلطة التنفيذية بمعاونة السلطة القضائية فى أداء رسالتها بتقديم ما تحت يدها من مستندات وأدلة فى القضايا التى تباشر التحقيق فيها والكف عن عرقلة سير العدالة، وأن يصدر وزير العدل قراره فيما تحت يده من تحقيقات حالية وسابقة تم ندب قضاة للتحقيق فيها ولم تعلن نتائجها بعد، وعلى رأسها نتائج التحقيقات مع المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة فيما يعرف بقضية التمويل الأجنبى. كما طالب قضاة المنيا مجلس الشعب بمراجعة التشريعات القائمة لعلاج نواحى النقص والقصور فيها، ومنها على سيبل المثال تشديد العقوبة على جريمة إخفاء أدلة الاتهام المنصوص عليها فى المادة 145 عقوبات والعقاب على إتلافها، وكذلك سن قانون لحماية الشهود وتعديل القوانين الخاصة بالجهات الرقابية والمخابراتية، مثل قوانين الرقابة الإدارية والمخابرات والجهاز المركزى للمحاسبات والكسب غير المشروع وذلك لدعم استقلالها حتى لا يكون لأحد سلطة تحول بين هذه الجهات وتقديم تقاريرها لسلطات التحقيق فور طلبها. واستنكر القضاة الهجمة الشرسة من وسائل الإعلام وبعض أعضاء البرلمان التى تستهدف السلطة القضائية طعناً على أحكامها وتعريضاً برجالها، مطالبين إياهم بالالتزام بحدود القانون وضوابطه وأن يكونوا جميعاً على مستوى المسئولية، فالعلاقة بين السلطات يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر لصالح مصر لا على الصراع والتطاحن. ووصف أعضاء الجمعية العمومية المحاولات التى تدعو لإصدار الأحكام وفقاً لهوى الشارع ب«الخبيثة» التى تسعى إلى تقويض السلطة القضائية ونشر الفوضى فى البلاد. وقررت الجمعية تكليف مجلس إدارة النادى بتقديم بلاغات للنائب العام ضد كل من تطاول على القضاء بالإهانة والسب، مناشدة مجلس القضاء الأعلى تفعيل القرارات الخاصة بمنع ظهور القضاة فى وسائل الإعلام دون تصريح من المجلس وتشكيل مكتب إعلامى تابع لمجلس القضاء الأعلى حتى يكون وسيلة إيضاح ما يرى المجلس طرحه على الرأى العام، موضحة أن حماية القضاء والدفاع عنه والعمل على استكمال استقلاله عن السلطة التنفيذية واجب مقدس على الجميع، صيانة لحقوق الأمة وحريتها، وحماية للمجتمع من الانهيار.