«الشعب فقط هو صاحب الوصاية على جيشه.. انحيازنا لن يكون سوى لإرادة المواطن المصرى وحماية مقدسات الوطن.. لن نرضى بأية نتائج كارثية تهدد مصر».. هكذا بدأ بها الفريق أول عبدالفتاح السيسى عهده كأول وزير للدفاع بعد تولى الدكتور محمد مرسى رئاسة الجمهورية ليثبت لقواته وللشعب المصرى أنه ليس معنى أن رئيس الجمهورية جاء لسدة الحكم، على أكتاف تنظيم الإخوان المسلمين، أن ينصاع هو وراء الاتجاه السياسى له ويجرد الجيش من تقاليده الراسخة وهو ما جعل السيسى ينجح فى أيام قليلة من توليه شئون المؤسسة العسكرية (فى 12 أغسطس 2012) أن يحفظ لها التماسك وبث السكينة فى قلوب أبنائها بعدما أصابتهم حالة ارتباك من قرار إقالة المشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان وكانوا ينظرون بحذر لوزير الدفاع الجديد خوفاً من موالاته لجماعة الإخوان كما كان يتردد. بمرور الأيام، أصبح السيسى رئيس جمهورية الجيش بمعنى الكلمة بعد أن قلده القادة والضباط والجنود هذا المنصب عن حب وتراضٍ رغم أنه ليس أكبر القادة سناً (مواليد 1954) ولكن مواقفة الحازمة ونزوله على رغبه أبنائه فى القوات المسلحة جعله يكسب احترامهم فى وقت قصير حتى اقتنعت مؤسسة الرئاسة بأن مسألة «أخونة» الجيش هو نوع من الخيال، فما فعله مرسى فى الشرطة والقضاء وغيره، لم يعد ممكناً أن يحدث فى القوات المسلحة. حاول السيسى أن يكون للقوات المسلحة دور فى إنهاء أزمة عدم وجود حوار بين السلطة والمعارضة ودعا بالفعل إلى حوار تحت مظلة الجيش (منذ شهر ونصف) ولكنه عدل عن هذا القرار سريعاً بعدما وجد أن هذا الأمر ربما يورط المؤسسة العسكرية فى ألاعيب السياسة بشكل يسىء إلى مكانتها لدى الشعب، وكما يعى السيسى مخاطر الأوضاع الداخلية، إذ يرى أن هناك محاولات خارجية مستميتة لتدمير القوات المسلحة المصرية، لذلك يعتمد خلال الفترة الحالية على رفع الكفاءة القتالية للقوات والتركيز على العمل الاحترافى بشكل أكبر لأنه مقتنع بأن الحرب من الممكن أن تقع فى أى لحظة.. أما الأمور الداخلية فيكتفى حالياً بمراقبتها جيداً. وبمجرد ظهور شائعة بأن هناك نية لدى مرسى لإقالة السيسى وحاولت ميليشيات الإخوان الإلكترونية أن ترسخها، جاء رد فعل أبناء الجيش سريعاً، حيث سرت حالة من الغليان بينهم ورفضوا الاقتراب من قادتهم بأى شكل من الأشكال. رفض السيسى أكثر من مرة محاولات تشويه القادة السابقين للجيش وظهر ذلك جلياً عندما اتهم مرشد جماعة الإخوان محمد بديع فى إحدى رسائله الأسبوعية القادة السابقين بالفساد فى محاولة منه لاستمالة القيادة الحالية ليكون الرد سريعاً من السيسى بأن الجيش يحترم قاداته السابقة ودورهم الوطنى، ولا يقبل أن يُطال الجيش بكلمة، ليظل السيسى، شوكة فى حلق مسلسل «أخونة» الدولة.