ترك المصريون قراءة الصحف منذ سنوات، ومن بقى منهم على العادة قرر أن يكتفى بواحدة، ليس للسعر فحسب، لكن للتشتيت الذى يصيب قارئها، فالحدث واحد والمانشيت مختلف.. مصر بين مليونيتين؛ «كش ملك» التى نظمتها القوى السياسية المناهضة لحكم الرئيس محمد مرسى وتنظيم الإخوان، وأخرى فى ميدان «نهضة مصر» نظمها مؤيدو الرئيس تحت عنوان «معاً ضد العنف»، اختلفت مانشيتات الصحف فى وصف المليونيتين، لتشهد ساحة صاحبة الجلالة التناقض الموجود على أرض الواقع، ويصبح لسان حال القارئ: «أصدق مين ولّا مين؟». «الإسلاميون فى النهضة من كل فج عميق.. و(كش ملك) على أبواب القبة»، مانشيت «الشروق»، قابله على الجانب الآخر: «المشاغبون فشلوا فى اقتحام قصر القبة»، يتصدر «المساء»، فى إشارة منها لفشل «الصبية والملثمين المشاغبين فى اقتحام بوابة القصر الجمهورى»، محافظة على وصف متظاهرى النهضة ب«الجاهزون لحماية الشرعية»، الذين طالبوا بالضرب بيد من حديد على يد «المخربين» الذين يسعون لإشعال النيران فى ممتلكات الدولة. عامل مشترك رصدته «اليوم السابع»، التى جاء مانشيتها الرئيسى: «بالمصاحف الإسلاميون ضد العنف و(كش ملك) ضد الرئيس»، ففى الوقت الذى رفع فيه عشرات الآلاف من «الشيوخ» مصاحفهم أمام جامعة القاهرة منددين ب«جبهة الإنقاذ»، رفع النشطاء من القوى المدنية نفس «المصاحف» ولكن بجانب «صُلبان» فى محاولة لإثبات هوية مصر الوطنية التى تتسع لكل «الديانات». «مصر اللى تاهت» بين المليونيات، كانت المصدر الرئيسى لعنوان الجمهورية: «ما بين مليونية النهضة ومليونية القبة.. مصر تائهة»، فالمشهد السياسى الفوضوى تحول إلى سخرية، وخروج مليونيات «استعراضية» من جانب المؤيدين للرئيس شىء يثير التساؤل. «ياللى بتضرب بالمولوتوف.. شعبنا عمره ما عرف الخوف»، «نعم للشرعية.. لا للتخريب»، مانشيت «الحرية والعدالة» الناطقة باسم الإخوان، ردت عليه جريدة التحرير: «الأمن يضرب بالغاز والخرطوش والإخوان يشتبكون مع مسيرات القصاص للجندى فى الغربية»، وأكدت الصحيفة: «المتظاهرون يلقون بالمولوتوف» وأن هناك «اشتباكات الغضب فى القبة»، ففى الوقت الذى تحاول فيه جريدة الإخوان إثبات أن التخريب ينبع من مظاهرات «جبهة الإنقاذ» ألقت جريدة التحرير بالاتهامات على جماعة الإخوان بممارسة العنف فى جمعتهم التى تدعو «للاعنف». رصدت جريدة الأخبار الحشود التى أطلقت عليها «الضخمة» والتى وصفتها بال«الرافضة للعنف»، ووصفت مظاهراتهم ب«التظاهرات السلمية» التى ترد على ما يشهده الشارع «من أعمال عنف وتخريب»، فى الوقت نفسه رصدت الاشتباكات والعنف أمام قصر الاتحادية فى مظاهرة «كش ملك». قسمت جريدة الأهرام المسائى صفحتها نصفين؛ عرضت فى النصف الأول خبرها الذى جاء فيه أن مظاهرات الإسلاميين تمر بسلام وتؤكد دعم الرئيس مرسى، وجاء فى النصف الآخر أن مئات المتظاهرين يهاجمون القصر الجمهورى فى القبة بالمولوتوف، ليعبر ذلك عن البلد المقسمة إلى نصفين «مؤيد ومعارض». مطالبة مليونية «كش ملك» بمجلس رئاسى كان العنوان الرئيسى لجريدة الأهرام، التى أكدت فى الوقت ذاته على تمسك القوى الإسلامية بالرئيس «محمد مرسى» فى مليونيتهم «معا ضد العنف». «النهضة لمرسى: اضرب.. وكش ملك: ارحل»، مانشيت المصرى اليوم، الذى جاء فى شرحه أن الإسلاميين يُظهرون «العين الحمرا» والمتظاهرين يهاجمون القبة بالمولوتوف. فى الوقت الذى جاء فيه مانشيت الوفد مختلفا: «بوابة مصر الغربية فى خطر»، كان الخبر الرئيسى الذى جاء أسفله أن «ليبيا وقعت اتفاقاً سرياً لنشر قوات فرنسية على الحدود»، ثم جاء عنوان آخر يقول إن «فى جمعة (ضد العنف) و(كش ملك)، النهضة: لو أراد مرسى حكماً ملكيا لفعل، والقبة: الجيش المصرى فين؟»، ملقية الضوء على تصريحات القيادى الإخوانى أحمد عارف المتحدث الرسمى باسمها، الذى أكد فيها أن الرئيس مرسى: «لو ليه شوق يبقى ملك هيكون ملك بس هو مش عايز».