عمر صلاح بائع البطاطا الذى قتل فى محيط السفارة الأمريكية برصاص جندى أمن مركزى (قيل عن طريق الخطأ).. وكأنما الطلقات الخطأ حين هوت تكاد لو أبصرت عينيك تعتذر، هذا ما شعرت به بعد اعتذار المتحدث الرسمى للقوات المسلحة عن قتلك الخطأ، وتمنيت أن يعود الزمن بالمتحدث للوراء إلى ماسبيرو ومحمد محمود، ولكن عايزنا نرجع زى زمان قول للزمان يرجع يا زمان، وكأن الضمير الإنسانى لا يسمح سوى بالاعتذار عن القتل الخطأ. آخر كلمات عمر قالها للزميلة ياسمين عبد التواب(لبوابة الوفد): «تعبت من الشغلانة دى ونفسى أغيرها». توقفت كثيرا أمام كيف أن النظام المرسوى يدفع أبناء الفقراء يقتلون بعضهم البعض، دفاعا عمن يستحق أن نطلق عليه الرصاص، جندى الأمن المركزى الفقير الذى ترك أهله وأرضه وجاء للمحروسة ليخدم الوطن.. فوجئ بأن النظام المرسوى ووزير داخليته محمد إبراهيم الثانى يضع فى يد الفقيد بندقية، وبدلا من أن يصوبها إلى صدور العدو فى سيناء يصوبها عن طريق الخطأ فى المكان الخطأ (دفاعا عن السفارة الأمريكية) فى الهدف الخطأ (الشهيد عمر صلاح)! يا إلهى..كل هذا الحزن لى، ضحية قتلت ضحيتها! كان القاتل الخطأ مثله مثل الواد عبدالودود فى رائعة نجم « آه يا عبدالودود يا رابض على الحدود».. يحلم بالدفاع عن الوطن وتحويش قرشين يكمل بهم نصف دينه، وكان الفتى عمر صلاح بائع البطاطا يحلم بقرشين يحملهما ليستر بهم أخواته البنات، لم يكن لكليهما من رأس مال سوى جسده.. القاتل النحيل والمغدور الهزيل.. كلاهما يجول يبحث عن أكل العيش.. ولكن الخوف من المستقبل الدامى حوّل القاتل والمغدور إلى ضحايا لنظام لا يقتات سوى على الدماء والقتل بما لا يخالف شرع المرشد! ودفاعا عن الكفيل الحقيقى للنظام الإخوانى (السفارة الأمريكية)! «جندرمة» إبراهيم الثانى أعلنت أن عمر صلاح قتل برصاصة خطأ من جندى أمن مركزى، ولم تقل إن طفل العاشرة ورجل عائلته والعائل لها مقتول برصاصتين نافذتين فى الرأس والصدر، تانى فى الرأس والصدر؟! عن طريق الخطأ فى الرأس والصدر؟! كما تؤكد مصادر من مشرحة زينهم على لسان الزميل أحمد عيد (التحرير)، وتشير إلى ذلك الزميلة (مى سعد)، أنها ذهبت إلى مشرحة زينهم 7 فبراير فى رحلة البحث عن الشاب المختفى محمد الشافعى، وقال لها عامل المشرحة إن الطفل بائع البطاطا تعرف عليه أهله واستلموه. هكذا شيع جثمان عمر دون جنازة ثورية رغم أنه شهيد (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية).. وكما يقول أحمد فؤاد نجم ويغنى الشيخ إمام فى رائعتهما «جيفارا مات»: عينى عليه ساعة القضا من رفاقه تودعه.. يطلع أنينى فى الفضا يصرخ ولا مين يسمعه.. يمكن صرخ من الألم من لسعة النار فى الحشا.. يمكن سكت أو ابتسم.. صور كتير ملو الخيال.. وألف مليون احتمال.. لكن أكيد أكيد ولا جدال عمر مات موتة رجال. أكل ثوار كثيرون بطاطا عمر وكأنها حلاوة روح، كان عمر يخرج كل يوم تحت خط النار يبيع البطاطا ليعود ليلا بقروش قليلة، وما أقرب المسافة بين رائعة يوسف إدريس الحرام و«جدر البطاطا هو السبب يا ضنايا»، كما كانت تردد فاتن حمامة فى الفيلم، وبين جدر البطاطا الذى تسبب فى قتل عمر فى فيلم الحرام المرسوى! ترى كم مرة أكل القاتل الخطأ من المقتول خطأ فى الحكم الخطأ؟! ومع السلامة يا ضنايا!