غريب أمر المصريين سواء على المستوى الشعبى أو النخبوى، فالكل يطالب بتغيير حكومة الدكتور هشام قنديل، والحقيقة لا أعلم سببا منطقيا لكل هذه المطالبات، فالحكومة فى قمة الطيبة والحنية عاملة زى ما تكون أم الشعب، فهى تهتم بكل ما يمسه من أول الرضاعة وحتى وفاته أو استشهاده بخرطوش أو رصاص حى أو بطريقة «الطرف التالت».. حكومة الدكتور قنديل حكومة من نوع خاص فهى بالأساس حكومة «تفقد»، حريصة على زيارة كل المناطق الحيوية والمنكوبة والوجود فى الشوارع من أول رئيسها وامتدادا لمعظم وزرائها، ورغم زيارات الوزراء للمخابز مثلا لكن ذلك لا يمنعها من تحديد حصة للفرد فى اليوم بثلاثة أرغفة فقط، إن حصل عليهم. وهى أيضاً تتفقد محطات البنزين والسولار لكن ذلك لم يحل ولا مرة أزمة السولار. وحكومة قنديل هى حكومة رفع المعاشات وزيادة الحد الأدنى للأجور، لكنها أيضاً الحكومة التى «خسفت» الأرض بالجنيه المأسوف على شبابه أصلا أمام الدولار، ورفعت الأسعار وزادت من حجم البطالة، ورفعت نسبة الجريمة بسبب غياب الأمن إلا من أمام القصور الرئاسية. الحكومة لا تشعر بأى تقصير لأن ضمير وزرائها «مرتاح أو مستريح»، ورئيسها لا يقبل الإقالة أو الاستقالة لأن ذلك من وجهة نظره «هروب» من المسئولية، وهو ورفاقه طبعا يأبون هذا الهروب، وذلك لأنهم مصرون على البقاء حتى لو كان ذلك على جثث المصريين جميعا، يعنى من وجهة نظر الحكومة: «مش مهم الشغل، لكن المهم تظبيط الشغل». حكومة الدكتور قنديل فاقت كل التوقعات، وكذلك تفوقت على كل مثيلاتها السابقات فى حكومات الدكتور عصام شرف، والدكتور الجنزورى، سواء فى التخبط أو فى دفع الاقتصاد المصرى إلى الانهيار، وأصبحنا على بعد خطوات قليلة جدا من شبح الإفلاس، ومع ذلك فالحكومة تصر على البقاء ويبدو أنها مصرة على الإجهاز على الشعب بأكمله. أصبحت «الحكومة القنديلية» من وجهة نظر كثيرين حكومة سفك الدماء أو مثل ال«فان باير» أى «مصاص الدماء»، فهى تتفنن كل يوم فى إضافة أعباء ثقيلة على كاهل الشعب من أجل «إنجاح الثورة»، ولا أعرف عن أى ثورة يتحدثون، الثورة التى قامت بسواعد ودماء الشباب والشهداء الأبرار من أجل «العيش.. والحرية.. والعدالة الاجتماعية»، لم تكن يوما ضد المصريين، ولكنها قامت ضد الفساد والاستبداد والظلم والظلام، ولا أعتقد أن أحدا اليوم يرى جديدا عن عهود سابقة سوى تغيير وجوه ظاهرها التقوى والورع وباطنها «الخبث والخبائث». الحكومة «المأندلة» التى أصبحت وبالا على الشعب بأكمله، هى أيضاً وبال على الرئيس محمد مرسى ونظامه وجماعته، وبقاؤها يهدد بقاء النظام نفسه، لأن الغضب عندما يجتاح ويتحول إلى ثورة لا يفرق بين أحد سواء الرئيس أو الحكومة، وكم من حكومة كانت سبباً فى سقوط أنظمة عتيقة ومتجذرة! وعلى الرئيس أن يحذر من أفعال حكومته. وأمام هذا الإصرار القاتل من هذه الحكومة على البقاء، أدعو كل المصريين لاعتبار أن هذه الحكومة غير موجودة، واستخدام شعار النجم أحمد السقا: «من النهارده مفيش حكومة.. أنا الحكومة».