سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التونسيون فى انتظار حكومة حل الأزمة.. و«النهضة» يعود إلى الشارع من جديد «النهضة» يخرج فى مليونية لحماية الشرعية ونبذ العنف.. ورئيس الوزراء التونسى يؤجل مشاورات الحكومة الجديدة
تبدو تونس وكأنها فى محطة انتظار المجهول. كان التونسيون ينتظرون على أحر من الجمر انتهاء المشاورات السياسية لاختيار الحكومة الجديدة، ولكن حمادى الجبالى رئيس الوزراء، الذى خرج فى مؤتمر صحفى مقتضب، مؤكداً تأجيل المشاورات إلى يوم الاثنين، ليحبط المنتظرين للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، لكن حزب النهضة الحاكم والمعارض لحكومة التكنوقراط التى يدعو إليها الجبالى -أمين عام حزب النهضة فى الوقت نفسه- وتؤيدها قوى المعارضة، قرر النزول للشارع فى مسيرة ضخمة «تحت مسمى حماية الشرعية» لتعود المليونيات مرة أخرى إلى شارع الحبيب بورقيبة، شارع الثورة التونسية، التى مهدت لثورات الربيع العربى، خرج الآلاف من الموالين لحزب النهضة فى مسيرات ضخمة، رافعين الأعلام التونسية، وعشرات من رايات «القاعدة» السوداء، رافعين شعارات «الشعب يريد تطبيق شرع الله، والشعب يريد النهضة من جديد»، وهاجمت الهتافات الإعلام الذى وصفته بإعلام العار، وهاجمت حزب النداء الجديد وزعيمه «الباجى قائد السبسى». ورغم تنديد العديد من القوى السياسية بهذه المليونية التى لم تأتِ فى وقتها، على حد تعبيرهم، خوفاً من وقوع أى أعمال عنف فى وقت لا تحتمل فيه البلاد مثل تلك التصرُّفات، فإن سامى الطريفى عضو المكتب السياسى لحركة النهضة، قال «نزلنا الشارع من أجل نبذ العنف، ولن نكون أبداً داعين له». وأضاف فى تصريح خاص ل«الوطن»: «بعد أن شعرنا أن هناك التفافاً على الشرعية وتعالت الدعوات إلى حل المجلس التأسيسى، قرّرنا النزول فى مسيرة من أجل الحفاظ على الشرعية، فليس من المقبول أن نسمح للباجى قائد السبسى (زعيم حزب النداء والمحسوب على النظام القديم)، أن يطالب بحل المجلس التأسيسى، وهو ما سيعود بنا إلى مربع الفوضى». ونفى «الطريفى» ما يتردد عن أن تلك المسيرة جاءت فى ذلك الوقت للضغط على القوى السياسية من أجل الابتعاد عن فكرة حكومة التكنوقراط التى تدعو إليها كل القوى، مؤكداً «تظاهراتنا ليست موجهة ضد الحكومة ولا تهدف لفرض سياسة فرض سيطرة وقوة الشارع، فنحن لا نعتبر النزول للشارع هو الحل، لكننا نزلنا من أجل حماية الشرعية بعدما لاحظنا المحاولات المستميتة لإضعاف المجلس التأسيسى». بعيداً عن مسيرة النهضة، وفى الشارع التونسى، تبدو مصر وتونس وكأنهما مربوطتان بحبل سرى واحد ينقل المخاوف والأحداث بين البلدين. تبدو وجوه التونسيين أقرب إلى وجوه المصريين، نفس الخوف والحذر والترقُّب، نفس الأمنيات، «عايزين نعيش وناكل ونشرب، ونفسنا فى الأمن والأمان، السياحة قلت والفلوس كمان» قال «ميلود» سائق التاكسى، الشاب التونسى الغاضب لمقتل المناضل التونسى «شكرى بلعيد» الذى لم يعرفه ولم يسمع عنه إلا بعد مقتله، مبرراً «أنا غير مهتم بالسياسة»، لكنه عرفه بعد مقتله. بين الاتهامات للسلفيين وأتباع حركة النهضة الحاكمة من جهة و«أزلام النظام السابق» أتباع «بن على» من جهة أخرى، تلوك ألسنة التونسيين حكايات مقتل المناضل اليسارى «بلعيد» من حكايات ضابط فى الشرطة التونسية حذر صحفياً تونسياً من قرب اغتيال «بلعيد»، ومدى ارتباطه بأزلام النظام السابق -هكذا يطلقون على الفلول- وحتى فيديوهات مشايخ السلفية الذين هددوه بالقتل علناً، تُحكى حكايات التحريض على قتل «بلعيد» على المقاهى. تبدو الأزمة نفسها، والتخوُّفات هى التخوفات، والاتهامات هى نفسها الاتهامات، فى الصباح كانت جلسة المجلس التأسيسى حادة وساخنة، صب الأعضاء من الأحزاب الإسلامية جام غضبهم على الإعلام، ووصفوه بأنه يضخِّم الأمور، ويزيد الفتن اشتعالاً، بينما شن الليبراليون هجومهم على القوى الظلامية التى تسعى لتدمير المجتمع.