انطلاق امتحانات نهاية العام 2024 بجامعة برج العرب التكنولوجية    محافظ المنيا: توريد 318 ألف طن قمح للصوامع منذ بداية الموسم    تصل ل1890 جنيها.. ننشر الحد الأقصى لصرف زيادة المعاشات 15% قبل العيد    «الدقهلية» تتسلم 1.2 مليون ذريعة سمك بلطي دعما من «حماية البحيرات»    "كل العيون على رفح".. حملة انستجرام تتجاوز 40 مليون مشاركة خلال ساعات    وزير خارجية النرويج: مصر دعمتنا في قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية    «حماة الوطن»: زيارة الرئيس السيسي إلى الصين تعزز العلاقات الثنائية بين البلدين    «القاهرة الإخبارية»: لابيد يجتمع مع ليبرمان لبحث خطة عمل لاستبدال حكومة نتنياهو    برشلونة يرفض رحيل هذا الرباعي في الصيف    روديجو يحسم الجدل حول رحيله عن ريال مدريد    وزير الرياضة يستقبل رئيس الاتحاد الأفريقي للكرة الطائرة جلوس    ملخص علم النفس والاجتماع لطلاب الثانوية العامة 2024    تأجيل محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    «تعليم القاهرة» تشدد على توفير بيئة امتحانية آمنة لطلاب الثانوية العامة    مطار الأقصر الدولي يودع حجاج بيت الله الحرام في رحلاتهم الأولى لموسم 1445 ه    دراسة: الفراعنة تدخلوا جراحيا لعلاج السرطان والدليل جمجمة عمرها 4000 عام    «السرب» يتصدر إيرادات الأفلام بدور العرض.. وعالماشي في المركز الأخير    نقابة المهن السينمائية توجه رسائل للفائزين بجوائز الدولة التقديرية    تفاصيل دور جومانا مراد في «مفترق طرق» قبل العرض رقميًا    الكشف على 1622 مريضا ضمن قافلة علاجية مجانية بمركز بلقاس بالدقهلية    3 عناصر غذائية تحسن المزاج وتجنبك العصبية في الصباح.. احرص على تناولها    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    السؤال الذى لم تجب عنه الحكومة!    حماس تحمل واشنطن مسئولية المجازر المروعة برفح وتدعوها إلى وقف شراكتها في قتل الفلسطينيين    اتهام كوريا الشمالية بإرسال بالونات تحتوي على قاذورات وفضلات عبر حدودها مع كوريا الجنوبية    إسكان النواب: يجب حل مشكلات الصرف الصحي بعد مخصصاتها الضخمة بالموازنة الجديدة    مزايا تأمينية وحوافز شهرية.. جهاز تشغيل الشباب بالجيزة يعلن فرص عمل جديدة    228 طالبا ب"صيدلة الإسماعيلية الأهلية" يؤدون اختبار "مدخل إلى علم الجودة" إلكترونيا (صور)    مهدد بالإيقاف 4 سنوات.. محامي رمضان صبحي يكشف مفاجأة    دياب: نحتاج 4 مواسم لضبط مواعيد الدوري المصري مع العالم    "يرمي الكرة في ملعب ريال مدريد".. باريس يحتجز مستحقات مبابي    «المشاط» تبحث مع وزير التنمية البريطاني التعاون بمجال الزراعة والأمن الغذائي    لماذا أسلم البروفيسور آرثر أليسون؟    حريق يتسبب في تفحم محتويات شقة سكنية في منطقة الحوامدية    مصرع شخص إثر حادث انقلاب موتوسيكل في الشرقية    جيش مصر قادر    «تقدر في 10 أيام».. أماكن المراجعات المجانية للثانوية العامة في المنيا    بالأسماء.. ننشر نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الوادي الجديد    إدعى إصدار شهادات مُعتمدة.. «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا في الإسكندرية    الجيش الإسرائيلي: مقتل 3 جنود وإصابة 10 في معارك رفح    وزيرة الهجرة تستقبل أحد أبناء الجالية المصرية في كندا    فرقة aespa ترد على رسائل شركة HYPE للتخلص منها    السبت | «متحف الحضارة» يحتفي برحلة العائلة المقدسة    مصطفى كامل يهنئ الدكتور رضا بدير لحصوله على جائزة الدولة التقديرية    ماجواير يستعد لمحادثات حاسمة مع مانشستر يونايتد    وزير الإسكان يبحث وضع خطة عاجلة لتعظيم دور الهيئة العامة للتنمية السياحية    لجنة القيد تحت التمرين.. بداية مشوار النجومية في عالم الصحافة    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    وزارة الصحة تكشف المضاعفات الخطرة للولادات القيصرية غير المبررة.. انفوجراف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    المدير التنفيذي للأهلي: الخطيب لم ينفذ البرنامج الطبي الخاصة به بسبب نهائي إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنايات القاهرة تودع حيثيات حكمها على مبارك والعادلى
مبارك والعادلى تقاعسا عن حماية أرواح المواطنين والذود عن الممتلكات العامة والخاصة
نشر في الوطن يوم 07 - 06 - 2012

أودعت أمس محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت وعضوية المستشارين محمد عاصم بسيونى وهانى برهام، حيثيات حكمها الصادر بالمؤبد ضد الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى وبراءة الستة المساعدين، وانقضاء الدعوى بالتقادم لمضى المدة القانونية المعينة فى قضية التربح واستغلال النفوذ لمبارك وولديه ورجل الأعمال «الهارب» حسين سالم.
جاءت الحيثيات فى 125 ورقة وتناولت سرد أسباب حكمها فى القضايا الثلاث «قتل المتظاهرين وتصدير البترول والتربح»، فى قضيتى النيابة العامة 3642 لسنة 2011 جنايات قسم المنيل المقيدة برقم 157 لسنة 2011 كلى وسط القاهرة والقضية رقم 1227 لسنة 2011 قصر النيل، المقيدة برقم 57 لسنة 2011 كلى وسط القاهرة، والمدعين بالحق المدنى فيهما.
ضد: محمد حسنى السيد مبارك «حاضر»، حسين كمال الدين إبراهيم سالم «غائب»، علاء محمد حسنى السيد مبارك «حاضر»، جمال محمد حسنى السيد مبارك «حاضر»، حبيب إبراهيم حبيب العادلى «حاضر»، أحمد محمد رمزى عبدالرشيد «حاضر»، عدلى مصطفى عبدالرحمن فايد «حاضر»، حسن محمد عبدالرحمن يوسف «حاضر»، إسماعيل محمد عبدالجواد الشاعر «حاضر»، أسامة يوسف إسماعيل المراسى «حاضر»، عمر عبدالعزيز فرماوى عفيفى «حاضر»، وقد حضر المتهمون جميعا عدا المتهم الثانى.
بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفوية، والاطلاع على الأوراق وما شملته من مستندات وتحقيقات والمداولة قانونا.
ومن حيث إن واقعات التداعى المعروضة حسبما تراءى للمحكمة واستقر فى وجدانها وضميرها من واقع غوصها فى الأوراق وما حوته من تحقيقات وما أرفق بها من مستندات عن بصر وبصيرة وما ارتاحت إليها عقيدتها وما وقر صحيحا ويقينا ولازما وقاطعا فى وجدانها ورسخت صحة وإسنادا وثبوتا فى يقين قاطع جازم تطمئن معه عقيدة المحكمة وتستريح مطمئنة مرتاحة البال هادئة الفكر إلى صحة وثبات وإثبات الثابت فى أوراق التداعى وما كشفت عنه سائر الأوراق بما يقشع الظلمة ويحيط الغموض عن وقائعها وأحداثها ويسلط النور والضياء عليها فتظهر وتطل يافعة قوية نضرة ملء البصر والعين مستقرة لا مراء فيها ولا شك فإذا بزغ صباح يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير 2011 أطلت على مصر شمس فجر جديد لم تره من قبل، أشعته بيضاء حسناء وضاءة تلوح لشعب مصر العظيم بأمل طال انتظاره ليتحقق مع نفاذ أشعتها شعاع وضاح وهواء نقى زالت عنه الشوائب العالقة فتنفس الشعب الزكى الصعداء بعد طول كابوس ليل مظلم لم يدم لنصب يوم كالمعتاد وفق نواميس الحياة، ولكنه أخلد لثلاثين عاما من ظلام دامس حالك أسود أسود اسوداد ليلة شتاء قارص بلا أمل ولا رجاء أن ينقشع عنها إلى صباح مشرق بضياء ونضارة وحياة.
وهكذا كانت إرادة الله فى علاه إذ أوحى إلى شعب مصر وأبنائها البواسل الأشداء، تحفهم ملائكة الحق سبحانه وتعالى لا يطالبون برغد العيش وعلياء الدنيا بل يطالبون ساستهم وحكامهم ومن تربعوا على عرش النعم والثراء والسلطة أن يوفروا لهم لقمة العيش يطعمنهم من جوع ويسد رمقهم ويطفئ ظمأهم بشربة ماء نقية ويسكنهم بمسكن يلمم أسرهم وأبناء وطنهم من عفن العشوائيات وانعدام آدميتهم بعد أن افترشوا الأرض وتلحفوا بالسماء وشربوا من مياه المستنقعات وفرصة عمل لعاطلين بالملايين تدر عليهم رزقا كريما حلالا يكفى بالكاد لسد حاجاتهم وتوفير قوت يومهم وانتشالهم من هوة الفقر السحيق إلى الحد اللائق بإنسانيتهم سالمين سالمين سالمين، منادين سلمية سلمية سلمية تملأ أفواههم حين كانت بطونهم خواء وقواهم لا تقوى على المناضلة والجهاد صارخين مستصرخين ارحمونا يرحمكم الله أنقذونا أغيثونا انتشلونا من عذاب الفقر وهوان النفس وعيشة الذل وقد كواهم تردى حال بلدهم وطنهم مصر العزيزة عليهم اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وتعليميا وأمنيا وانحدر بها الحال إلى أدنى الدرجات بين الأمم وهى التى كانت شامخة عالية يشار إليها بالبنان مطمع الغزاة والمستعمرين بموقعها وخيراتها فأصبحت تتوارى خلف أقل وأبسط الدول المتخلفة فى العالم الثالث.. ماذا جرى لكِ يا مصر.. يا من ذكرك الله فى كتابه العزيز بالأمن والسلام «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».. لقد تآلفت قلوب أبناء مصر الشرفاء وشعبها العظيم وألف الله بين قلوبهم جميعا ما آلف بين قلوبهم ولكن الله بعظمته وما قدره ألّف بينهم وحماهم وألهمهم القوة والرباط والعزيمة وظللهم بظلال الحق فزهق الباطل فكان زهوقا وأطل الحق وظهر فكان ثبوتا، فمحا الله آية الليل المظلمة وجعل آية النهار مبصرة ليبتغى شعب مصر الصابر الصبور فضلا من الله وحياة طيبة ورزقا كريما ومستقبلا حميدا يرفع مصر لأعلى درجات العزة كما كانت وكما أراد الله لها بين الأمم، من ذلك الضياء الذى أشع وخرج أبناء الوطن السلميون من كل فج عميق والكل يكابد ما يكابده من ظلم وحسرة وقهر وذل يحمل على كاهله معاناته متجهين صوب ميدان التحرير بالقاهرة عاصمة مصر مسالمين طالبين فقط عدالة، حرية، ديمقراطية، فى وجه من أحكم قبضته عليهم وارتكبوا عظائم الإثم والطغيان والفساد دون حسيب أو رقيب حين انعدمت ضمائرهم وتبلدت مشاعرهم وعميت قلوبهم، من ذلك الضياء الوضاء تدخلت قوات الشر البغيض ومن حاك لمصر وشعبها مؤامرات الكبت والضياع والهوان والانكسار فتحالفت فيما بينها وتدخلت عناصرها ومجرموها للانقضاض على المتظاهرين السلميين المطالبين بالنذر اليسير من حقوقهم للإيقاع بهم وإجهاض مسيرتهم وإخماد صوتهم وكسر شوكتهم بالقوة والعنف واستخدام كل الوسائل الممكنة لسحقهم بقتل بعضهم وإصابة الآخر وترويعا لغيرهم وإسكات أفواههم المطالبة بالعدل والحرية والديمقراطية احتجاجا على تردى الأوضاع بالبلاد فى كل المناحى، الأمر الذى أدى يوم الثامن والعشرون من يناير 2011 إلى سقوط العشرات من المتظاهرين السلميين قتلى وإصابة المئات منهم حال تظاهرهم بميدان التحرير بالقاهرة بلا ذنب جنوه سوى مطالبهم العادلة. ولقد تناولت جميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والسمعية والإلكترونية تلك الأحداث بالصوت والصورة وتناولتها جميع وسائل الإعلام العالمية والمحلية وعلم بها الكافة صغيرا وكبيرا ومن كان فى موضع المسئولية أو متفرجا من عامة الناس، واعيا مدركا لما يدور حوله من أحداث أو حتى فاقدا لإدراك أو ضريرا أو أبكم. فالعلم بواقعات التظاهر وسقوط القتلى منهم والمصابين كانت من الوقائع المتعلقة بالعلم العام لا يقدر أحد مهما كان موقعه أو يستطيع بجميع الممكنات العقلية أن ينكر أو يكفى علمه بما حدث من وقائع فما الحال وكبار المسئولين عن إدارة وحماية الدولة، ومن ذلك المنطق السوى المعتبر فى حق ضمير المحكمة وثبات وجدانها تؤكد من واقع ما جرى من تحقيقات وما جرى بجلسات المحاكمة وشهادة من استمعت إليهم المحكمة بما لا يدع مجالا للشك أو الريبة أن كلا من المتهمين الأول محمد حسنى السيد مبارك والخامس حبيب إبراهيم حبيب العادلى وقد علم كل منهما بالأحداث فأحجم أولهما عمدا بصفته رئيسا لجمهورية مصر عن إتيان أفعال إيجابية فى توقيتات مناسبة تقتضيها الحماية القانونية المتمثلة فى امتناعه عمدا عن إصدار القرارات والأوامر والتعليمات والتوجيهات التى تحتمها عليه وظيفته والنوط به الحفاظ على مصالح الوطن ورعاية المواطنين وحماية أرواحهم والذود عن الممتلكات والمنشآت العامة والخاصة المملوكة للدولة وللأفراد طبقا للدستور والقانون رغم علمه يقينا بما وقع من أحداث وأفعال وتدخلات من جهات وعناصر إجرامية، وكان ذلك الإحجام والامتناع عما يفرضه عليه الواجب القانونى للحماية القانونية للوطن والمواطنين ابتغاء استمرار سلطاته والسيطرة لنفسه على مقاليد الحكم للوطن الأمر الذى أدى إلى أن اندست عناصر إجرامية لم تتوصل إليها التحقيقات فى موضع الأحداث قامت بإطلاق مقذوفات نارية وخرطوش تجاه المتظاهرين السلميين فأحدثت فى البعض منهم الإصابات التى أودت بحياتهم وبالشروع فى قتل البعض الآخر منهم بإصابتهم بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية التى تم تداركها بالعلاج، وأن المتهم الخامس حبيب إبراهيم حبيب العادلى امتنع عمدا بصفته وزيرا للداخلية فى التوقيتات المناسبة عن اتخاذ التدابير الاحترازية التى توجبها عليه وظيفته طبقا للقوانين واللوائح والقرارات لحماية الوطن من الداخل والأرواح والممتلكات العامة والخاصة طبقا للدستور والقوانين مع علمه تماما بما وقع من أحداث وكان ذلك الإحجام والامتناع ابتغاء فرض سلطاته واستمرار منصبه وحماية سلطات ومنصب الأول فمن ذلك الإحجام والامتناع فقد وقر فى يقين المحكمة من خلال فحصها أوراق التداعى عن بصر وبصيرة أن المتهمين المذكورين قد اشتركا مع مجهولين بطريق المساعدة فى ارتكاب جرائم القتل العمد والشروع فيه موضوع التحقيقات وما تضمنت تلك الجرائم من اقتران لجرائم قتل عمد أخرى وشروع فيه، قاصدين من ذلك إزهاق روح وإصابة المجنى عليهم الواردة أسماؤهم بالتحقيقات فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية التى أودت بحياتهم أو بإصابتهم على النحو المبين بالتحقيقات.
ومن حيث إن المحكمة وقد استعرضت وقائع التداعى حسبما استخلصتها صحيحة من سائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث ووفقا لما أدى إليه اقتناعها، مستندة فى ذلك الاستخلاص إلى المقبول فى العقل والمنطق والقانون ولما له أصله الثابت فى الأوراق وقد اطمأن وجدانها تمام الاطمئنان إلى أدلة الثبوت فى الدعوى وبما لا يدع مجالا للشك أو الريبة ثبوتا يقينيا لا تحوم حوله شائبة أو مطعن، وقد صح واستقام الاتهام نحو المتهمين المذكورين من واقع أدلة يقينية صحيحة المأخذ قوية البنيان سليمة المنبت جازمة لا هية واهنة ولا هية لينة ضعيفة قاطعة الدلالة ثبوتا وإسنادا، ذلك جميعه أخذا من الثابت فى أوراقها ومما حوته التحقيقات وما دار بجلسات المحاكمة، وكشفت عنه سائر الأوراق ومحتويات مستنداتها. ذلك جميعه من واقع ما أقر به كل من المتهمين محمد حسنى السيد مبارك وحبيب إبراهيم حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق بالتحقيقات، ومن علمهما اليقينى بما دار من أحداث ووقائع قتل وإصابات لبعض المتظاهرين السلميين فى يوم 28/1/2011 ومن واقع ما شهد به كل من اللواء عمر محمد سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق والمشير محمد حسين طنطاوى القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة واللواء منصور عبدالكريم عيسوى وزير الداخلية السابق واللواء محمود وجدى محمد محمود، وزير الداخلية الأسبق أمام هذه المحكمة بجلسات المحكمة ومن واقع ثابت بالتقارير الطبية المرفقة بالتحقيقات.
فقد أقر المتهم الأول محمد حسنى السيد مبارك بالتحقيقات بأنه علم بأحداث التظاهرات التى اندلعت يوم 25 يناير 2011 والتداعيات التى أحاط بها وما كان من سقوط قتلى ومصابين من بين المتظاهرين يوم 28 يناير 2011 وذلك العلم من خلال ما وصل إليه من معلومات أحاط بها وزير الداخلية المتهم الثانى والشاهدان الأول والثانى.
وأقر المتهم الثانى حبيب إبراهيم حبيب العادلى بالتحقيقات بعلمه اليقينى والفرضى أنه وزير الداخلية بما رصدته أجهزة الشرطة المعنية من أحداث للتظاهر يوم 25 يناير 2011، وأنه حضر اجتماعا يوم 20/1/ 2011 لتدارس الموقف ومواجهته، وأنه تابع بصفته الوظيفية كافة مجريات الأحداث وما أسفرت عنه من وقوع قتلى ومصابين بين صفوف المتظاهرين يوم 28/1/2011 بميدان التحرير بالقاهرة.
وشهد اللواء عمر محمد سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق أمام المحكمة بأنه وحال تقلده منصب رئيس جهاز المخابرات العامة رصد الجهاز أن مظاهرات سوف تحدث يوم 25 يناير 2011، فقام بعرض الأمر على رئيس الجمهورية السابق المتهم الأول فأشار بعقد اجتماع لبحث هذا الموقف، وتم اجتماع يوم 20/1/2011 برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء حضره والوزراء المعنيون لدراسة كيفية التعامل مع هذا الحدث، وأنه من المعتاد أن من يرأس الاجتماع يخطر رئيس الجمهورية بما أسفر عنه. وأضاف أن بعض العناصر الأجنبية والإجرامية قامت بتهريب الأسلحة ووجدت بين المتظاهرين وتشابكت مع الآخرين وأنه أبلغ رئيس الجمهورية السابق بتداعى تلك الأحداث.
وشهد المشير محمد حسين طنطاوى القائد العام والرئيس الأعلى للقوات المسلحة أمام المحكمة بأنه تم بينه وبين المتهم الأول رئيس الجمهورية السابق عدة لقاءات لتدارس موقف التظاهرات وما نجم عنها من تداعيات وأنه اتصل به لإعلامه بما وقع يوم 28 يناير من سقوط قتلى ومصابين فى صفوف المتظاهرين بميدان التحرير بالقاهرة ورجح أن تكون عناصر خارجة عن القانون قد تدخلت فى الأحداث، وأضاف أن من واجب رئيس الجمهورية أن يصدر أوامر أو تكليفات وفقا لسلطاته الدستورية والقانونية للمحافظة على أمن وسلامة الوطن، وعلى وجه العموم فكل مسئول يعلم مهامه والمفروض أن يقوم بتنفيذها، واستطرد من المفروض أن وزير الداخلية المتهم الثانى أبلغ الأول بما حدث من تداعيات وأنه من غير الممكن أن رئيس الجمهورية المتهم الأول لا يعلم بما وقع من أحداث باعتبار أنه الموكل إليه شئون مصر والحفاظ على أمنها وسلامتها وسلامة شعبها.
وشهد اللواء منصور عبدالكريم العيسوى، وزير الداخلية السابق أمام المحكمة بأن على رئيس الجمهورية المتهم الأول وفق سلطاته الدستورية والقانونية أن يحافظ على سلامة وأمن الوطن، ومن هذا المنطلق عليه أن يصدر ما يراه لازما من أوامر أو تكليفات فى شأن ذلك. وأضاف بأن جميع المعلومات عن الأحداث التى جرت فيما بين 25 يناير حتى 28 يناير 2011 تصب فى النهاية لدى وزير الداخلية المتهم الخامس بصفته الوظيفية. وأوضح أن الواقع الفعلى للأحداث على الطبيعة كان يقتضى من ذلك المتهم بصفته وزيرا للداخلية أن يتخذ الإجراءات والقرارات ما يحول دون استمرار أو تفاقم الأحداث.
وشهد اللواء محمود وجدى محمد محمود وزير الداخلية الأسبق أمام المحكمة أن الأحداث التى وقعت بميدان التحرير بالقاهرة من وقائع قتل وإصابة لبعض المتظاهرين السلميين الموجودين بالميدان كانت نتيجة فوضى عارمة شاملة أحدثتها عناصر إجرامية عديدة ومتنوعة وأدى تراخى اتخاذ القرار بنزول القوات المسلحة فى التوقيت المناسب إلى وقوع المزيد من القتلى والمصابين من صفوف المتظاهرين السلميين آنذاك، فضلا عن ذلك، فإن المتهم الثانى وزير الداخلية الأسبق قد تقاعس عن اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة التى تقتضيها ظروف الحالة للمحافظة على المتظاهرين السلميين الموجودين بالميدان.
وقامت المحكمة بالرد على جميع الدفوع التى قدمها المحامون عن المتهمين خاصة الدفع بعدم جواز محاكمة مبارك أمام القضاء المدنى نظرا لأنه من قادة حرب أكتوبر وأن القانون منح هؤلاء القادة ميزة الخدمة فى القوات المسلحة مدى الحياة.
وقالت المحكمة فى ردها على هذا الدفع «هذا النعى الذى استند إليه دفاع المتهم الأول يضحى نعى غير سديد خارج عن نطاق التصديق القانونى هو فى جوهره وظاهره غير سديد متعين الرفض والالتفات عنه آية ذلك أنه وفقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 35 لسنة 1979 بشأن تكريم كبار قادة القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر فقد جرت على أنه يستمر الضباط الذين كانوا يشغلون وظائف قادة الأفرع الرئيسية ورئيس هيئة العمليات فى حرب أكتوبر فى الخدمة بهذه القوات مدى حياتهم، ونصت المادة الثانية على أن يقوم الضباط المنصوص عنهم فى المادة الأولى بتقديم المشورة فى الموضوعات العسكرية ذات الأهمية الخاصة التى يطلب منهم إبداء الرأى فيها ثم نصت المادة الثالثة على أنه إذا اقتضت الضرورة الوطنية تعيين أحد هؤلاء الضباط فى إحدى الوظائف المدنية الكبرى فإنه يعود إلى الخدمة بالقوات المسلحة بعد انتهاء خدمته المدنية، وبالتالى فإنه من الثابت فى الأوراق أن المتهم الأول محمد حسنى مبارك وقت ارتكابه الجريمة محل هذه المحاكمة لم يكن ضابطا بالقوات المسلحة ورنما كان رئيسا للجمهورية وهى وظيفة ليست بعسكرية أو ينطبق عليها ثمة قوانين أو قرار له منظمة للوضع الوظيفى لضباط وأفراد القوات المسلحة ومن ثم فإن صفته المدنية هى التى كانت تحيطه وينتمى إليها حال ارتكابه للجريمة».
وأضافت المحكمة فى حيثياتها إنه لم يشترك مع مبارك فى ارتكاب الجريمة شخص ذو صفة عسكرية بل شاركه المتهم الخامس حبيب العادلى وهو وزير الداخلية وهو بالقطع لا يخضع لقانون الأحكام العسكرية إذ يتبع هيئة الشرطة وهى هيئة مدنية طبقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 109 لسنة 1071 بشأن هيئة الشرطة.
وتابعت المحكمة «ومن حيث إنه بالبناء على تلك المبادئ القضائية وكانت الظروف المحيطة بالتداعى والأمارات والمظاهر الخارجية التى أتاها المتهمان المذكوران تنم بما لا يدع مجالا للشك فيه عما ضمراه فى نفس كل منهما من قصدهما قتل المجنى عليهم وإزهاق أرواحهم، آية ذلك استخدام الجناة الفاعلين الأصليين أسلحة نارية وخرطوشا وهى قاتلة بطبيعتها وإصابة المجنى عليهم بإصابات متعددة فى أماكن متفرقة من أجسادهم بالعمق والأحشاء الداخلية والأوعية الدموية الرئيسية الأمر الذى أدى إلى نزيف شديد داخلى وتوقف التنفس وإصابات نزيفية».
ومن حيث إن الجرائم السلبية يطلق عليها جرائم امتناع ذات نتيجة أو جرائم ارتكاب عن طريق الامتناع ويفترض ركنها المادى امتناعا أعقبته نتيجة إجرامية ويعنى ذلك أن الركن المادى لهذه الجرائم يتطلب النتيجة الإجرامية من بين عناصره.
ومن حيث إن الامتناع هو إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابى معين كان المشرع ينتظره منه فى ظروف معينة شرط أن يوجد واجب قانونى يلزم بهذا الفعل وأن يكون استطاعة الممتنع إرادته ومن ثم فالامتناع صورة للسلوك الإنسانى إزاء ظروف معينة وتعبير عن إرادة شخص فى مواجهة هذه الظروف فالإرادة هنا قوة نفسية فعالة مؤثرة بطبيعتها لها كيان إيجابى.
ومن ثم فقد تحقق فى حقهما العناصر الثلاثة القائمة عليها جريمة الامتناع وما يتتبعها من مسئولية جنائية. وذلك على التفصيل الوارد آنفا. فالمتهم الأول وهو المسئول الأول بصفته رئيسا للجمهورية أدى اليمين القانونية الدستورية أمام الشعب بحماية الوطن والمواطنين لم يكلف خاطره ويبادر بالظهور فورا لحظة اندلاع التظاهرات يوم 25 يناير 2011 وقد علم بحدوثها قبل ذلك بأيام عدة، ليتخذ من المبادرات والقرارات ما يهدئ من روع الشباب الثائر المطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم فتركهم عامدا لتنهش العناصر الإجرامية الموجودة بينهم أجسادهم فقتلت من قتل وأصابت من أصابت، فحقق بذلك ما أراد له من نتيجة إجرامية. والمتهم الثانى بصفته المسئول دستوريا وقانونيا عن حماية الأمن الداخلى للبلاد كوزير للداخلية وقد علم يقينا عن طريق أجهزته بالوزارة قبل يوم اندلاع التظاهرات أن يتخذ ما يراه مناسبا ولازما فى استطاعته يوم 25 يناير حتى 28 يناير 2011 من قرارات واحتياطات للحفاظ على أرواح المتظاهرين السلميين بميدان التحرير بالقاهرة فتركهم عمدا نهبا لافتراس العناصر الأجنبية لهم ليحقق مأربه قاصدا النتيجة الإجرامية بقتل البعض منهم وإصابة البعض الآخر، كل ذلك من الأول والثانى صدر منهما ابتغاء تحقيق غاية معينة للاحتفاظ بمنصبهما الرئاسى والوزارى فأحجما وامتنعا عن الفعل الإيجابى المفروض عليهما لأنهما أرادا ذلك وقد كان فى وسعهما أن يأتيا الأفعال الإيجابية لمنع حدوث النتيجة التى أراداها باقتناعهما فتحقق فى ذلك فى حقهما المسئولية الجنائية عن جرائم القتل العمد والإصابات موضوع التداعى.
وفى نهاية كتابة حيثيات إدانة مبارك والعادلى قالت المحكمة «لا يسع المحكمة فى نهاية هذا المنحنى من التداعى بما سطرته بيمينها الطاهرة وما وقر فى ضميرها عن حق وصدق وما استقر فى وجدانها عن يقين وجزم إلا أن تذكر ما تيسر من آيات الذكر الحكيم لعل من يقرؤها يعود إلى الرشد ويتقى الله فى علاه فيجعل له مخرجا، ومن آياته سبحانه وتعالى «قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير»، وقوله أيضاً «فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذى كنا نعمل، قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون» وتختتم المحكمة أسباب حكمها بقوله تعالى «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.