يتزاحم الزوار، مع أضواء تزين الحارة الضيقة ذات الأجواء الروحانية المميزة في شهر رمضان، يجلس البعض على المقاهي التي تراصت على ضفتي الحارة، وآخرون يهتمون بخطف لحظات من الذكريات تكمن في التقاط صور تذكارية داخل الشارع تجمعهم بأصدقائهم، لحيث لم يعد هنا موطئ قدم في "خان الخليلي"، لتزاحم المقبلين عليه مصريين أو أجانب لم يألفوا عادات المصريين في مثل ذلك الوقت من شهر رمضان. ويتخلل الحارة، محلات لبيع الملابس الفلكورية التي تلقى إقبالا كبيرا خاصة مع الأيام الأخيرة لشهر رمضان، علاوة على محلات لبيع التماثيل الصغيرة التي تأخذ طابعا أثريا يليق بذلك الشارع العتيق، فضلا عن مقهى "نجيب محفوظ"، الأكثر شهرة بين مقاهي "خان الخليلي". مصطفى محمود، رجل أربعيني يشارك زميله في إدارة محل لبيع الملابس بالحارة، لم تغب عن ذهنه تلك السهرات الرمضانية، و"قعدة القهاوي"التي لم تختلف بمضي السنوات، واختلاف الأجيال، فهو شاهد عيان على الحارة لمدة 25 عاما، "الحارة دي ماتغيرش فيها غير البلاط وبس". موائد الإفطار، التي تملأ الحارة وقت الإفطار كانت نقطة البداية التي التقط بها محمد، صديق مصطفى، أطراف الحديث منه، فلا يجوز أن يمر عابر سواء كان سائحًا أو غريبًا دون أن يجلس ليشاركهم الأكل، في أجواء رمضانية، ما زالت الحارة متمسكة بها، "كان فيه خواجة معدي وقت الإفطار وشافنا قاعدين راح طلع كاميرته وصورنا، فعزمنا عليه ييجي ياكل معانا، وقعدنا نفهمه يعني إيه شهر رمضان وإننا بنصوم من الشروق للغروب". مصطفى، يعود للحديث مرة أخرى، ليؤكد أن المقاهي في هذه الحارة، يكون لها نشاطا خاصا، حيث تأتي الفرق الغنائية، لتحيي المهرجانات، في ظل الإقبال الشديد والتزاحم من قبل الزوار، على هذه المقاهي، "عمرنا ما ننسى المطربين الكبار اللي كانوا بييجو يغنوا عندنا في ليالي رمضان، وأولهم أحمد عدوية". الزينة التي اعتاد المصريون تعليقها مع الأيام الأولى لشهر رمضان حضرت، والأجواء الروحانية التي يبعثها مسجد "الحسين" لم تغب، غير أن ما أغضب الرجلين العاشقين ل"خان الخليلي"، هو ضعف الإقبال من الزائرين الذين كانوا كالحصا على أرض الحارة، قبل ثورة يناير، "اللي أثرت على الشارع زي ما أثرت على حاجات كتير تاني".