ضبطت الأجهزة الأمنية 5 متهمين جدد من المتورطين فى أحداث قرية «الكرم» التابعة لمركز أبوقرقاص بمحافظة المنيا. وأصدرت وزارة الداخلية، بياناً، أمس الأول، قالت فيه إن المتهمين الخمسة صادر بحقهم قرارات ضبط وإحضار من النيابة العامة، ليرتفع إجمالى من تم إلقاء القبض عليهم، على خلفية الأحداث التى شهدتها القرية يوم الجمعة الماضى إلى 10 متهمين. «نصر»: حصر منازل المتضررين تمهيداً لتعويضهم.. ونشطاء يدشّنون حملات للمطالبة بإقالة المحافظ والقيادات الأمنية وميدانياً، يُخيم الهدوء الحذر على قرية «الكرم»، وسط محاولات من جانب بعض نواب البرلمان، لعقد جلسة صلح بين العائلتين، واحتواء الأزمة، إلا أنها لاقت رفضاً من قبَل العائلة القبطية، فيما توجّه وفد من «بيت العائلة» بالمنيا وملوى، إلى القرية، والتقى الوفد مع رجال الكنيسة، للوفاق والتهدئة بين الطرفين، مع اتخاذ كل الإجراءات القانونية ضد من تثبت إدانته فى الأحداث، كما أوفدت مشيخة الأزهر قافلة تضم 40 من العلماء والدعاة لتهدئة الأوضاع بالقرية. واندلع حريق محدود بمنزل مزارع مسلم، يُدعى «مصطفى عبدالرحيم»، فجر أمس، وتمكن الأهالى من إخماد النيران، دون وقوع إصابات، وتُكثّف إدارة البحث الجنائى جهودها لمعرفة ظروف وملابسات الحريق، فيما أعلنت مديرية أمن المنيا، ضبط خمسة متهمين جدد، وجارٍ تقديمهم إلى النيابة العامة، وتوالى أجهزة البحث الجنائى تكثيف جهودها لضبط باقى المتهمين الهاربين. وقال ميلاد هيلاسلاسى، مؤسس حركة «تقدم» بالمنيا، إن الحركة دشّنت حملة للمطالبة بإقالة المحافظ، لافتاً إلى أن بعض نواب البرلمان كان موقفهم سلبياً، مؤكداً أن أى محاولات لعقد جلسات عرفية فى هذه الأزمة، ستواجه بالرفض الشديد ولن يقبلها أحد، مضيفاً أن القانون يجب أن يأخذ مجراه، وأن يتم توقيع العقوبات على المحرّضين والمخرّبين. وتابع: «مفيش حاجة وصلتنا للوضع ده إلا جلسات الصلح العرفى التى تضع مسكنات وقتية تتلاشى مع مرور الوقت، وسرعان ما تتجدّد الأحداث». واتهم «هيلاسلاسى» المحافظ بالتقصير، وطالب بإقالته والقيادات الأمنية المسئولة. كما دشّن بدر أنور سدراك، مؤسس حركة «كرامة إنسانية»، حملة أخرى تطالب بإقالة محافظ المنيا والقيادات الأمنية، لتقاعسهم عن اتخاذ التدابير الأمنية قبل تطور الأوضاع بالقرية وإنكارهم واقعة تعرية السيدة المسنة. وأضاف أنه رغم قيام رئيس الجمهورية بإصدار بيان تضامنى بشأن الواقعة التى هزّت مشاعر المصريين، على اعتبار أن السيدة العجوز التى تم تجريدها من ملابسها مصرية، فلا يزال المحافظ والأجهزة الأمنية يتفننون فى إنكار وتكذيب الواقعة، بدلاً من العمل على التهدئة، لتجنُّب التداعيات المحتملة. وتابع لو أن الأجهزة تعاملت مع الواقعة بحس أمنى واتخذت التدابير والإجراءات الوقائية وتعاملت بحيادية، لمنعت تطور الأوضاع بهذا الشكل، لأن ما حدث إساءة إلى المحافظ والقيادات الأمنية وإلى أهالى المحافظة بالكامل. من جانبه، أكد اللواء طارق نصر، محافظ المنيا، أنه تم حصر أعداد المنازل المتضرّرة جراء الأحداث، تمهيداً لصرف التعويضات المناسبة للمضارين، مؤكداً أنه يتابع الجهود المبذولة من قبَل الجهات الأمنية لحفظ الأمن بالقرية أولاً بأول، مشيراً إلى أنه التقى إيهاب عادل رمزى، محامى المجنى عليهم، بحضور اللواء رضا طبلية، مدير الأمن، وممثلين من مختلف الجهات الأمنية. وطالب المحافظ الجهات الأمنية بسرعة بذل الجهود لضبط باقى الجناة من مرتكبى الواقعة. وشدّد المحافظ على ضرورة تهدئة الأجواء بالقرية، على ضوء الصلات الطيبة التى تربط بين مسلميها ومسيحييها، وقال إنه من غير المقبول على الإطلاق السماح بانتهاك حرمة الأعراض أو الممتلكات، والجهات القضائية تتولى إجراءات التحقيق، مؤكداً أن جميع المخطئين والمتسببين فى الأحداث المؤسفة الأخيرة سيتم تقديمهم إلى محاكمة عاجلة. فى سياق متصل، قالت منى عمر، مقرر فرع المجلس القومى للمرأة بالمنيا، إن المجلس شكّل لجنة لإعداد تقرير حول الواقعة، وتضم اللجنة مقررة الفرع، ومكتب الشكاوى، وسيتم تنظيم زيارة إلى السيدة، اليوم، للاستماع لما تعرّضت له من اعتداءات، وإعداد تقرير تفصيلى ورفعه إلى المكتب الرئيسى بالقاهرة، لاتخاذ موقف، إلى جانب مطالبة مجلس النواب بتقديم مقترح قانون بتغيير عقوبة التحرّش وهتك العرض وغيرهما من الانتهاكات التى تتعرّض لها المرأة المصرية عموماً. أدى اللواء طارق نصر محافظ المنيا، واللواء رضا طبلية مدير الأمن، صلاة الجمعة، أمس، بمسجد الجمعية الشرعية بقرية الكرم، بحضور نخبة من علماء وأئمة الأزهر الشريف. وعقب انتهاء صلاة الجمعة، وجه محافظ المنيا رسالة للمصلين وأهالى القرية قائلاً: «لا يجوز أن نستقبل شهر رمضان وهناك نفور بين الأشقاء، وهناك غصة بين المسلم وأخيه المسيحى»، فيما قال الشيخ محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن الواقعة غريبة على المجتمع المصرى، والإسلام لا يعترف بالفتن، لأنه دين حضارى يعول على السلوك. وأوفد الأزهر ووزارة الأوقاف، أمس، قافلة دعوية مشتركة مكونة من 40 إماماً وخطيباً إلى قرية «الكرم»، وقال الشيخ محمد زكى، الأمين العام للجنة العليا للدعوة ومقرر لجنة المصالحات بالأزهر، إن «أعضاء القافلة خطبوا فى المساجد وزاروا الأهالى، كما توجهوا إلى الكنيسة وقابلوا المسئولين بها، ودعوا الجميع إلى إعلاء قيم التسامح والرحمة ونبذ العنف والشقاق»، مشيراً إلى أنه «لا توجد فتن طائفية بين أبناء الوطن وإنما هى خلافات تدب بين أبناء الأسرة الواحدة، وبالتالى لا بد من احتوائها وعدم فتح الباب لأى متاجرين بالأحداث، مع تطبيق القانون على كل متجاوز». من جانبه، قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، إن «القافلة تعمل على نزع فتيل الأزمة، وإخماد نيران الفتنة، خصوصاً أن أعداء الوطن يتربصون بنا من كل مكان». فى سياق متصل، حذرت دار الإفتاء، فى بيان لها أمس، من «خطورة الفتنة الطائفية التى تطل برأسها عبر عدد من الأحداث الإجرامية التى يراد لها أن تأخذ الطابع الطائفى لتكون وقوداً لتنفيذ المخطط الطائفى فى مصر على غرار ما حدث فى العراق وسوريا وغيرها من الدول والمجتمعات التى ضربتها نيران الطائفية، وقضت على نسيجها المجتمعى». من جانبه، أكد القس أرمينا مكرم، عضو بيت العائلة المصرية، أن ما حدث بالقرية لا يقبله دين أو إنسانية، والجميع فى كل مكان يرفض ما حدث، وتابع: «جئنا لنعلن عن المبادئ التى يفترض أن تكون عليها العلاقات الإنسانية، ولم نأتِ لعقد جلسة صلح بين الطرفين، وإنما للمطالبة بمحاسبة المخطئين والمقصرين». وعقد مطارنة وأساقفة الإيبارشيات السبع لمحافظة المنيا، أمس، اجتماعا بمقر مطرانية المنيا وأبوقرقاص، أعلنوا خلاله تضامنهم مع سيدة الكرم، مؤكدين ضرورة الحفاظ على كرامة المواطن المصرى. وأعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رفضها لجلسات الصلح العرفى لاحتواء أزمة قرية الكرم بمحافظة المنيا، وطالبت الكنيسة الرئيس عبدالفتاح السيسى الاهتمام بالمنيا، مشيرة إلى أنه «بقدر أهميتها، فإنها تمثل خطورة بالغة».. ووجه الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا وأبوقرقاص، رسالة إلى الرئيس شكره خلالها على تدخله فى الوقت المناسب فى أزمة قرية الكرم، وتأكيده على كرامة المواطن المصرى، وضرورة إعمال القانون ومحاسبة المتسببين، مما كان له عظيم الأثر فى قلوب الجميع. وقال الأنبا مكاريوس فى رسالته للرئيس: «سيادة الرئيس، محافظة المنيا وهى من أهم محافظات القطر، والتى كانت فى وقت ما مركز الحكم فى مصر، يقطنها الآن ستة ملايين مصرى منهم مليونان من الأقباط، وإليها ينتمى الكثير من العظماء فى كافة المجالات، وهى ثانى أكبر المناطق الأثرية فى مصر بعد الأقصر، وبها أعظم ثروة محجرية فى العالم». وتابع مكاريوس: «هذه المحافظة تعانى من العديد من المشاكل، وبقدر أهميتها وعظمتها فهى تمثل خطورة بالغة، طالما يستمر تجاهلها من الحكومات المتعاقبة، كما هو حدث على مدار عقود من الزمن. سيادة الرئيس.. المنيا تحتاج إلى إعادة نظر، وإلى متابعة شخصية من سيادتكم.. عاشت مصر، وعشت أنت للمصريين». وأكد «مكاريوس»، فى بيان له، على رفض الكنيسة رفضاً باتاً تحويل قضية الكرم إلى جلسات الصلح وتطييب الخواطر قبل قيام أجهزة الدولة بدورها فى محاسبة المتسببين الحقيقيين، وبعد ذلك يأتى البعد المجتمعى، كما ترفض متاجرة البعض بالقضية والبحث عن أدوار والصعود على الأحداث والبحث عن بطولات على أشلاء المتألمين. وأضاف الأنبا مكاريوس أن طريقة الملاطفة وحلو الكلام أفسدت جميع القضايا وأوجدت الفرصة للمسئولين للهروب من المواجهة والقيام بمسئولياتهم وجعلت من كل كارثة مقدمة لكارثة أكبر فى زمن قصير.